الأنباط -
بعد صعود الدرج المغطى بالسجاد، مرورا بأربعة طوابق، يمكننا الدخول إلى قاعة تحتضن أقدم مخطوطة للقرآن الكريم عثر عليها في الصين في مسجد "جيهتسي" بمحافظة شيونهوا ذاتية الحكم لقومية سالار في مقاطعة تشينغهاي بشمال غربي الصين.
خلع هان يي سي ها، مدير لجنة إدارة المسجد، حذاءه بعد دخول القاعة، ثم أضاء الأنوار برفق. توجد في وسط القاعة خزانة زجاجية، عُرضت فيها صفحتان من ورق البرشمان الأبيض الكريمي من المخطوطة القرآنية، بينما تحفظ بقية الصفحات في غلاف بني مصنوع من جلد الجمل. رغم أن حواف المخطوطة قد تآكلت مع مرور الوقت، إلا أن الخط العربي بقي بألوانه الزاهية بشكل جميل وأنيق.
وقال هان: "هذه هي أقدم مخطوطة للقرآن الكريم عُثر عليها في الصين، والتي تُعد واحدة من أقدم المخطوطات القرآنية في العالم أيضا. إنها لا تشهد على تاريخ قومية سالار فحسب، بل تشهد أيضا على تاريخ التبادل الثقافي بين الصين وآسيا الوسطى ومنطقة الشرق الأوسط".
ووفقا للدراسات، فإن أهل قومية سالار هاجروا شرقا من آسيا الوسطى منذ حوالي 700 عام، واستقروا في محافظة شيونهوا.
وقال هان إن هذه المخطوطة القرآنية كُتبت في الفترة ما بين القرنين الثامن والثالث عشر الميلاديين، وتُعد واحدة من ثلاث مخطوطات فقط من هذا النوع الموجودة في العالم حتى الآن. وأضاف هان أن المخطوطة كانت محفوظة في الماضي في خزنة المسجد، ولكن مع زيادة الوعي بأهمية حماية الآثار الثقافية، تم نقلها إلى قاعة خاصة للعرض والحفظ، وأصبحت ظروف الحماية أفضل بكثير مما كانت عليه سابقا.
ومنذ عام 2007، خصصت الحكومة الصينية أموالا لترميم النسخة المخطوطة للقرآن الكريم في محافظة شيونهوا، ووفرت خزانة زجاجية مزودة بنظام تحكم في نسبة الأكسجين ودرجة الحرارة والرطوبة لحفظ المخطوطة بشكل أفضل. وفي عام 2009، تم بناء قاعة عرض خاصة للمخطوطة بتمويل من السكان المحليين.
وقال هان قوه لونغ، قروي من بلدة جيهتسي بمحافظة شيونهوا: "جئت مع أقاربي لرؤية المخطوطة القرآنية، فهي ليست فقط جوهرة لقومية سالار، بل تعد أيضا تحفة ثقافية تاريخية للوطن. عندما رأيتها، شعرت باندهاش عميق".
وفي الخزائن المحيطة بالخزانة الزجاجية، توجد نسخ أخرى من القرآن الكريم مكتوبة بخط اليد أو مطبوعة لاحقا في المحافظة، بعضها يُظهر سمات الخط الصيني التقليدي.
كما أشار الخبراء إلى أن مخطوطة القرآن الكريم تشهد على تاريخ التفاعل والتكامل والتنمية المشتركة بين مختلف ثقافات القوميات في الصين، وتحتوي على معلومات تاريخية وثقافية غنية، وتعتبر كنزا أكاديميا نفيسا.
وفي عام 2009، أُدرجت هذه النسخة من القرآن الكريم في قائمة "المصنفات القديمة النفيسة الوطنية". وقال هان يي سي ها: "تعد حماية مخطوطة القرآن الكريم عملا عظيما لثقافة قومية سالار الصينية، كما هو أمر عظيم للعالم".
المصدر :وكالة شينخوا