مقالات مختارة

رسالة من الجحيم إلى الصهيونية

{clean_title}
الأنباط -
المحامي معتصم صلاح

رن هاتفي ظهيرة يوم أمس وتلقيت مكالمة هاتفية مصدرها الجحيم، كما عرف عليها التطبيق الذكي في هاتفي، واذ بصوت أجش وبدون أي تحيات بدأ المتصل يعبر عن غضب حانق وحزن شديد، وكانت تتسرب بعض الشتائم بين الفينة والأخرى، ثم بعد أن هدأت فورة غضبه قليلا، زفر زفرة طويلة وقال: أنا الخان العظيم، هولاكو عظيم المغول، وجزار بغداد و سفاح الشرق القديم، لقد أزعجني في مسكني في الجحيم بعض الوافدين حديثا من المجرمين الجدد، الذين يحملون رؤوس خنازير وطموح القردة، وقد أزعجنا وجود هذا النوع من الوافدين في حارتنا، نحن سكان الجحيم الأوائل، لقد سمعنا منهم قصصا وأخبارا أصابتنا بالألم، وأرتجف منها الوجدان، عن محارق ومجازر ارتكبوها بحق البشر والكائنات من سكان مدينة غزة التي حلمت دوما ان تكون درة امبراطوريتي ولكن أطماعي بها تبددت عندما سحق جيشي الذي لا يقهر بسيوف "بيبرس" وجنوده في "عين جالوت وحلب".

نفخ من جديد وعاد ليقول: لقد كانوا يشربون ما تبقى من دماء الأطفال وكانوا ثمالى يقهقون ويستذكرون بكل عنجهية وصلف وتبجح ودون أدنى ندامة وأمام مرأى ومسمع أعتى الطغاة وأسوأ المجرمين، كيف مزقوا أجساد الأطفال أشلاء أشلاء، وكيف بقروا بطون النساء الحوامل، وحرقوا البشر والحجر بقصفهم المستشفيات بمناجيقهم الحديثة، وكيف تساقطت كرات اللهب المتفجرة من نسر امريكي أقرع اسمه "ف ١٦"، وكيف تدافعت الحمم والقذائف من آلياتهم التى تسمى الميركافا، وقالوا أن القطران والنفط لم يعد يقتل كما ينبغي فاستبدلوها بالغاز والفسفور الابيض.

وأعادوا على مسامعنا أنهم قد استخدموا قنابلا عنقودية وصواريخا ذكية ليهدموا المدينة فوق رؤوس ساكنيها العزل ويحرقوها متخذين المرضى والجرحى حطبا، لقد ثمل هؤلاء الخنازير دون خمر عندما وصفوا بنشوة كيف قصفوا المساجد والكنائس والمدارس والمقابر وحتى المزابل لم تنجوا منهم، لقد كانوا منتشين حتى الثمالة ومتفاخرين أمام كل مجرمي التاريخ القابعين في الجحيم بأنهم هزموا أمة الاسلام، ونكلوا بقوم اطلقوا عليه شعب فلسطين ووصفوا كيف شردوه وكيف سحلوه وحاصروه وجوعوه وعذبوه طيلة خمسة وسبعين عاما.

ثم عاد هولاكو ليسألني بحنق، هل صحيح أن بيت المقدس يعبث بها هؤلاء الخنازير منذ خمسة وسبعين عاما أمام مرأى زعماء المسلمين وملك الروم؟

وهل استباحوا صخرة المسلمين ودنسوا قبر المسيح؟ كيف تجرؤا على ذلك؟ ألم يخشوا أمة المسلمين كما كنت أخشاهم؟ ألم يهابوا ملك الروم حين كسروا الصليب كما هبته فيما مضى؟ هل ما يزعمون به صحيح؟ سمعتهم يقهقهون وهم يستذكرون معالم ك"دير ياسين، اللد، صبرا وشاتيلا" وعن اسماء كثيرة أخرى لم أتمكن من حصرها، ولكننا نحن المجرمون القابعون في الجحيم ادركنا بحاستنا وخبرتنا بأنهم يتحدثون عن الإبادة، لقد تحدثوا أيضا عن صمت العرب والمسلمين عن أسرهم لأكثر من ستة آلاف عربي من شعب فلسطين في السجون منذ اكثر من أربعين سنة.

أنا بجلالة قدري لم أسجن أحدا لأكثر من بضع سنوات، فهل في زمانكم هذا يمضي أي بشري في السجن أربعين سنة؟ وامصيبتاه ويا للهول، لقد لعنت الجحيم الذي يمنعني من الوصول إليهم لأستأصل شأفة من تبقى منهم، لقد صدمت عندما سمعت بأنهم يأسرون الاطفال والنساء وحتى كبار السن والعجائز والمرضى، وصعقت عندما علمت بأنهم يسرقون الأعضاء البشرية من أجساد الأسرى المتوفين، وذهلت بتجميدهم لجثامين الاسرى والمعتقلين حتى يكملوا مدة سجنهم الممتدة لمئات السنين، فيا للعجب.

لذا أنا آمرك أن تنقل رسالتي هذه باسمي وباسم كل طغاة الجحيم الأوائل إلى العالم المتحضر الذي يدعم هؤلاء القتلة بكل شيء، وأن تنقلها إلى العالم غير المتحضر أيضا والذي يدعم الكيان القاتل بالصمت، قل للعالم: بأنني كمجرم محترم متقاعد وبالنيابة عن كل مجرمي البشرية القابعين في الجحيم والمنتظرين على الارض، نعلمكم بأننا نتبرأ وندين ونستنكر إجرام ابناء القردة والخنازير بحق قوم فلسطين، فهل سمعت يوما بأن هولاكو بن جنكيز خان عظيم كل المجرمين في التاريخ قد نكل بالأطفال ومزقهم تمزيقا؟ هل قرأت يوما عني بأني سفكت دم امرأة أو بقرت بطنها؟ وهل هناك وثيقة لديكم تدل على قصفي لمسجد أو كنيسة أو مستشفى بالمنجنيق؟ أتحداكم أن يكون التاريخ قد كتب بأني اعتقلت الأطفال والنساء وزججت بهم في غيابات الأسر والسجون، أنا لا آمرك بل أرجوك وأتوسل بأن تخبر وسائل الإعلام والمؤرخين بألا يتم الزج في اسمائنا وتشبيه أعمال الكيان الصهيوني القذرة بأعمالنا، وأن تبدأوا منذ اليوم باستخدام اسم نتنياهو وبايدن كنماذج للعتاة والمتوحشين، لقد تخطوا بأعمالهم الحدود، وتربعوا بجدارة على رأس هرم الأعمال الوحشية، مما يجعل من جرائمنا بسيطة وتندرج ضمن أدبيات الدفاع عن النفس، فجرائمهم تعدت مقاييس الجريمة، ولتبتكر الانسانية مصطلحا جديدا يناسب حجم جرائمهم، ولتدعوه في أدبياتكم منذ اللحظة بالصهيونية.
تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )