البث المباشر
شي وماكرون يلتقيان الصحافة بشكل مشترك "مساواة" تطلق رؤية رقمية لتمكين الحرفيات العربيات من قلب المغرب غرف الصناعة تهنىء بفوز "الصناعة والتجارة والتموين" بجائزة أفضل وزارة عربية المنطقة العسكرية الشمالية تحبط محاولة تسلل على إحدى واجهاتها الحدودية المنطقة العسكرية الجنوبية تحبط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرة مسيرة الجيش يطبق قواعد الاشتباك ويُحبط محاولة تسلل ندوة في اتحاد الكتّاب الأردنيين تعاين ظاهرة العنف ضد المرأة وتطرح رؤى وسياسات جديدة لحمايتها بيان صادر عن المؤسسة العامة للغذاء والدواء الأرصاد تحذر: تقلبات في الطقس نهاية الأسبوع.. التفاصيل استقرار أسعار الذهب عالميا أجواء لطيفة اليوم وغير مستقرة غدا مؤتمر قادة الشرطة والأمن العرب يدعو إلى تحديث تشريعات مكافحة المخدرات التصنيعية الفيصلي يفوز على الرمثا ويبتعد بصدارة الدرع جريدة الأنباط … ذاكرة وطن وصوت الحقيقة الأرصاد العالمية: العام الماضي كان الأكثر حرارة على الإطلاق في الوطن العربي الاتحاد الأردني للكراتيه يكرّم المهندس أمجد عطية تقديرًا لدعم شركة محمد حسين عطية وشركاه لمسيرة اللعبة جنوب إفريقيا تنظم فعالية للترويج للمجلد الخامس من كتاب "شي جين بينغ: حوكمة الصين" العيسوي ينقل تمنيات الملك وولي العهد للنائب الخلايلة والمهندس الطراونة بالشفاء الشواربة يتسلم جائزة أفضل مدير بلدية في المدن العربية ضمن جائزة التميز الحكومي العربي 2025 شركة زين تطلق دليل إمكانية الوصول الشامل لتهيئة مبانيها ومرافقها للأشخاص ذوي الإعاقة

التحولات الاجتماعية والسياسية في رواية "جبل التاج"

التحولات الاجتماعية والسياسية في رواية جبل التاج
الأنباط -

فواز الخلايلة

تعتبر رواية جبل التاج للروائي مصطفى القرنة من الأعمال الأدبية المهمة التي تتناول التحولات الاجتماعية والسياسية في فترة مفصلية من تاريخ الشرق الأوسط، وتحديدًا في فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى، حين كانت منطقة الشام تمر بتغيرات عميقة في بنية السلطة والنظام الاجتماعي. تجسد الرواية التوترات السياسية التي نشأت بعد انهيار الدولة العثمانية وصعود القوى الاستعمارية، مستعرضة تأثير هذه التحولات على حياة الأفراد والمجتمعات.

تدور أحداث جبل التاج في بيئة ريفية عميقة في الأراضي الأردنية، حيث يُرصد التغيير في بنية المجتمع بشكل دقيق. المجتمع في الرواية يواجه صراعًا بين القديم والجديد، بين القيم التقليدية التي كانت تحكمه طوال فترة العهد العثماني، وبين التحديات الاجتماعية والسياسية التي فرضتها الهيمنة الاستعمارية.

أحد أبرز الرموز الاجتماعية في الرواية هو حسن الطنبور، الشخصية القادمة من القدس بعد هزيمة العثمانيين. يتمثل حسن في جيل قديم يتسم بالثبات والتمسك بالعادات والتقاليد، في مقابل فارس الذي يعمل لصالح العثمانيين ويمثل الجيل الذي يساند السلطة القديمة ويسعى للمحافظة على النظام الذي كان قائمًا. عبر هذه الشخصيات، يظهر الصراع الاجتماعي بين الأجيال التي تشهد التحول التدريجي في القيم والأيديولوجيات.

من خلال الشخصيات الأخرى مثل جمشيد الذي يعمل مع الإنجليز ويوسف وزوجته، تتضح التباينات الطبقية والاجتماعية بين الأفراد الذين يمثلون هذا المجتمع ، حيث تتكشف التحديات اليومية للمواطنين العاديين الذين يتعاملون مع القوى الأجنبية بأساليب مختلفة، سواء عبر التكيف أو المقاومة.

 أما على مستوى التحولات السياسية، فترصد الرواية آثار انهيار الدولة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى، والتي شكلت بداية مرحلة جديدة من الهيمنة الاستعمارية في المنطقة. وينقل الكاتب عبر شخصياته تلك الفترة الفارقة التي شهدت انقسامًا بين ولاءات متعددة: الولاء للإمبراطورية العثمانية التي انهارت، والولاء للإنجليز الذين دخلوا المنطقة بقوة.

تُظهر شخصية جمشيد، الذي يعمل مع الإنجليز، التغيرات السياسية التي فرضتها القوى الاستعمارية، وخصوصًا تأثيرات اتفاقيات سايكس-بيكو. أما فارس، فيمثّل الصراع مع الإنجليز ومحاولات الاستمرار في النظام الذي كان سائدًا. من خلال هذه الشخصيات، يقدم الروائي صورة عميقة للتنافس بين القوى الكبرى في المنطقة.

إحدى اللحظات السياسية المفصلية في الرواية هي صورة سكة حديد الحجاز، التي كانت مشروعًا عثمانيًا كبيرًا، ورمزًا للهيمنة العثمانية في المنطقة. يصف الكاتب كيف أن هذا المشروع الذي بدأ بنجاح أصبح جزءًا من الصراع السياسي بعد هزيمة العثمانيين، مما يعكس التغيرات السياسية التي طرأت على المنطقة.

يمثل جبل التاج في الرواية رمزًا للتغيرات الاجتماعية والسياسية التي تشهدها المنطقة. الجبل، الذي يطل على المنطقة ويوفر منظورًا شاملاً، يُستخدم للتعبير عن الثبات في مواجهة التغيير، بينما تُظهر الحكايات والشخصيات كيفية التكيف أو المقاومة للتغيرات الحاصلة.

أما وادي الرمم والجسور العشرة، فهما من التفاصيل الرمزية التي تشير إلى العوائق والتحديات التي تواجه الأفراد والمجتمعات في محاولاتها للتغيير. تعكس هذه التفاصيل الطبيعة الصعبة للصراع الاجتماعي والسياسي، وكيف أن التحديات تكون جزءًا من الطريق نحو التغيير أو الانهيار.

رواية جبل التاج هي عمل أدبي يتناول بذكاء التحولات الاجتماعية والسياسية التي عاشتها منطقة الشام في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى. عبر شخصياتها المتعددة وصراعاتها المعقدة، يقدم مصطفى القرنة صورة حية لتأثيرات انهيار الإمبراطوريات القديمة وصعود القوى الاستعمارية. تتجلى قوة الرواية في قدرتها على ربط الشخصيات بتفاصيل تاريخية دقيقة، ما يعزز من فهم القارئ لتلك الحقبة المعقدة وما خلفته من تحولات عميقة في المجتمع والسياسة.
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير