قالت محكمة العدل الدولية إن وجود إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني ودعت إلى إنهائه ووقف بناء المستوطنات على الفور، وأصدرت إدانة غير مسبوقة وشاملة للاحتلال، ومن جهة أخرى صوّت الكنيست الإسرائيلي بالأغلبية على مشروع قرار يرفض إقامة دولة فلسطينية غرب نهر الأردن باعتبار أن مثل هذه الدولة ستشكل خطراً وجودياً على دولة إسرائيل ومواطنيها بحسب نص القرار، هذان نصان لقرارين متناقضين الأول تقوله منظمة أممية والثاني تصدره قوة محتلة، والسؤال أي القرارين يمكن تنفيذه؟
ليس من الصعوبة الإجابة على هذا السؤال فقد أصدرت محكمة العدل الدولية قراراً سابقاً في العام 2004 يتعلق بالجدار العازل، واعتبرته ينتهك القانون الدولي ودعت إسرائيل إلى هدمه وتعويض السكان، ومنذ ذلك الوقت بقي الجدار والاحتلال ولم يعوض أحد، واصطف القرار إلى جانب عشرات القرارات الأممية التي لا تجد طريقها للتنفيذ، أما قرارات الكنيست فقد أصدرت هذه الأخيرة قرارات بضم القدس والجولان واستمرار الاحتلال وكل هذه القرارات طبقت بحذافيرها رغم أنف المجتمع الدولي وكل قراراته منذ التقسيم في العام 1947 وحتى الآن، بالتالي فمن المجازفة تعليق آمال كبيرة على القرارات الأممية ما لم تكن هناك قوة جادة قادرة على مساندتها، والقوة الوحيدة القادرة على التأثير هي الولايات المتحدة وهذه لم تتخلَ أبداً عن دعم الموقف الإسرائيلي في أي زمن، والآن ونحن على أعتاب دونالد ترامب فإن القرار الأول المتوقع هو معاقبة محكمة العدل الدولية وكذلك الجنايات الدولية.
بالتالي فإن التعويل كثيراً على مثل هذه القرارات ليس أمراً مثمراً في الوقت الحاضر، رغم أهميتها الشديدة كمرجعيّة قانونية يمكن الاستناد إليها في لحظة قوة عادلة ما يزال العالم في انتظارها، ومرد ذلك إلى أن (إسرائيل) هي مشروع محكم الصياغة يجيد استخدام الأدوات المتوفرة لديه ببراعة، فمنذ انطلاقه وبناء أول مستعمرة صهيونية في فلسطين في العام 1978م (بتاح تكفا) لم نعرف عن هذا المشروع سوى التقدم للأمام برغم المحاولات المستميتة لإيقافه، إلا أنه استمرّ في التطور إلى أن انتزع قرار إنشاء الدولة في العام 1947 بقرار دولي، ومنذ ذلك الحين استمرّ بالتقدم باستثناء بعض الانتكاسات أهمها التنازل عن سيناء والتنازل عن بعض أراضي الضفة الغربية، والتي سرعان ما تراجع عنها وبدأ بفرض إجراءات على الأرض تجعل من المستحيل تجاوزها في المستقبل، مما يثبت أنه سائر في مخطط يهدف إلى قطع الطريق على أي فرصة لتحقيق الحلم الفلسطيني.
وإن اعتُبر تصويت الكنيست قراراً وليس قانوناً كما هو الحال بالنسبة لقانون القدس في العام 1980 ولا قانون ضم الجولان عام 1981، إلا أنه مهم من الناحية الإستراتيجية لأنه يفضح التوجهات المستقبلية لدولة الاحتلال بالذات إن من طرح مشروع القرار ليس اليمين المتطرف بل المسمى معتدلاً، وهذا يمثل صفعة باتجاهين للمعتدلين العرب الذين راهنوا على هذا اليمين، وللمحاربين العرب الذين لم تثمر خطواتهم التصعيدية حتى الآن، وربما يحاجج البعض أن قرار وجود فلسطين من عدمه هو في عهدة المجموعة الدولية، وهذا صحيح لكن كل هؤلاء لم يستطيعوا ترجمة عشرات القرارات الدولية السابقة والتي بات الغبار يعلوها برغم كل التضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني في سبيل تحقيق بعضها.
لذلك يبدو من الأجدى النظر إلى هذا القرار واستثماره بطريقة مختلفة وغير تقليدية تستمد كنهها من القواعد التي قامت عليها عملية السلام بين إسرائيل والدول العربية والتي اتكأت جميعها على مبادلة الأرض بالسلام والاعتراف بحق الفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة، بالتالي فإن نسف هذه القاعد ينسف بالضرورة الركن الأساسي الذي قامت عليه بقية الاتفاقيات، لأن الحروب وجولات السلام العربية مع هذه الدولة لم تكن لأجل أراضي تلك الدُول بل كانت لأجل فلسطين، وعندما تسقط فلسطين من معادلة الصراع فإن ذلك يسقط كل شيء، بالتالي فإن مجرد التلويح الجماعي بأن هذه الاتفاقيات ستكون باطلة في حال استمرار هذا التوجه الإسرائيلي سيكون له تأثير كبير ليس لمصلحة الفلسطينيين بل لمصلحة تلك الدول، لأن إسرائيل تتجه لأن تكون شرطي المنطقة وبعد قليل ستهدد سيادة جميع الدول العربية وستمارس العنجهية والتغول عليها واحدة تلو الأخرى، وفي ذلك الوقت، والذي بات قريباً جداً، سنغض الطرف عن مستقبل فلسطين وسنبدأ بالتفكير بمستقبل كل دولة واستقرارها وتلك طامّة كبرى.
