الأنباط - عبد العزيز محيي الدّين خوجة
تَـعِـب الـهوَى، أمْ إنّ قَـلبي مِـن هَـواهُ قـدْ تـعِبْ؟
أمْ إنّــهُ هَـجَـر الـضُّـلوعَ مُـحـلّقاً فــوقَ الـسُّـحبْ؟
قَــدْ مـلَّ مِـنْ سِـجْنِ الـمَلامةِ والـتّجَنّي والـرِّيَبْ؟
أتُــراهُ فــي قِـمَـم الــذُّرَى يَـهْـفو إِلَـى عِـزِّ الأرَبْ؟
ويُــغَـازِلُ الـنّـجْـمَ الـبَـعـيدَ، وَلا يُـبـالي بـالـشّهُبْ
وتَــــراه يَــهْــزأُ بـالـثُّـلـوجِ، وَبِــالـرّيَـاحِ، وبـالـلَّـهَـبْ
ويُـعَانِقُ الـكَونَ الـرّحيبَ، مِـنَ الـتّجَلّي فِـي طَربْ
ويُـداعِبُ الـجَوزاءَ فـي الـعَلياءِ، لاَ يَـخْشَى الغضَبْ
وإِذا رَأى فِـيـنُوسَ تَـسْـأَلُهُ الـهوى، حَـصَل الـطّلَبْ
هَــذا فُــؤادي هَـائـمٌ، رُوحٌ سَــرى خَـلْفَ الـحُجُبْ
هَــذا فُــؤادي الـحـرُّ، سُـكنَاه الـذُّرى فَـوْقَ الـرُّتَبْ
يَــا فـتـنَةَ الـثّـقَلَيْنِ، قَـدْ تَـعِبَ الـفؤادُ مِـنَ الـلَّعِبْ
مَــــا عَـــادَ يُـغـرِيـهِ الــتّـودُّدُ بـالـوعـودِ وبـالـكـذِبْ
وسَـئِـمتُ مِــنْ لـهـوِ الـسّـرَابِ، إِذا تَـلأْلأَ أو خَـلَبْ
كُفِّي مُجونَك عنْ جُنوني، فَالحِجَى عَنِّي احْتَجَبْ
كُـفّي خَـيالَك عَـنْ جُـفونِي، لَـم أنَـمْ ليْلي حِقَبْ
كُــفّـي عَــنِ الـقَـلْبِ الـمـعَذَّبِ بـالـتدَلّلِ والـهَـرَبْ
كُــفّـي هَـــواكِ، فــمَـا أنــا ذَاكَ الـمـتيَّمُ بـالـعتَبْ
حَـطَّمْتُ كَـأسِي فـانْتهْتْ، وَكَـفَاهُ قَلْبي مَا شَرِبْ
إِنّــي رَحَـلْـتُ عــنِ الْـهَـوى، وَزَجَـرتُـه لـمَّا اقْـتَربْ
خَـاصَمْتُ حُبَّكِ فارْحَلي، خَاصَمتُ قَلبي فاغْتَرَبْ.