الأنباط -
لا يستطيع اللبنانيون التغافل عن الحال الاقتصادي المُتراجع في بلادهم، وسط انهيار عملتهم المحليّة الليرة، وربطه مع أي حدث يجري، حتى ولو كان فنيّاً، وبالرغم أن شعب لبنان معروفٌ بُحبّه للحياة الترفيهيّة، حتى وسط أجواء الحرب الأهليّة السابقة.
يتجادل اللبنانيون في الساعات الماضية حول حفل الفنان المصري عمرو دياب، رغم أن الحفلة للأخير هي الأولى له في بلاد الأرز مُنذ 12 عاماً، فالهُموم الاقتصاديّة المُتراكمة في البلد الذي يبحث عن رئيس جمهوريّة، تبدو أكبر من أي حفل، ولكن الحفل ذاته حقّقّ نسبة جماهير عالية (حضره قرابة 16 ألف شخص)، لتثور التساؤلات حول قدرة البعض في لبنان على حُضور مثل تلك الحفلات الفنيّة في ظل تضخّم اقتصادي وصل إلى 171 في المئة وفقاً للبنك الدولي.
وفيما كانت بلغت أرخص تذكرة للحفل 60 دولارًا (خمسة مليون و300 ألف ليرة لبنانيّة)، لم يُغفل مغرّدون لبنانيّون انتقاد المبلغ الكبير الذي حصل عليه عمرو دياب مُقابل غنائه في لبنان وبالدولار الأمريكي (تقاضى 750 ألف دولار)، لكن آخرون وجدوا أن الحفل يُنعش الاقتصاد اللبناني قليلاً.
وإلى جانب الجدل الاقتصادي، يبدو أن عمرو دياب المعروف باسم الهضبة، قد مارس نوعاً من رقابة الحُكومات على الصحفيين، حيث اشترط المُنظّمون لحفله على الصحفييين الحاضرين عدم كتابة مقال أو تصريح يحتوي نقدًا للفنان المصري ويحق للأخير طلب حذفه، والاكتفاء بالأمور بالإيجابيّة حيث جرى توزيع تعهّد عليهم للتوقيع عليه وفي حال عدم الالتزام يجري مُقاضاة الصحفي المُنتقد، الأمر الذي دفع صحفيين إلى مُقاطعة الحفل، على اعتبار أن ذلك تقييد للحُريّات.
حتى ساعة عمرو دياب التي ارتداها في حفل البلد المنكوب كانت موضع تفاعل وجدل، حيث ارتدى دياب الساعة ماركة رولكس المعروفة بـ كوزموجراف دايتونا- عين النمر، ومصنوعة من الذهب عيار 18، ومُرصّعة بـ 36 قطعة ماس، ويبلغ سعرها 500.126 ألف دولار.
ولم يتوقّف الجدل حول الحفل، فبعد انقضائه، نشر وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية ناصر ياسين، مقطع فيديو على صفحته في منصة إكس (تويتر سابقا)، تظهر فيه جبل مخلفات النفايات على الطريق المؤدي إلى المكان الذي أٌقيم فيه حفل عمرو دياب، ولوّح ياسين في مقابلة صحافية بالادعاء على الشركة المنظمة في حال لم يعالج الموضوع، قبل أن يعود وينشر مقطع فيديو يظهر عُمّالًا ينظفون المكان.
وفي سياق التعليق السياسي على الحفل الجدلي للهضبة، كان طلب أو اشترط عمرو دياب على جمهوره ارتداء اللون الأبيض لحضور حفله، ونجح في ذلك عبر ظهورهم في مشهد كتلة بيضاء واحدة، دفع البعض للتعليق السياسي بالقول بأن دياب نجح في تجميع اللبنانيين المُختلفين سياسيّاً وطائفيّاً على لون واحد، فيما يلبس كل لبناني لون حزبه السياسي الذي يُؤمن بسياساته.