الأنباط -
محمد علي الزعبي
نفتقد في مشهدنا الفكري والاجتماعي والسياسي والثقافي إلى فن الخلاف والتعامل وفن الحوار الوطني ، تبعاً لاختلاف الأفهام وتباين العقول وتمايز مستويات التفكير والتعاطي مع الواقع والنظرة الشمولية للاحداث التي تحيط بنا ، والأمر غير طبيعي أن يكون خلافنا في الرأي بوابة للخصومات والمشاحنات والنعرات والفتنة والاستقواء على الوطن ، للحد الذي تصل فيه آثار خلافاتنا لحدود الوطن وإنجازاته وخططه واستراتيجياته، واحتقار عقول الآخرين والنظرة السوداوية والمناكفات والتشكيك والارهاصات، والإساءات والشخصنة .
دعونا من الانتقائية، فليس من مصلحتنا ولا صالحنا أن نكون اوتاد عثرة في طريق الأردن ومسيرته ، ونكون مسمار جحا في استقراره، فكل تلك العوامل لها تأثيرها السلبي ، على جميع مجريات العمل، وعقبة في تحقيق الإصلاح ، وتشكل تلك الغوغائية في خلق أزمات التى تزيد من تباطؤ مسيرة الوطن والذى يدخل مئويته الثانية بهمة وعزم وقوة في جميع الاتجاهات ، وتلك الأقدار الصلبة والقاسية التي تحيط بنا ، والتراكمات والاعباء التي لا تعفينا من المسؤولية الوطنية في تحملها على جميع الصعد ، وإنتاج الفوضى وعدم الاستقرار الداخلي سيؤدي إلى أزمات لا يحمد عقباها .
لازالت الصورة التشاؤمية لكل شيء في هذا الوطن يظهر جلي من بعض البشر ومروجي الاشاعات ، لتعكير أجواء الوطن بسواد ادخنتهم السوداء قاتمة الالوان غامقة خانقة لكل جميل في هذا الوطن ، نزرع الخوف ونحطم أروقة الانتصار ، نحارب الإنجازات ونشكك في نجاحها ، نضع في ذهنية الشارع السلبية والحقد وننزع من البشر الرحمة التى تحيط بنا ، إلى متى هذه الندوب والجروح التى نشكلها في جسم الوطن ؟ ...
بالرغم من كل التبعيات والاحمال التي تحملها الحكومة على كاهلها في المحافظة على إنعاش الاقتصاد ، وبناء جسور الترابط الداخلي والخارجي ، والبحث عن السبل الناجعة للنهوض بالاقتصاد، والعودة به إلى حالة الاستقرار والاستمرار ، والتفكير السليم لآلية التنفيذ ، التي ستفضي إلى واقع أصبحنا نلمسه في المسارات الاقتصادية والاستثمارية والزراعية والصحية، ومكافحة كل ما يعيق تلك المسارات ، والتكيف مع المستجدات الخارجية والداخلية لخلق بيئة آمنه للوطن والمواطن .
يصعب على اي مراقب محايد أن ينكر الدور الريادي لكل مؤسسات الدولة ومجلسي النواب والاعيان ، لتطوير وتحديث القوانين والأنظمة والسعي المشترك لبناء قواعد اصلاحية متينة لبعض المسارات ، وخارطة طريق وتعافي مدعومة ومعززه لمكنونات الحياة العامة ، وبلغة الشفافية والنزاهة والتعامل الصادق المستمد من حوارات جلالة الملك وخطاباتهُ ورؤيتهُ .
ان ما يجري من تعصب ، وإنتاج لخطاب الكراهية وثقافة التصادم التى يحاول البعض استغلالها لتشتيت فكر المواطن وزعزعة العلاقة بين الحكومة والمواطن ، تبدو غريبة على ثقافتنا ، وهذه الأمور والتي تجري من شأنها تعميق الفجوات واحداث انقسامات لا داعى لها ، والتي تخدم بعض الدول والأشخاص ، دعونا من الانتقائية والمناكفات، ولنجعل الوطن والمواطن هدفنا وحوارنا البناء ، وليكن فن الخلاف وفن الحوار منهجنا .