بقلم المهندس عمر القريوتي
من المعروف أن الصناعات الأردنية تمتاز بجودتها العالية، فضلا عن تنوعها الكبير ما بين السلع والخدمات لتشمل البوتاس والفوسفات والكيماويات، والأسمدة والمبيدات الحشرية، والأدوية، والدهانات، الفواكة والخضار الطازجة والمبردة، الشوكولاتة والبهارات، الألبان، الأملاح ومنتجات الحر الميت ومستحضرات العناية بالبشرة، ، إضافة إلى المنسوجات والأقمشة والأثاث،، وصناعات التعبئة والتغليف، ناهيك عن الصناعات الإبداعية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وغيرها.
وفي نظرة سريعة إلى أعلى المنتجات تصديرا وأكثر الدول التي نصدر لها، فإن هناك سلعًا خمسةً تستحوذ على حوالي 53% من إجمالي الصادرات الوطنية؛ تتركز في مجموعة الألبسة بنسبة 16%، والبوتاس والفوسفات الخام بنسبة 15 %، والأسمدة بنسبة 12%، والمجوهرات والأحجار الكريمة واللؤلؤ بنسبة 10% . أما بالنسبة للدول التي نصدر لها فتستحوذ 5 دول فقط على ما نسبته 61% من إجمالي الصادرات الوطنية رغم وصول المنتجات الأردنية لأكثر من 149 دولة، أبرزها الولايات المتحدة الأميركية بنسبة 24%، والهند بنسبة 14.8%، والسعودية بنسبة 11.9 %، والعراق بنسبة 7.7 %، وهذا يشير إلى أهمية وصول الصادرات إلى أسواق جديدة.
وبحسب دراسات مركز التجارة الدولية فقد تم تقدير إجمالي الفرص التصديرية غير المستغلة للمنتجات الأردنية بحوالي 6.6 مليار دولار من مختلف المنتجات وإلى مختلف دول العالم، في ظل نفس الحجم من العمليات التصنيعية والاستثمار الحالي، والتي يمكن في حال استغلال هذه الفرص ضمان التنوع السلعي والجغرافي المطلوب للصادرات الوطنية، حيث تضاف قيمتها إلى قيمة الاقتصاد الوطني بحيث تنعكس بشكل مباشر على القيمة المضافة التي توفرها هذه العمليات الإنتاجية وبالتالي تحقق النمو الاقتصادي المنشود.
ولا يخفى على أحد أن الأردن يرتبط بعلاقات اقتصادية مميزة مع مختلف دول العالم، فضلا عن الاتفاقيات الثنائية والجماعية للتجارة الحرة التي قام بتوقيعها، وفي مقدمتها الانضمام لمنظمة التجارة العالمية وتحرير التجارة مع الولايات المتحدة وكندا، والشراكة الأوروبية واتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى، واتفاقيات أخرى ثنائية مع عدة دول.
وتتصدر دول منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، قائمة الشركاء التجاريين والتكتلات الاقتصادية منذ بداية عام 2023، حيث بلغت قيمة الصادرات الوطنية إلى دول منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى ما يقارب 3،078 مليار دينار أردني في عام 2023 ، بارتفاع قدره 12.4% عن العام السابق .
وتصدرت المملكة العربية السعودية سلم الصادرات الأردنية إلى دول منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، حيث بلغت قيمة الصادرات الوطنية إلى السعودية ما يقارب 984 مليون دينار أردني بارتفاع مقداره 17.1 % عن العام السابق . وتعتبر السعودية ومعها العراق والإمارات من أهم الشركاء التجاريين في التصدير للأردن في المنطقة العربية.
وقد نمت الصادرات الأردنية خلال العشرين سنة الماضية من ما يقارب 3 مليار دينار أردني في عام 2004 إلى إلى 8.939 مليار دينار اردني في العام 2023 (بوتيرة 3 أضعاف تقريبا). إلا أن زيادة وتيرة نمو الصادرات الوطنية خلال الفترة المقبلة ووصولها إلى أسواق جديدة يتطلب تنفيذ العديد من المبادرات والخطط وتقليل تكلفة الإنتاج والتصدير، وعكسها على أرض الواقع بشكل ممنهج ومرن.
وسعيًا لتحقيق هذه الزيادة، فقد تم إطلاق منصةالتصدير الأردنية (Jordan Export Portal – JEP) www.jordanexportportal.gov.jo العام الماضي، وهي منصة إلكترونية تديرها وتقوم بإثراء محتواها شركة بيت التصدير، تأسست هذه المنصة لغايات تنسيق أنشطة التصدير الوطنية،تجمع ما بين القطاعين العام والخاص. وهي منصة شاملة تعمل على توفير معلومات عن الأسواق العربية والإقليمية والعالمية، وتوفيرها للشركات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة لزيادة معرفة هذه الشركات عن هذه الأسواق؛ من خلال توفير دراسات متنوعة عن الأسواق الإقليمية والعالمية المختلفة واستراتيجيات التصدير العالمية واتفاقيات التجارة الحرة بين الأردن ومختلف دول العالم، وتعد معظم هذه الدراسات والمعلومات متاحة بالمجان للمسجلين -مجانًا- على هذه المنصة من الشركات والمصانع ورجال الأعمال.كما تقوم شركة بيت التصدير بتحديث البيانات لهذه الدراسات وبصورة مستمرة، بالإضافة إلى نشر عدد من الدراسات والأبحاث بشكل دوري على المنصة لتمكين الشركات الأردنية من زيادة القدرة التنافسية للصادرات من خلال الوصول إلى المعلومات من مصادرها العالمية والموثوقة. .
كما تقدم شركة بيت التصدير للمصدرين الأردنيين جملة من الحلول والخدمات الأخرى التي تشمل تقديم تقرير موجز يتضمن تحديد أفضل 3 أسواق تصديرية تناسب منتجات الشركة، وقائمة مكونة من 3 مشترين محتملين لهذه المنتجات. كما تنفذ أيضا برنامج "تسريع الصادرات" الذي أطلقته وزارة الصناعة والتجارة والتموين مؤخرًا، حيث يعمل هذا البرنامج على مساعدة المنشات الصناعية الصغيرة والمتوسطة في الحصول على المعلومات اللازمة عن الأسواق المستهدفة و تمكينها من دخول هذه الأسواق من خلال رفع جاهزيتها التصديرية وزيادة تنافسيتها، بالإضافة إلى صندوق دعم وتطوير الصناعة، وتقييم الجاهزية للتصدير، وتنظيم المشاركة الأردنية في البعثات التجارية الداخلية والخارجية، وتوفير معلومات تمويل الصادرات، ومعلومات سوق التصدير والتي توفر الدراسات السوقية والقطاعية، والأسواق التي يجب استكشافها وتقييم مخاطر دخولها، ناهيك عن تحديد أفضل الأدوات اللازمة لمساعدة الشركات في التصدير.
وقد تم تطوير هذه الخدمات من خلال نهج مبتكر لتمكين الشركات الأردنية وتنمية قدراتها، وتسريع نمو الصادرات وزيادة حجمها، وبناء جسور التواصل بين الأردن ومختلف أنحاء دول العالم، إضافة إلى وجود برامج أخرى تدعم النشاطات التصديرية في المملكة ومنها برنامج USAID للإصلاح الاقتصادي الذي يقدم منحاً ومساعدة تقنية لشركة بيت التصدير على دعم الصادرات الأردنية لترسيخ مكانتها كمزود رئيسي لخدمات التصدير في الأردن.
وبشكل عام، فإن الأردن يمتلك عددا من الفرص التصديرية غير المستغلة نحو العديد من الأسواق العالمية، جاءت ضمن العديد من القطاعات والمنتجات الوطنية، أبرزها صناعات الأسمدة والتي تأتي في مقدمة القطاعات كونها تملك فرصا تصديرية غير مستغلة لمختلف دول العالم، إضافة إلى المنتجات الكيماوية، ومنتجات الألبسة، وصناعة المعادن، والأدوية والمنتجات الصيدلانية، وصناعة المجوهرات والمصنوعات المعدنية، والعديد من المنتجات الأخرى، كالمنتجات الورقية، والغذائية، والمنتجات البلاستيكية وغيرها.
هنالك فرصة كبيرة لصادراتنا من المنتجات الأردنية للوصول إلى أسواق جديدة ، وهذا ينعكس بدوره على الاقتصاد ككل وخلق وظائف جديدة وتحسين النمو الاقتصادي ، ومن هنا فلا بد العمل على تسويق هذه المنتجات والترويج لها وتقليل، كلف الإتناج والتصدير، وزيادة تنافسية المنتج الأردني مع المنتجات المنافسة الأخرى.