الأنباط -
ستدفع مسارات السياسات الإقتصادية الراهنة البلاد إلى مزيدٍ من الفشل المالي والإقتصادي والخوف من إنتقال تأثيرها الى التشظِّي الإجتماعي والسياسي. وفي تقديرنا، سيقود المسار الحالي إلى عواقب وخيمة على كافة المستويات . أنا لا أبث التشاؤم بل أدُق ناقوس الخطر طالما إدارة الملف الإقتصادي بهذا الشكل.
السؤال بل الإمتحان أمام الحكومة، ماذا بعد؟ إقرار ونشر الحكومة لملامح البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الإقتصادي التي لايمكن إعتبارها بالشكل والمضمون خطة للنهوض بالإقتصاد الوطني. كما دخل قانون البيئة الإستثمارية الجديد، يوم السبت 14 كانون الثاني 2023 حيِّز التنفيذ ويهدف إلى توفير بيئة داعمة للإستثمار جديدة تنفيذاً لرؤية التحديث الإقتصادية التي يتطلَّب تحقيقها من خلال توطين إستثمارات وتمويل بقرابة 40 مليار دينار على مدى السنوات العشر المقبلة ، أي ما يعادل 10 مليار دينار سنوياً حيث ركَّز القانون على حمايةالإستثمارات، وحرية تحويل الأموال، وضمانات وحوافز تشجيعية مرتبطة بالقيمة المضافة للإستثمار والتركيز على رقمنة وأتمتة الإجراءات والخدمات لتخطي المعوقات الإدارية والإجرائية.
قانون البيئة الإستثمارية الجديد لا يمكن إعتباره قانون يعمل على تشجيع الإستثمار ،إن تشجيع الإستثمار ينبغي أن يعالج إرتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج والتجارة من كهرباء وماء والفوائد البنكية والضرائب والرسوم المرتفعة، طالما تكلفة الإقتراض قاربت نسبة 13% سنوياً وتتجاوز البنوك القانون بإعتبارها تُحسب بأثر رجعي كلما رفع البنك المركزي نسبة الفوائد وفق سياسات البنك الفيدرالي الأمريكي .
كما تشير توقعات البنك الدولي، بخصوص نمو إقتصاد الأردن للعامين الحالي والمقبل بنسبة 2,4% وفق آخر تقرير للآفاق الإقتصادية العالمية، كما توقَّع تباطؤ النمو العالمي إلى 1,7% ، وأشار التقرير إلى أن معدلات النمو العالمي تتباطأ بشدة في مواجهة إرتفاع معدلات التضخم، وإرتفاع أسعار الفائدة، وإنخفاض الإستثمارات، والإضطرابات الناجمة عن الحرب الروسية لأوكرانيا. وبالنظر إلى الأوضاع الإقتصادية الهشَّة، فإن أي تطور سلبي جديد - مثل التضخم الأعلى من المتوقع أو الإرتفاع المفاجئ في أسعار الفائدة لإحتواء هذا التضخم، أو عودة تفشِّي أو تصاعد التوترات الجيوسياسية يمكن أن يدفع الإقتصاد العالمي إلى الركود ، والأردن ليس بعيداً عن هذه المؤثرات .
الخلل في ما صدر عن الحكومة لملامح البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الإقتصادي لعام 2023 حيث قُدِّرت كلفة تنفيذ البرنامج لهذا العام بملغ 670 مليون ديناروبكلفةإجمالية 2,3 مليار دينار أردنيحتى نهاية عام 2025 ، حسب رؤية التحديث الإقتصادي من المفروض أن لا تقل الإستثمارات والتمويل الجاهز 4 مليار دينار سنوياً ومشروع قانون الموازنة لعام 2023 لا يتوائم مع البرنامجين الحكومين والحكومة نفسها أقرَّت مشروع قانون الموازنة وإحالته لمجلس الأمة.إن البرنامج الحكومي لعام 2023 ، يستهدف حسب قولهم ، تحفيز الإستثمارات المحلية والدولية من خلال بيئة جذابة للإستثماروالتي قُدِّرت تكلفتها بمبلغ 56 مليون ديناروالكلفة الإجمالية للأعوام 2023- 2025 قُدِّرت بمبلغ 171 مليون دينار اردني .
إن ملامح الخطة التنفيذية الحكومية، تشمل إطلاق منصةإلكترونية خاصة بالمستثمر، وإعداد إستراتيجية وطنية للإستثمار (كيف وصل الخبر بتحديد خارطة الإستثمارات وفق رؤية التحديث بدون دراسات سوقية وإقتصادية وغياب الإستراتيجة الوطنية للإستثمار) كذلك تم تحديد أوجهوتكلفة محركات الخطة خلال العام 2023 كما يلي (56 مليون دينار الاستثمارات و91 مليون دينار صناعات عالية القيمة، 80 مليون دينار الأردن وجهة عالمية، 52 مليون دينار الخدمات المستقبلية ، 138 مليون دينار الريادة والإبداع ، 202 مليون الموارد المستدامة، 33مليون دينار بيئة مستدامة، 18 مليون دينار نوعية الحياة، بملغ إجمالي 670 مليون دينار أردني).
بشفافية ومصداقية نريد أن نعلم وليصحح لنا أي مسؤول من الفريق الإقتصادي الحكومي ، هل أدرجت هذه المبالغ في مشروع الموازنة 2023 المُقرّ من الحكومة، وهل خطة التحديث والنهوض الإقتصادي لازالت في مربع إنشاء قاعدة بيانات وطنية شاملة للأمن الغذائي على سبيل المثال ، هل البرنامج التنفيذي يقر بأن الحكومة لازالت في حالة الدراسة والبحث والتفكير ، ولم ينتقل الجهد والتخطيط الى مركز المبادرة والفعل والعمل ، القول شيء والعمل على الأرض شيءآخر.
كما كشف تقرير لشبكةالباروميترالعربيالبحثية،حول تراجع ثقة الأردنيين بحكومتهم إلى أدنى مستوياتها التاريخية خلال 2022، وهي الآن أقل بمقدار 41 نقطة مما كانت عليه وقت ( إنتفاضات الربيع العربي). أستطيع أن أقول كباحث ومراقب سياسي الحكومة لم تقدِّم برنامج إقتصادي شامل ،أو برنامج تنفيذي لجذب المستثمرين من خلالقائمة مشاريع إستثمارية واضحة ومحددة المعالم من رأس المال المطلوب وحاجة السوق وعوائدها وقيمتها المضافة بزيادة معدلات النمو وخلق فرص الوظائف جديدة ومساهمتها في دعم الموازنة (تخفيض العجز) وربحيته الإستثمارات التقديرية، أليس كذلك ، هل هناك من تصحيح بكل الإحترام.
الرئيس التنفيذي / مرصد مؤشر المستقبل الإقتصادي
anwar.aak@gmail.com