عايش: اعتماد الفلسطينيين على الدينار يعكس العلاقة الوطيدة بين الشعبين
الأنباط – يارا بادوسي
تعددت أشكال المقاومة وتنوعت أساليبها ، فزاوجت بين المقاومة المسلحة - بالرغم من ضعف الإمكانيات- والمقاومة السلمية ، فكانت سلمية بأدواتها وقتالية بنتائجها ، وتنوعت ما بين المقاطعة والإضرابات والعصيان المدني وفضح الممارسات الوحشية بحق الفلسطينيين الى أن انتقلت الى مراحلها الأقسى وهي المقاومة المسلحة ومواجهة المحتل .
وترسخت لديهم اهمية المقاومة الإقتصادية والمقاطعة ، وفهموا نتائجها ، فكانت هذه المرة بحجب تداول "الشيكل" بالتعاملات اليومية فيما بينهم، واستبداله بالدينار الأردني ، الذي جعله الأكثر مبيعاً في الضفة الغربية.
وبدوره بين المحلل الاقتصادي حسام عايش أن زيادة الطلب على الدينار الأردني هو مزيد من الإضرار بالشيكل الإسرائيلي والمزيد من التأثير على إنخفاض سعر صرفه ، وهو بمعنى آخر جزء من"المقاومة ".
وبين أن انخفاض سعر صرف الشيكل هو أحد المشكلات الإقتصادية الكبيرة في إسرائيل لأن انخفاضه سيؤدي إلى اضطرار بنك إسرائيل لدعم سعر صرف "الشيكل" وإنفاق مبالغ ، ففي الآونة الأخيرة أنفق البنك المركزي الإسرائيلي 30 -45 مليار من أجل دعم سعر صرف الشيكل .
ولفت الى تخلي الفلسطينيين عن "الشيكل" في التعاملات بكامل معنى التخلي لن يكون سريعاً لكنه سيكون تدريجياً وسيوجه ضربة إضافية لـ "إسرائيل" ، مكررا قوله أن هذا التخلي نوع من أنواع مقاومة الاقتصادية رفيعة المستوى فيما يتعلق بالتأثير على الاقتصاد "الإسرائيلي" .
مؤكدا على ضرورة توجيه الناس للتعامل بالدينار الأردني بشكل فعلي والتوقف عن التعامل بالشيكل "الإسرائيلي" وإلحاقه بتخفيض سعره ، لافتا إلى أن حجم المنتجات الإسرائيلية في السوق الفلسطيني يتجاوز 4-5 مليار دولار أي حجم التبادل التجاري رغم أنه تبادل في اتجاه واحد يعني من جانب "إسرائيل" إلى الأراضي الفلسطينية وربما يدفع ذلك إسرائيل للتأثير أو للحد أو لإيقاف حتى الصادرات الأردنية إلى فلسطين لإبقاء حاجة المواطنين في الضفة الغربية لشراء المنتجات "الإسرائيلية" في السوق الفلسطيني وبالتالي ضمان عدم خسارة هذا السوق ، لكن هذا لا يمنع الاستمرار في المقاطعة.
وأوضح عايش أن تخلي الناس في الضفة الغربية عن التعامل بالشيكل ليس السبب الوحيد وراء انخفاضه ، إنما ارتفاع كلفة المستوردات "الإسرائيلية" من الخارج كانت إحدى العوامل التي ساهمت في الانخفاض مقابل الدولار ، وبالتالي كل هذه الأمور ستؤدي الى ارتفاع كلفة الأسعار في إسرائيل وارتفاع معدلات التضخم ولاحقا رفع أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي "الإسرائيلي" و البالغة في الوقت الحالي 4.75% الى أكثر من هذه النسبة ، وسعر الفائدة المرتفع في هذا الحين سيكون وصفة إضافية لمزيد من الركود في الاقتصاد الإسرائيلي .
مضيفا أن تأثيرات ارتفاع سعر صرف الشيكل لن يقتصر على تلك الأمور بينما سيتجه المواطنين في فلسطين نحو التعامل بالدينار في معاملاتهم اليومية يعني أنهم سيقبلون على شراء المنتجات الأردنية أو الفلسطينية المنتجة في فلسطين في مدن الضفة الغربية وهذا بحد ذاته رسالة للأردن بأن يضغط باتجاه زيادة التبادل التجاري مع الضفة الغربية وزيادة المنتجات الأردنية في السوق الفلسطينية كبديل على المنتجات "الإسرائيلية" وأن يكون واحداً من أدوات دعم المقاومة في فلسطين لهذا الاعتداء الإسرائيلي الإجرامي على غزة وعلى الضفة الغربية وهذا يستدعي القيام بإجراءات أخرى غير الإجراءات المتبعة حتى الآن مثل تخفيض السعر وتخفيض الكلف وتخفيض الرسوم الجمركية حتى على منتجات الفلسطينية القادمة إلى الأردن أو إلى دول أخرى.
وتابع أنه لا شك أن استخدام الدينار يعزز سعر صرف الدينار على الرغم من ثباته تجاه الدولار لكنه في هذه الحالة يوطد أركانه ويلعب دورا إضافيا إلى جانب السياسة النقدية بين الدينار والدولار كأسعار فائدة لمنع "الدولرة" ويقدم رسالة مهمة للعالم بأنه يلعب دوراً مقاوماً في مواجهة هذا العدوان "البربري والإجرامي" من قبل الكيان الغاصب .
وأن اعتماد الفلسطينيين على الدينار هو شكل من أشكال الثقة بالأردن و يمثل أحد أركان العلاقة الوطيدة بين الشعبين وبالتالي فإن التعامل بالدينار له أبعاده الاقتصادية والنقدية والمالية وأيضا له أبعاده الاستراتيجية سواء على مستوى سياسي أو على مستوى السياسات النقدية في الأردن حيث أن اللجوء للدينار في أوقات الاضطرابات وفي أوقات الجنون الإسرائيلي في فلسطين تجاه الفلسطينيين يعني مزيدا من الثقة بالدينار ومزيدا من الدعم له وهذا ما يحول الدينار لدوره الهام الذي يلعبه لمواجهة العدوان الإسرائيلي الغاشم.