الأردن والهاشميون: موقف لا يتبدل. تمريض عمان الأهلية تحتفل باليوم العالمي للتمريض بسلسلة فعاليات توعوية وإنسانية وفد من الهيئة الألمانية للتبادل الأكاديمي (DAAD) يزور عمان الأهلية لبحث آفاق التعاون الأكاديمي مبادرتان وطنيتان لتحسين تشخيص وعلاج أمراض الكلى المزمنة في الأردن السفارة الاردنية في بغداد: غياب الواجب في لحظة حضور وطني البنك الإسلامي الأردني يحصد جائزة أفضل مؤسسة مالية إسلامية في الأردن لعام 2025 محسن الشوبكي يكتب:معادلات أمنية مرنة: مفتاح العلاقة الأردنية السورية بين الأمن والتنمية الجغبير : مشاركة أردنية في المعرض الدولي للبناء في دمشق ذروة الكتلة الحارة تؤثر على المملكة اليوم… وأجواء شديدة الحرارة ومغبرة في عدة مناطق موديز تخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة وصول طلائع الحجاج المصريين إلى العقبة عبر اسطول الجسر العربي البحري شهيد في غارة إسرائيلية جنوب لبنان تجارة الأردن تؤكد أهمية تفعيل مجلس الأعمال الأردني القبرصي رئيس الوزراء يصل إلى بغداد للمشاركة في مؤتمر القمة العربية ومؤتمر القمة التنموية مندوباً عن الملك "العمل": التغييرات على مهنة "عامل نظافة" خاصة بالعمالة غير الأردنية في العمارات السكنية فقط انطلاق القمة العربية بدورتها الرابعة والثلاثين في بغداد اليوم في اليوم العالمي للاتصالات ومجتمع المعلومات 2025 نحو مساواة بين الجنسين في التحول الرقمي 65.1 دينار سعر الذهب عيار 21 بالسوق المحلية مسؤول أممي: الأمم المتحدة لديها القدرة لتقديم المساعدات في غزة 4565 طنا من الخضار والفواكه ترد للسوق المركزي اليوم

ماذا يحدث في غزّة؟

ماذا يحدث في غزّة
الأنباط -

 سليم النجار- وداد أبوشنب

 

" مقدِّمة"

مفردة "السؤال" وحدها تحيل إلى الحرية المطلقة في تقليب الأفكار على وجوهها، ربّما هدمها من الأساس والبناء على أنقاضها، كما أنَّها من أسس مواجهة المجازر وحرب الإبادة التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني في غزّة والضّفّة، من قِبَل الاحتلال الاسرائيلي٠

في هذا الملف نلتقي بعدد من الكُتّاب العرب الذين يُقدِّمون لنا رؤاهم حول ماذا يحدث في غزّة؟

وما يستدعي الدرس والتمحيص والنقاش والجدال والنقد، لأنّ الأشياء تحيا بالدرس وإعادة الفهم، وتموت بالحفظ والتلقين٠

د. دلال صائب عريقات من فلسطين تكتب لنا من زاويتها "ماذا يحدث غزة"؟

 

غزة: نكبة ٢٠٢٣

د. دلال صائب عريقات/فلسطين

 

1-ليست حربا بين إسرائيل وحماس!

ما نشهده ليس لحظيا ولا عشوائيا، هذا جزء من المشروع الكولونيالي الاستيطاني الذي تنفذه دولة الاحتلال منذ عقود من خلال سلسلة من جرائم الحرب الموثقة ضد 2.3 مليون مدني فلسطيني حيث تنفِّذ دولة الاحتلال جرائم ضد الإنسانية من عقاب جماعي وأوامر عسكرية للتهجير القسري بهدف إخلاء غزّة من الفلسطينيين ونقل السكان قسراً إلى الجنوب أي إلى سيناء لتستكمل مخطط الضّم ومصادرة الأرض ضمن مشروعها الاستيطاني. كلّ محاولات الدبلوماسية المتعدّدة في الأمم المتحدة لم تنجح بتمرير قرار مجلس الأمن لوقف النار الإسرائيلية عن المدنيين الفلسطينيين بسبب حقّ النقض الذي وفرته أمريكا، وهذا دليل على أن هناك غطاء دوليا لجرائم الحرب الإسرائيلية.

 

بالتوازي، شهدت الضفة الغربية هجوما من الشمال إلى الجنوب، حيث شهدت كلّ المدن والمخيمات اعتداءات واجتياحات يومية خلال شهر ونصف، خلال سبعة أسابيع منذ بدء الحرب على غزة، قامت فيها قوّات الاحتلال بقتل أكثر من 230 فلسطينيا في الضّفة واعتقلت أكثر من 3200، الهجمات اليومية رافقها إرهاب المستوطنين المستشري المحمي من قوات جيش الاحتلال. فكلّ ما هو فلسطيني مستهدف بصرف النظر عن الأيديولوجية والدين واللون أو مكان التواجد الجغرافي، من غزّة إلى الضفة والقدس الشرقية، كلّ فلسطيني هو هدف لآلة الحرب والإجرام الإسرائيلية.

 

صفقة القرن تنفّذُ على الأرض بغطاء قانوني ومالي أمريكي وغربي، نشهد انعكاس عملي لتنفيذ حذافير وعد بلفور، يهدف الاحتلال من خلال عمليات التهجير القسري ومحاولات الإبادة لتحويل الشعب الفلسطيني إلى أقليات كما جاء في وعد بلفور للتمتُّع بالحقوق الدينية على أكثر تعبير وحرمان الشعب الفلسطيني من حقّ تقرير المصير.

 

2-هل هي نكبة ثانية؟

الحصار الدامي الذي عانته غزّة خلال العقدين السابقين هو جزء من سياسة الاحتلال "النيكروبوليتيكس" لتجويع الناس وفقدانهم الأمل أو السبب في العيش ممّا اضطرهم إلى الهجرة عبر البحر، آلاف من الشباب الّذين راحوا يبحثون نحو المجهول عن سبب للعيش، فكان الموت خيارا أفضل من البقاء في قطاع غزة المحاصر.

نشهد محاولة لنكبة ثانية هذه المرة، موثقة على الشاشات، وجاءت التفاصيل بتاريخ ١٠/١٣ أي بعد أسبوع من بدء الحرب، حيث تمّ تسريب خطّة عسكرية استراتيجية فيها تفاصيل سيناريوهات ثلاثة للتعامل مع قطاع غزة؛ تفاصيل ما رأيناه في قطاع غزّة مدونة حرفياً في هذه الوثيقة المسربة.

 

3-خيارات السياسة المتعلقة بالسّكان المدنيين في غزّة:

(أ) الخيار أ: بقاء السكان الناجين في غزّة واستقدام حكم السلطة الفلسطينية.

(ب) الخيار ب: بقاء السكان في غزّة مع ظهور سلطة عربية محلية.

(ج) الخيار ج: إخلاء السكان المدنيين من غزّة إلى سيناء.

 

-من بين الخيارات الثلاثة، حاز الخيار (ج) على الأغلبية فهو من وجهة نظر عسكرية الخيار الذي سيحقق نتائج استراتيجية إيجابية طويلة المدى لإسرائيل، وهو خيار قابل للتنفيذ، يتطلّب عزيمة من المستوى السياسي في مواجهة الضغوط الدولية، مع التركيز على حشد دعم الولايات المتحدة ودول إضافية مؤيدة لإسرائيل لهذا المسعى. الهدف هو إجلاء السكان المدنيين من غزة إلى سيناء، والتبرير أن "الحرب ضد حماس" وإنه ولحماية المدنيين هناك حاجة لإخلاء السكان غير المقاتلين من منطقة القتال! وهنا يتوجب على إسرائيل التحرّك لإجلاء السكان المدنيين إلى سيناء ممّا يشكل رسالة إنسانية حضارية سامية تطمع إسرائيل بإيصالها للعالم لتغطية جرائمها البشعة بمسميات "الإرهاب" وهذا ما نجحت فيه من خلال الاستعارة وتشبيه حماس بداعش والنازيين مما عمل أوتوماتيكيا على ربط صورة "حماس" بـ "الإرهاب" في عيون الغرب، للأسف أدى إلى الخلط الخطير ما بين حقِّ الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه تحت الاحتلال غير القانوني طويل الأمد وما روّج له الاحتلال من إرهاب، بعد أسابيع من الاعتداءات الدموية أدرك العالم أن إسرائيل دولة الإرهاب المنظّم.

 

-عودة للخطة العسكرية المسربة، في المرحلة الأولى، تتحدّث عن إنشاء مدن الخيام في منطقة سيناء، وتشمل المرحلة التالية إنشاء منطقة إنسانية لمساعدة السكان المدنيين في غزة وبناء مدن في منطقة إعادة التوطين في شمال سيناء. ويجب إنشاء منطقة معقمة بطول عدّة كيلومترات داخل مصر، وعدم السماح بعودة السكان إلى الأنشطة/المساكن القريبة من الحدود مع إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، يجب إنشاء محيط أمني على أراضينا بالقرب من الحدود مع مصر.

 

-الدعوة إلى إخلاء السكان المدنيين، في المرحلة الأولى، تنفَذ العمليات من الجوّ مع التركيز على شمال غزّة للسماح باجتياح برّي في منطقة تمّ إخلاؤها بالفعل ولا تتطلّب القتال في منطقة مدنية مكتظة بالسكان.

تدرك قيادات الجيش أنّه وللوهلة الأولى، قد يشكل هذا الخيار، الذي ينطوي على نزوح أعداد كبيرة من السكان، تحديات فيما يتعلّق بالشرعية الدولية وسمعة إسرائيل وكسب التعاطف العالمي. تعتبر الهجرة واسعة النطاق من مناطق الحرب (سوريا، أفغانستان، أوكرانيا) وحركة السكان نتيجة طبيعية ومطلوبة بسبب المخاطر المرتبطة بالبقاء في منطقة الحرب.

كما ذكرنا، حتى قبل الحرب، كان هناك طلب كبير على الهجرة من غزة بين السكان المحليين. ومن المتوقعَّ أن تؤدي الحرب إلى زيادة هذه الظاهرة.

 

من الناحية القانونية تعمل دولة الاحتلال جاهدة على تصدير فكرة أن هذه حرب دفاعية ضد منظمة إرهابية قامت بغزو عسكري داخل إسرائيل! متناسية 75 عاما من الاحتلال و15 عاما من الحصار الخانق. حيث تدرك إسرائيل بأنّ المطالبة بإجلاء السكان غير المقاتلين من المنطقة هو أسلوب مقبول وحضاري على نطاق واسع لإنقاذ الأرواح، وهو النهج الذي استخدمه الأمريكيون في العراق عام 2003. وهنا تأمل دولة الاحتلال الضغطَ على جمهورية مصر العربية لتحملها عاتق الالتزام بموجب القانون الدولي بالسماح بمرور السكان وتعمل أيضا على تعزيز مبادرة دبلوماسية واسعة النطاق تستهدف الدول التي ستدعم مساعدة السكان النازحين وتوافق على استيعابهم كلاجئين.

 

على المدى الطويل، سوف يكتسب هذا الخيار شرعية أوسع لأنه يشمل السكان الذين سيتم دمجهم في إطار الدولة بالمواطنة. ستكون هناك حاجة إلى تغيير في المنظور الأيديولوجي للسكان من خلال زرع الكراهية ضد حماس بمحاولة تحويل الأنظار عن الاحتلال كمسبب رئيس في الكوارث الإنسانية.

 

استراتيجيا، تعتمد دولة الاحتلال على الردع – لخلق قوة ردع كبيرة في المنطقة وإرسال رسالة قوية إلى حزب الله مفادها أنه لا ينبغي له أن يحاول القيام بخطوة مماثلة في جنوب لبنان كما تظن أيضا أنّ الإطاحة بحماس ستحظى بدعم دول الخليج حسب الرأي الاستخباراتي الإسرائيلي. ممّا سيعزِّز السيطرة المصرية في شمال سيناء. ويجب الحرص على الحدّ من دخول الأسلحة إلى شمال سيناء وعدم إضفاء الشرعية على التغييرات في بند نزع السلاح في اتفاقية السلام. سيكون من الضروري الانخراط في جهد أوسع لنزع الشرعية عن جماعة الإخوان المسلمين في مصر والعالم، وتحويل التنظيم إلى جماعة خارجة عن القانون تشبه "داعش" - من الناحية القانونية، في جميع أنحاء العالم لا سيما في مصر

 

4-استراتيجية القطاع وصفقة القرن

المطّلِع على تجارب الشعوب المتحرِّرة تاريخيا يدرك أننا نشهد نضالًا من أجل الحرية، وهو انعكاس لـ 75 عامًا من الظلم الذي عانى منه الفلسطينيون في ظلّ الاحتلال الإسرائيلي. هذه ليست مسألة انفجارات شعبية دورية بل هي تطبيق لصفقة القرن، سيناريو براغماتي يحقِّق مصالح لأطراف عدّة على حساب الحق الفلسطيني، ليس من الحكمة التقليل من أهمية الموقع الجغرافي لقطاع غزة والموارد الطبيعية التي يتمتع بها القطاع ومياهه الإقليمية من حقول غاز في المنطقة ومن خطوط تجارة برية عالمية في غاية الأهمية، للسيطرة تطلّب الأمرُ التطهيرَ العرقيَ لفلسطين في إطار احتلال عسكري طويل الأمد. لأكثر من سبعة عقود، عانت فلسطين من عمليات القتل خارج نطاق القضاء، والاعتقالات، والمصادرات والاستيطان، وإرهاب المستوطنين، والفصل العنصري، كلها تحت حزمة من الاحتلال العسكري المطوّل. 2.3 مليون مدني فلسطيني في سجن مفتوح مساحته 365 كيلومتر مربع، 50% من الأطفال محرومون من الموارد البشرية الأساسية، لا مياه نظيفة، ولا كهرباء، ولا حقوق التنقل، ولا إنترنت، ولا أمل!!

 

5-الخلاصة

للشعب الفلسطيني حق الدفاع عن النفس بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة والمادة 31 من نظام روما الأساسي. إن مطالبة مليون من سكان غزة بالإخلاء قسراً إلى الجنوب هو بمثابة تجربة نكبة جديدة، وجريمة حرب موثقة، ومحاولة صريحة لنقل المدنيين من أجل ضم الأراضي ضمن حزمة المشروع الاستعماري الاستيطاني. لقد خذلت الدبلوماسيةُ الإنسانيةَ، الشعبُ الفلسطيني صامدٌ ورافض لمحاولات التهجير وأي حديث عن أي سلام في المنطقة، يجب أن يحترم حقّ الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، التعامل مع المفاوضات كهدف يجب أن ينتهي، بعد ثلاثة عقود من عملية سلام وفّرت غطاء للمماطلة وشراء الوقت لدولة الاحتلال لاستكمال مشروعها الكولونيالي، من يريد الحديث عن أي أفق سياسي أو أمن أو سلام في الشرق الأوسط، يجب أن يطالب بتحديد حدود دولة إسرائيل، من يتغنّى بالسلام يتوجب عليه البدء بترجمة أقواله لخطوات عملية لمعالجة السبب الجذري للظلم والقهر والعنصرية والعنف وأولها رسم حدود إسرائيل وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي العسكري.
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير