محليات

المرأة الأردنية.. مكتسبات راسخة استجابة لرؤية الملك

{clean_title}
الأنباط -
قادت رائدة العمل النسوي في الأردن، الحقوقية إملي بشارات، في منتصف خمسينات القرن الماضي، الجهود النسوية في تلك الفترة للمطالبة بحق المرأة في الترشّح والانتخاب في مجلس النواب والمجالس البلدية.
ومنذ تلك المطالبات استغرق المرأة الأردنية ما يزيد على عشرين عاما للإقرار بحقها في الترشّح والانتخاب للمجالس النيابية والبلدية وكان ذلك في العام 1974، في حين تطلّب وصول أول امرأة لمجلس النواب الأردني بعد إقرار القانون 19 عاما، وكان ذلك عام 1993، حيث استطاعت توجان فيصل الفوز بهذا المقعد عبر التنافس.
ولاحقا خطت النساء في الأردن خطوات مهمة وبارزة وبدعم من القيادة الهاشمية والدولة الأردنية، في تعزيز حضورها في مواقع صنع القرار السياسي على صعيد السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وغيرها من المحطات.
وتعتبر المكتسبات السياسية والتشريعية والقضائية التي حصلت عليها النساء، خلال 24 عاما الماضية في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني، الأبرز والأكثر رسوخا، خاصة التعديلات الدستورية وقانوني الانتخاب والأحزاب اللذين تم إقرارهما في العام 2022 وفقا لتوصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، وتنفيذا لرؤية ملكية أرادت أن يكون للنساء والشباب حضور أقوى في المشهد السياسي الأردني، كما يؤكد قانونيون ومختصون لوكالة الأنباء الأردنية (بترا).

أستاذ القانون الدستوري في جامعة عمان العربية وعضو المحكمة الدستورية سابقا، البروفيسور نعمان الخطيب، أكد دور التعديلات الدستورية وقانوني الانتخاب والأحزاب في ضمان حضور نسائي أقوى في المشهد السياسي الأردني كما ونوعا، مشيرا الى أن المنظومة الدستورية الأردنية شهدت تطورات واسعة في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني عكست الرؤية الملكية السامية الثاقبة البنّاءة لما يجب أن تكون عليه التشريعات الأساسية التي تعكس ثوابت المجتمع الأردني في ظل عالم متغير.
وأضاف الخطيب، إن التعديلات الدستورية التي تمّت، توضح وتبيّن الرؤى الملكية السامية لإبقاء الأردن منارة مضيئة في مجال حقوق الإنسان دون التفريط في مكونات هذا المجتمع العربي المسلم في ظل نظام حكم نيابي ملكي دستوري برلماني، والذي تسهر على حمايته وديمومته قيادة هاشمية حملت رايته منذ 100 عام وأكثر.
ووصف التعديلات الدستورية في العام 2022، بالأهم والأشمل، وجاءت متوافقة مع توصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية والتي شُكّلت برئاسة رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي، حيث تضمنت تعديلات مهمة طالت قانوني الانتخاب والأحزاب، والتي تُعدّ ترسيخا لمبدأ سيادة القانون والفصل بين السلطات وتطوير آليات تعزيز العمل النيابي وحماية الأمن الوطني.
وقال، إن التعديلات الدستورية لعام 2022 جاءت في 26 مادة تُوّجت في تعديل عنوان الفصل الثاني من الدستور الأردني ليصبح "حقوق الأردنيين والأردنيات وواجباتهم"؛ دعما للمرأة وتحقيقا للعدالة الاجتماعية وتفعيلا لدورها في المجتمع الأردني على كافة الأصعدة، وما تلا ذلك من تعديلات في نفس الفصل، وتحديدا على المادة السادسة من الدستور دعما لفئات معينة وخاصة المرأة والشباب.
ولفت الخطيب إلى أن هذه التعديلات كانت خطابا واضحا للسلطة التشريعية بضرورة سن وإصدار القوانين الملائمة لمضمون هذا الخطاب الدستوري في مجالي المرأة والشباب، تلاه صدور قانون الانتخاب لمجلس النواب رقم (4) لسنة 2022، وقانون الأحزاب رقم (7) لسنة 2022؛ تضمن كل منهما أحكاما خاصة بتمكين المرأة والشباب.
وأوضح أن قانون الانتخاب، قسّم المملكة إلى 18 دائرة محلية ودائرة انتخابية عامة، وخصّص مقعد (كوتا) للمرأة في كل دائرة انتخابية محلية، كما خصّص للدائرة الانتخابية العامة (41) مقعدا، مشترطا وجود امرأة واحدة على الأقل ضمن المترشحين الثلاثة الأوائل وكذلك ضمن المترشحين الثلاثة التالين في القائمة المشكّلة، وكذلك وجود شاب أو شابة (يقل العمر عن 35 سنة) ضمن أول 5 مترشحين في القائمة الحزبية المترشحة للدائرة العامة، وبالتالي يكون قانون الانتخاب قد استجاب للتعديل الدستوري للمادة (6) الهادفة الى دعم النساء والشباب.
أمّا قانون الأحزاب السياسية، والحديث لا يزال للخطيب، فقد أظهر استجابة واضحة لتعديلات المادة (5) التي تنص "على أن يؤسس الحزب على أسس المواطنة والمساواة بين الأردنيين والالتزام بالديمقراطية واحترام التعددية السياسية"، أمّا المادة (11) من هذا القانون، فقد بيّنت بعد اشتراط أن لا يقل عدد المؤسسين للحزب تحت التأسيس عند انعقاد المؤتمر التأسيسي عن ألف شخص، بأن لا تقل نسبة تمثيل المرأة فيه عن 20 بالمئة من المؤسسين، وألا تقل نسبة الشباب منهم (18-35 سنة) عن 20 بالمئة كذلك.
وتابع الخطيب، وفي سبيل ضمان وتفعيل دور المرأة والشباب، فقد ألزم القانون في الفقرة (ي) من المادة (15) من قانون الأحزاب "ضمان حق منتسبيه من فئتي المرأة والشباب تولّي المواقع القيادية فيه، وكذلك الفقرة (ه) فيما "يجب على الحزب تمكين المرأة والشباب من الاستفادة من موارد الحزب المتعددة بشكل عادل ومتكافئ أثناء الحملات الانتخابية".

الأمين العام لوزارة الشؤون الشؤون السياسية والبرلمانية، الدكتور علي الخوالدة يؤكد بدوره أن القوانين التي أقرّت لتحديث المنظومة السياسية، وهي قانونا الانتخاب والأحزاب، جاءا بالعديد من التعديلات التي تعزز مشاركة المرأة في الحياة السياسية.
وقال، إن أبرز هذه التعديلات، زيادة عدد المقاعد المخصصة للنساء بحيث أصبح هناك مقعد لكل دائرة انتخابية بدلاً من كل محافظة، بواقع 18 مقعدا مخصصا للنساء على مستوى الدوائر المحلية، فضلا عن أن القانون أعطى للمرأة حق اختيار مسار الترشّح الخاص بها، إمّا على المقاعد المخصصة للنساء (الكوتا) أو مسار التنافس الحر؛ الأمر الذي يساعد المرأة في الترشح ضمن القوائم المحلية، فالعديد من النساء وجدن صعوبات في الترشّح والانضمام للقوائم بسبب خوف المترشحين الذكور من أن تخطف المرأة المترشحة مقعد القائمة التنافسي.
وتابع، تم أيضا تخفيض سن الترشّح إلى 25 سنة؛ الأمر الذي يعطي فرصة أكبر للشباب والشابات في الترشّح والمشاركة في الانتخابات البرلمانية، إضافة إلى أن القانون اشترط في تشكيل القائمة الحزبية التي ستنافس في الانتخابات البرلمانية على الدائرة العامة بأن يكون هناك امرأة من أول 3 أسماء وثاني 3 أسماء؛ ما يعني حتماً نجاح عدد من النساء على القائمة الحزبية، وإذا ما أضفنا إلى ذلك النساء اللواتي سيفزن على مستوى الدوائر المحلية؛ فهذا يعني أننا بالمحصلة سنشهد زيادة كبيرة في عدد النساء في مجلس النواب القادم وبشكل غير مسبوق.
وفي تعديلات قانون الأحزاب، فقد تم اشتراط أن تكون نسبة النساء من مؤسسي الحزب لا تقل عن 20 بالمئة على الأقل، وهو الأمر الذي سيعزز من مشاركة النساء في الأحزاب بشكل أكبر مما هو عليه الآن.
إن التعديلات التي جاءت في قانوني الانتخاب والأحزاب وتم إقرارها، والحديث للخوالدة، من شأنها أن تزيد من مشاركة المرأة وتواجدها وحضورها في البرلمان على مدى السنوات العشر القادمة بشكل كبير؛ فزيادة عدد المقاعد المخصصة للنساء في الدوائر المحلية إلى 18 بواقع مقعد عن كل دائرة انتخابية محلية، وإعطاء المرأة الحق في الترشّح على مسار (الكوتا) أو مسار التنافس الحرّ، سيزيد من فرص ترشّح المرأة وفوزها في مقاعد الدوائر المحلية، التي لن يقل عددها عن 18 مقعدا وهي المقاعد المحجوزة وفق نظام (الكوتا)، إلى جانب فرص المرأة في الفوز على المقاعد التنافسية؛ ما يعني أننا سنشهد زيادة ملحوظة في عدد النساء اللاتي سيفزنّ بمقاعد في مجالس النواب القادمة على الدوائر المحلية.
وعلى صعيد الدائرة العامة التي خُصّصت للقوائم الحزبية المغلقة، فقد ضمن القانون للمرأة الترشّح في مواقع متقدمة في هذه القوائم التي ستنجح العديد منها بتحقيق أكثر من مقعد نيابي قد تصل في بعض القوائم إلى 8 أو 10 مقاعد، وذلك بسبب وجود نسبة حسم أو عتبة في معادلة احتساب المقاعد على مستوى الدائرة العامة تبلغ 2.5 بالمئة؛ الأمر الذي سيؤدي إلى فوز القوائم المتنافسة بأكثر من مقعد نيابي، وهو ما يعني حكما فوز سيدتين على الأقل في كل قائمة حزبية تحقق أكثر من ستة مقاعد.
وأضاف الخوالدة، وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن قانون الانتخاب أخذ بمبدأ التدرّج بحيث يتم زيادة نسبة المقاعد المخصصة للأحزاب من 30 بالمئة إلى 50 بالمئة وصولاً إلى 65 بالمئة على الأقل؛ فإن هذا يعني مزيداً من الفرص أمام النساء خصوصا الحزبيات منهنّ في التنافس في الانتخابات البرلمانية وزيادة إمكانية فوزهن كممثلات عن أحزابهنّ في الدورات الانتخابية القادمة، لافتا إلى أن هذه التعديلات مجتمعة تعني بكل تأكيد أن السنوات العشرة القادمة ستشهد زيادة ملحوظة وغير مسبوقة في نسبة وجود النساء في مجلس النواب.
بدورها، قالت الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، المهندسة مها علي، إن المشاركة السياسية للمرأة ومشاركتها في مواقع صنع القرار، شهدت تقدّما ملموسا مدعوما بإرادة سياسية قوية، حيث أولى جلالة الملك عبد الله الثاني اهتماماً ملحوظاً بتمكين المرأة والشباب وتعزيز دورهم وزيادة مشاركتهم في الحياة العامة.
وتجلت هذه الإرادة في عام 2003 بتبنّي (الكوتا) النسائية والتي دفعت سمو الأميرة بسمة بنت طلال رئيسة اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة بقوة باتجاه تبنّيها، وكانت مطلباً للجنة منذ تأسيسها عام 1992، حيث خصصت من خلال (الكوتا) التي تم إقرارها (6) مقاعد للنساء في مجلس النواب (تم إقرار الكوتا عام 2003)، وارتفعت المقاعد المخصصة للنساء في القوانين اللاحقة لتصل إلى 15 عام 2016، أي ما نسبته 11.5 بالمئة ، كما نجحت 5 سيدات بالتنافس لتصل نسبة مشاركة النساء إلى 15.4 بالمئة والتي كانت أعلى نسبة تمثيل للنساء في مجلس النواب، وفي انتخابات عام 2020 بلغت النسبة 11.5بالمئة ارتفعت لاحقا إلى 13 بالمئة بعد انضمام سيدتين لمجلس النواب، ووصلت نسبة تمثيل النساء في مجلس الأعيان إلى 15.4 بالمئة.
وأكّدت المهندسة علي، مع ما ذهب إليه الخطيب والخوالدة، في أهمية التعديلات الدستورية وقانوني الانتخاب والأحزاب ومساهمة ذلك في ترسيخ وتعزيز حضور المرأة في مواقع صنع القرار السياسي المرأة، كما ونوعا.
وفيما يتعلق بالمجالس البلدية، أشارت علي، إلى أن قانون الإدارة المحلية للعام 2021 نص على أنه "يخصص للنساء في مجلس المحافظة نسبة (25 بالمئة) من عدد أعضاء المجلس المنتخبين".
وعن التطور الذي حصل فيما يتعلق تمثيل النساء في المجالس البلدية أوضحت أنه في عام 2007 تم تعديل قانون البلديات الذي خصص ما نسبته 20 بالمئة حينها من مقاعد المجلس البلدي للنساء، وارتفعت نسبة المقاعد المخصصة للنساء إلى 25 بالمئة عام 2013، كما نص قانون اللامركزيةِ لعام 2015 على أن يضاف للنساء نسبة (10بالمئة) من عدد المقاعد المخصصة لأعضاء المجلس المنتخبين، ومن المعينين (5 بالمئة). وعليه فقد بلغت نسبة النساء في المجالس البلدية 32 بالمئة، و42.7 بالمئة في البلديات غير المقسمة لمجالس محلية، و12 بالمئة في مجالس المحافظات في انتخابات عام 2017، كما حصدت النساء ما نسبته 16.2بالمئة من مقاعد المجالس المحلية بالتنافس، وفي عام 2022 فازت النساء بما نسبته 27 بالمئة من مجموع المقاعد المخصصة لعضوية المجالس البلدية ومجالس المحافظات ومجلس أمانة عمان،.
ووفق الأمينة العامة للجنة الوطنية، تشكل النساء ما نسبته 35.5 بالمئة في الأحزاب السياسية، و21 بالمئة من النقابات العمالية، و28 بالمئة من النقابات المهنية، مضيفة أن المرأة الأردنية أثبتت جدارتها في الجهاز القضائي، حيث باشرت أول قاضية عملها كرئيسة لمحكمة بداية غرب عمان عام 2007، ووصلت نسبة النساء فيه إلى 22 بالمئة في عام 2018 ، وفي عام 2022 ارتفعت نسبة السيدات في القضاء إلى 28 بالمئة، كما شغلت نساء مواقع متقدمة في الجهاز القضائي كقاضية في محكمة التمييز وعضوة في المجلس القضائي ومديرة للمعهد القضائي ورئاسة هيئات في محكمة الاستئناف وغيرها من المواقع المهمة.
وأثبتت المرأة الأردنية كذلك كفاءتها في العديد من المواقع الهامة في الدولة، حيث وصلت نسبة النساء في مجلس الوزراء عام 2018 الى نسبة غير مسبوقة (24 بالمئة)، وتشغل حاليا العديد من النساء مناصب مهمة كأمينة عامة في عدد من الوزارات، وسبق أن شغلت سيدة موقع رئيس ديوان التشريع والرأي، ورئاسة مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان، ومدير عام لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، كما شاركت 18 سيدة من أصل 92 في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية عام 2022.
وتتطلع اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة إلى انعكاس الإصلاحات الأخيرة على زيادة مشاركة المرأة في الحياة العامة والسياسية؛ ما يسهم في تمكين النساء من القيام بدورهنّ في تحقيق تنمية وطنية شاملة ومستدامة، وفي تحسين مرتبة الأردن على المؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين في مجال التمكين السياسي.
تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )