الأنباط -
عايش: الصحة المالية للأردنيين تتراجع وكلفة التوتر والازمات مرتفعة
البطوش: التصدي للتأثيرات النفسية للأزمات يتطلب جهدا مشتركا
الأنباط – يارا بادوسي
يعتبر القلق والتوتر من أكثر ردود الفعل النفسية شيوعًا خلال تعرض الأفراد للأزمات الاقتصادية المتكررة وتؤدي الضغوطات المالية إلى الشعور بالحزن واليأس وفقدان الأمل، مما قد يُفضي إلى الاكتئاب، وهو مرض نفسي خطير يؤثر على جميع جوانب حياة الفرد، ويشعرهم بالغضب والعدوانية تجاه الآخرين بسبب إحساسهم بالعجز والإحباط، وتقلل من قدرتهم على التركيز والانتباه، مما قد يعيق أداء الفرد في العمل أو الدراسة.
وتسبب الأزمات الإقتصادية توترات في العلاقات مع العائلة والأصدقاء، و تصل إلى تفككها في بعض الأحيان فيما بعض الأفراد يلجأون إلى تعاطي المخدرات والكحول لمواجهة مشاعرهم السلبية، وفي الحالات الشديدة، تؤدي إلى أفكار انتحارية.
وأكدت الاستشارية النفسية الأسرية والتربوية حنين البطوش أن التصدي للتأثيرات النفسية للأزمات الاقتصادية المتكررة يتطلب جهدا مشتركا من الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص باتخاذ تدابير اجتماعية وصحية مناسبة، وتفعيل دور الفرد الفاعل في طلب المساعدة والحفاظ على نمط حياة صحي، يمكن الأفراد من التخفيف من معاناتهم وتعزيز قدرتهم على الصمود في وجه التحديات.
وبينت أنه ينبغي على الحكومات والمنظمات غير الحكومية توفير برامج الدعم الاجتماعي للمتضررين من الأزمات الاقتصادية تتضمن برامج تقديم المساعدات المالية أو خدمات الإرشاد النفسي أو برامج إعادة التأهيل المهني والخدمات الصحية النفسية ومن الضروري ضمان توفير خدمات الصحة النفسية بأسعار معقولة، بما في ذلك العلاج الفردي أو الجماعي أو الأدوية.
وأضافت من المهم رفع مستوى الوعي حول الصحة النفسية وتأثيرات الأزمات الاقتصادية عليها وتحقيق مستويات عالية من الوعي من خلال حملات توعية وبرامج تثقيفية في المدارس وأماكن العمل، علاوة على ذلك، توفير برامج تعليم مهارات التأقلم للأفراد لمساعدتهم على التعامل مع الضغوطات النفسية كـ تقنيات الاسترخاء، وحل المشكلات، وإدارة الغضب. ومن خلال هذه الإجراءات المتكاملة، يمكن التخفيف من تأثير الأزمات على الصحة النفسية للأفراد والمجتمع بشكل عام.
وفي السياق قال الخبير الاقتصادي حسام عايش أن الأزمات الاقتصادية تؤدي إلى تأثيرات سلبية مثل التوتر والاكتئاب والشعور بفقدان الأمان المالي والمعيشي والمستقبلي، مما يزيد من التوتر المستمر لدى الأفراد.
وبين أن الكلفة للتوتر عالية جدا، و تقدر في بعض الدراسات بعشرات مليارات الدولارات الأمر الذي يؤثر على الاقتصاد والعملية الإنتاجية في أي بلد، والاستقرار المالي يرتبط ارتباطا كاملا بالصحة المالية وأي خلل فيه يؤثر على صحة الأفراد المالية ويغرضها للخطر .
وأوضح أن إمكانيات إدارة الأموال حاليا ومستقبلا معرضة لمخاطر كبيرة تشتمل الادخار وسداد الالتزامات والتحوط للحالات الطارئة، ما يؤدي إلى شعور الأفراد والأسر بالصدمة والأزمة والتوتر، وهو ما ينعكس على العلاقات بين أفراد الأسرة.
وأضاف أن التوترات الاجتماعية والاضطرابات بين المواطنين غالبا ما تكون متعلقة بالأزمات المتكررة والتي تعطي نتائج اجتماعية سلبية على الأفراد ، مبينا أن الأزمات المتواصلة مثل العدوان "الإسرائيلي" على غزة بتداعياته على الأوضاع الاقتصادية في قطاعات عدة كالسياحة وتأثيره على معدلات النمو والبطالة والفقر، أثر على معدلات دخل الأفراد، والحرب الروسية الأوكرانية بتداعياتها أثرت أيضا على أسعار الطاقة والمواد الغذائية الأساسية وإلى ارتفاع الأسعار والكلف و معدلات التضخم وأسعار الفائدة، ما أسهم في زيادة الضغوطات على الأفراد خاصة في ظل ثبات الدخول الشهرية بما لا يتناسب مع الارتفاع الهائل في الأسعار.
وشدد على ضرورة العمل على ما يسمى بالنمو الرفيق بالناس، الذي يوفر فرص عمل ونمو مستدام وزيادة معدلات الدخل. وهذا النمو الاحتوائي يقلل الفجوات بين الأجيال ويحسن الأداء الاقتصادي، ما يؤدي إلى استقطاب المزيد من الاستثمارات المفيدة للمجتمع ، مضيفا أن الأمان المالي على الصعيد الشخصي يحتاج إلى خطط وبرامج وإدارة رشيدة ومستدامة.
وتابع عايش أن مقولة "اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب" لم تعد صالحة أو آمنة للاستقرار ويجب على الحكومات إعادة دراسة المنظومة الضريبية وتوفير حزم اجتماعية لرعاية الناس الأقل دخلاً أو حظاً في التعليم أو فرص العمل ومراجعة الحد الأدنى للأجور وربط زيادات العاملين بمعدلات التضخم أو بمؤشرات أخرى تساعد على تحسين معدلات الدخل كما أن المواطنين مطالبون بالإنفاق بقدر ما يوفر لهم حدًا معقولًا من الأمان المالي، ويمكنهم تأجيل بعض الاستحقاقات وإعادة تدوير النفقات لتقليل الفجوات المالية.
واضاف أن الصحة المالية للأردنيين تتراجع، حيث بلغ معدل الرواتب في الأردن حوالي 570-580 دينار ومعدل إنفاق الأسرة الأردنية بلغ 12,519 وهو يزيد عن معدل دخلها البالغ 11,512 دينار، مما يؤدي إلى فجوة دائمة بين الدخل والإنفاق، ويؤثر على الأمان، ويجب على الأسر والأفراد إعادة تنظيم إنفاق دخلهم والتخلص من عادات الإنفاق السيئة، وعلى الحكومة مراجعة المنظومة الاقتصادية والمالية والضريبية ومنظومة الأجور لتحسين دخول الناس
وأكد على ضرورة السعي لخطط الأمن الغذائي وتوفير المخزونات الاستراتيجية من الطاقة والغذاء لـ مواجهة التغيرات الاقتصادية المحلية والعالمية، ودفع الاستقرار المالي وبالتالي تحسين الصحة النفسية والمالية والاجتماعية والاقتصادية للأفراد.