ليس من الصعوبة الإجابة على هذا السؤال فقد أصدرت محكمة العدل الدولية قراراً سابقاً في العام 2004 يتعلق بالجدار العازل، واعتبرته ينتهك القانون الدولي ودعت إسرائيل إلى هدمه وتعويض السكان، ومنذ ذلك الوقت بقي الجدار والاحتلال ولم يعوض أحد، واصطف القرار إلى جانب عشرات القرارات الأممية التي لا تجد طريقها للتنفيذ، أما قرارات الكنيست فقد أصدرت هذه الأخيرة قرارات بضم القدس والجولان واستمرار الاحتلال وكل هذه القرارات طبقت بحذافيرها رغم أنف المجتمع الدولي وكل قراراته منذ التقسيم في العام 1947 وحتى الآن، بالتالي فمن المجازفة تعليق آمال كبيرة على القرارات الأممية ما لم تكن هناك قوة جادة قادرة على مساندتها، والقوة الوحيدة القادرة على التأثير هي الولايات المتحدة وهذه لم تتخلَ أبداً عن دعم الموقف الإسرائيلي في أي زمن، والآن ونحن على أعتاب دونالد ترامب فإن القرار الأول المتوقع هو معاقبة محكمة العدل الدولية وكذلك الجنايات الدولية.
بالتالي فإن التعويل كثيراً على مثل هذه القرارات ليس أمراً مثمراً في الوقت الحاضر، رغم أهميتها الشديدة كمرجعيّة قانونية يمكن الاستناد إليها في لحظة قوة عادلة ما يزال العالم في انتظارها، ومرد ذلك إلى أن (إسرائيل) هي مشروع محكم الصياغة يجيد استخدام الأدوات المتوفرة لديه ببراعة، فمنذ انطلاقه وبناء أول مستعمرة صهيونية في فلسطين في العام 1978م (بتاح تكفا) لم نعرف عن هذا المشروع سوى التقدم للأمام برغم المحاولات المستميتة لإيقافه، إلا أنه استمرّ في التطور إلى أن انتزع قرار إنشاء الدولة في العام 1947 بقرار دولي، ومنذ ذلك الحين استمرّ بالتقدم باستثناء بعض الانتكاسات أهمها التنازل عن سيناء والتنازل عن بعض أراضي الضفة الغربية، والتي سرعان ما تراجع عنها وبدأ بفرض إجراءات على الأرض تجعل من المستحيل تجاوزها في المستقبل، مما يثبت أنه سائر في مخطط يهدف إلى قطع الطريق على أي فرصة لتحقيق الحلم الفلسطيني.
وإن اعتُبر تصويت الكنيست قراراً وليس قانوناً كما هو الحال بالنسبة لقانون القدس في العام 1980 ولا قانون ضم الجولان عام 1981، إلا أنه مهم من الناحية الإستراتيجية لأنه يفضح التوجهات المستقبلية لدولة الاحتلال بالذات إن من طرح مشروع القرار ليس اليمين المتطرف بل المسمى معتدلاً، وهذا يمثل صفعة باتجاهين للمعتدلين العرب الذين راهنوا على هذا اليمين، وللمحاربين العرب الذين لم تثمر خطواتهم التصعيدية حتى الآن، وربما يحاجج البعض أن قرار وجود فلسطين من عدمه هو في عهدة المجموعة الدولية، وهذا صحيح لكن كل هؤلاء لم يستطيعوا ترجمة عشرات القرارات الدولية السابقة والتي بات الغبار يعلوها برغم كل التضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني في سبيل تحقيق بعضها.
لذلك يبدو من الأجدى النظر إلى هذا القرار واستثماره بطريقة مختلفة وغير تقليدية تستمد كنهها من القواعد التي قامت عليها عملية السلام بين إسرائيل والدول العربية والتي اتكأت جميعها على مبادلة الأرض بالسلام والاعتراف بحق الفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة، بالتالي فإن نسف هذه القاعد ينسف بالضرورة الركن الأساسي الذي قامت عليه بقية الاتفاقيات، لأن الحروب وجولات السلام العربية مع هذه الدولة لم تكن لأجل أراضي تلك الدُول بل كانت لأجل فلسطين، وعندما تسقط فلسطين من معادلة الصراع فإن ذلك يسقط كل شيء، بالتالي فإن مجرد التلويح الجماعي بأن هذه الاتفاقيات ستكون باطلة في حال استمرار هذا التوجه الإسرائيلي سيكون له تأثير كبير ليس لمصلحة الفلسطينيين بل لمصلحة تلك الدول، لأن إسرائيل تتجه لأن تكون شرطي المنطقة وبعد قليل ستهدد سيادة جميع الدول العربية وستمارس العنجهية والتغول عليها واحدة تلو الأخرى، وفي ذلك الوقت، والذي بات قريباً جداً، سنغض الطرف عن مستقبل فلسطين وسنبدأ بالتفكير بمستقبل كل دولة واستقرارها وتلك طامّة كبرى.