الأنباط -
دمُ الشهداء الذي يوحدنا
محمد داودية
لا أحد في بلادنا، لا أحد، يماري في الحق بالتظاهر المطلبي والسياسي السلمي، بدءا جلالة الملك مرورا برئيس الوزراء وقائد الجيش ومدراء الأجهزة الأمنية، وانتهاء بالجندي الذي بات واجبه، ليس قمع المسيرات والمظاهرات، لا بل مواكبتها وحراستها وحمايتها، وتقديم الماء والاسعاف للمحتجين، حين يقتضي الحال.
في بلادنا لا يطلق ابناؤنا الضباط والجنود النار على ابنائنا. في بلادنا يرتقي ابناؤنا الشهداء حملة الشعار الطاهر، برصاص الغدر والضلال والخوارج.
في بلادنا يسيل دم ابنائنا رجال الأمن العام والمخابرات العامة وهم يداهمون التكفيريين الاشرار ومروجي المخدرات والسّلابة، مثلما يسيل دم ابنائنا نشامى القوات المسلحة المرابطين على الثغور في الكوانين، التي يقص بردها المسمار وتجمّد حليتتها الدم في العروق.
تم رفع أسعار المحروقات التي تضرر من رفعها كل أردني وأردنية، خاصة ذوي الدخل المحدود المهدود. فاعتصم سائقو الشاحنات والحافلات والمركبات، معلنين عن تأذيهم ووجعهم من الرفع وهو توجّع حقيقي ومحق لا يجادل أحد في الأذى الناجم عنه وضرورة اتخاذ اجراءات تجعل وقعه خفيفا على الناس.
إلى هنا والحق حق.
إلى ان تنطع الانتهازيون الباحثون عن دور وماكروفون وبث هواتف، الذين ليس لهم علاقة بالشاحنات والنقل، لا من قريب و لا من بعيد. فركبوا الموجة وتصدروا، فحرضوا وألبوا وهيّجوا وهددوا وشتموا، منتهزين فراغ عدم وجود إطار مرجعي نقابي للمضربين.
لقد أتاحت الفوضى التي افتعلها المحرضون المذهونون، للمجرمين التكفيريين سانحة مذهلة لمقارفة اجرامهم وهماً منهم، انهم سيفلتون من قبضة الأمن العام بجريمة اغتيال الشهيد العميد عبد الرزاق عبدالحافظ الدلابيح.
لقد قدم ابناؤنا ضباط وجنود الأمن العام المشهود لهم بالتضحية والكفاءة العالية، ارواحا غالية على وطننا فطرت قلوبنا، لضرب خلية الإجرام التي لو لم تُضرب، لضربت هدفاً عاماً رخواً في موقع آمن آخر في بلادنا.
آن أوان شكم الأوغاد متصيدي الأزمات والمحن والكوارث، الذين لا تعنيهم صورة بلادنا ولا دماء ابنائنا، بقدر ما يهمهم في المقام الأول والأخير، قطف اللايكات و نفخ الذوات.
نحن ملامون حين نمنح الفاجرين فرسان التواصل الإجتماعي، المحرضين على الخراب والفوضى، انتباهنا ومتابعتنا.
لقد خابوا،
فقد عزز دمُ ابنائنا الشهداء الكرام، على أرواحهم شآبيب الرحمة، وعينَا ورشدَنا، ووحدنا الدمُ الزكي صفاً فولاذيا واحداً خلف قيادتنا الهاشمية، الحازمة حين الحزم، السموحة حين السماحة.