الأنباط -
شذى حتامله
بالرغم من ان المرأة تشكل نصف المجتمع وثاني اكبر ركيزة اقتصادية للاسرة الا انها لا تزال تعاني من ضعف وقصور في دخولها لسوق العمل والوصول إلى مناصب قيادية وانحصارها في مهن معينة ومحددة، لذلك لابد من إعادة تفعيل مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية بما يتماشى مع رؤية التحديث الاقتصادي التي تدعو إلى زيادة نسبة مشاركة المرأة في الاقتصاد.
وأكد تقرير صادر عن دائرة الاحصاءات العامة ان معدل البطالة للإناث خلال الربع الثاني من عام 2022 بلغ (29.4%) للإناث، ويتضح أنّ معدل البطالة للإناث انخفض بمقدار 3.7 نقطة مئوية مقارنة بالربع الثاني من عام 2021.
وزيرة الدولة لشؤون المرأة سابقا ناديا العالول قالت أن هناك أسباب هيكلية لضعف دخول المرأة لسوق العمل من أبرزها ؛ قلة انتشار الحضانات وساعات دوام تناسب عمل الأمهات باماكن قريبة من عملهن، وبالتالي هذا يؤدي إلى عزوف المرأة من الدخول إلى سوق العمل أو انسحابها، مبينة ان أرقام الضمان الاجتماعي تؤكد ان المرأة تنسحب من سوق العمل بعد انجاب الطفل الأول لها، إضافة إلى أسباب أخرى تتعلق بضعف منظومة النقل وعدم توافر المواصلات، مشيرة إلى أن دراسة أجرتها مؤسسة صداقة عام 2018 أظهرت أن 47 ٪ من النساء يرفضن الوظيفة بسبب سوء وسائل النقل، مؤكدة ان وسائل النقل غير آمنة ولا تناسب احتياجاتهن كـ نساء وقدرتهن على التنقل مع أطفالهن.
وأشارت إلى أسباب أخرى تضعف من التمكين الاقتصادي للمرأة من اهمها عدم تكافؤ الاجور وانخفاضها تحديدا عند النساء في القطاع الخاص، وضعف في الحماية الاجتماعية للعاملات والتي لها علاقة بالتامين الصحي والضمان الاجتماعي ومزايا الامومة، مشيرة إلى أن هناك نسبة قليلة من النساء اللواتي يشتركن في الضمان الاجتماعي، والعديد منهن يعلمن دون وجود عقود عمل وباجور متدنية.
وبينت ان البطالة ارتفعت خلال جائحة كورونا لدى الطرفين الا انها ارتفعت بين النساء نظرا لـ زيادة الآعباء الاسرية عليهن لانشغالهن في تربية ابنائهن في فترة إغلاق المدارس، ما دفعهن لترك العمل، مشيرة إلى أن المرأة ما زالت تعاني من تمييز في جميع الاصعدة وبالعملية الاقتصادية والسياسية والمجتمعية، مؤكدة ان زيادة تمكين المرأة اقتصاديا يتطلب توفر بيئة آمنة للعمل وتوفير حضانات، مبينة أن الصورة النمطية للمرأة والعادات والتقاليد والتنشئة الاجتماعية حصرت عمل المرأة في التعليم والصحة الا ان المرأة قادرة على العمل في كافة المهن.
وفي السياق ذاته قالت وزيرة النقل السابقة الدكتورة لينا شبيب، ان المرأة تواجه معيقات وتحديات عديدة عند دخولها سوق العمل، مبينة أن المعيقات الفنية تتضمن وسائل النقل التي هي جزء أساسي لـ الحركة ومساعدتها في إمكانية الوصول لأماكن العمل، إضافة إلى عدم توفر الحضانات وفي حال توفرت تكون كلفتها مرتفعة.
واضافت أنه لا يوجد تشريعات تميز وتخصص عمل معين للمرأة، موضحة انه كان سابقا يوجد بعض البنود في قانون العمل تحد من مشاركة المرأة في بعض الأعمال الا أنه تم معالجتها، مشيرة إلى أن بعض المهن يفضل أصحاب العمل تعين الذكور، وأن هناك معيقات اجتماعية نظرا للصورة النمطية أن بعض المهن لا تناسب النساء للعمل فيها.
وتابعت، أن الضمان الاجتماعي ساهم في التمكين الاقتصادي للمرأة من خلال منحها راتب أثناء اجازة الامومة، مشيرة إلى أن القطاع الخاص لو كان معفي من دفع الراتب للنساء أثناء فترة الامومة يعتبرها انقطاع عن العمل ويتطلب منها الديمومية في العمل لذا تفقد المرأة عملها، لافتة إلى أن بعض الثقافات والبيئات الاجتماعية تعتقد أن عمل المرأة الأساسي هو الاسرة، وما زال الكثير من الأشخاص لا يؤمنون بقدرة المرأة.
واقترحت شبيب لزيادة التمكين الاقتصادي للمرأة الاستمرار المهني للمرأة وعدم انقطاعها عن عملها، إضافة إلى توفير ظروف وبيئة عمل آمنة لها من خلال توفير وسائل نقل مناسبة ودور حضانات، مضيفة اهمية مساعدة المجتمع في تمكين المرأة من خلال تغيير الصورة النمطية عن عمل ألمراة.
بدورها قالت الأمين الاول لـ حزب الشعب الديمقراطي الأردني حشد عبلة أبو علبة، أن هناك تحديات تواجه المرأة الأردنية في مجال التمكين الاقتصادي تتعلق بالسياسات الاقتصادية نفسها، مبينة أن هذه السياسات هي التي أدت إلى أن يعتمد الاقتصاد الأردني على المساعدات والقروض والهبات والشروط التي تفرضها المؤسسات الدولية على الاقتصاد الأردني.
واضافت ان الاقتصاد الأردني اصبح اقتصاداً خدماتياً بدلاً أن يكون اقتصاداً منتجاً تشغيليا لكل الطاقات الشبابية والاجيال المتابعة، مضيفة ان هذه هي المشكلة الرئيسية التي تحول دون معالجة مشكلة البطالة المتفاقمة بين الشباب ذكوراً وإناثاً، وتحديداً الاناث.
وأشارت أبو علبة إلى أن هناك عوائق كثيرة تواجهها النساء العاملات مرتبطة بـ التشريعات أحيانا وبـ الإجراءات أحيانا أخرى،موضحة انه ما زالت توجد ظاهرة الفرق بين الأجور للعمل المتساوي قائمة على الرغم من وجود مادة في قانون العمل تنصّ على المساواة في الاجر للعمل المتساوي، مبينة أن هناك مشكلة كبرى تتعلق بنقص وسائل النقل العمومية ومدى صلاحياتها لاستخدام العاملات، سواء في المدن أو في الريف "العاملات الزراعيات".
وأضافت، أنه من الطبيعي أن يكون للمرأة دور واسع في قطاعات الصحة والتعليم تحديداً، وهذه الظاهرة موجودة في كثير من الدول العربية وغير العربية، لافتة إلى أن عمل المرأة في قطاعات أخرى أيضا مثل التكنولوجيا الرقمية ومهن الهندسة والطب والمحاماة بدأت تشق طريقها في الأردن بـ القدر الذي تتوفر فيه مجالات عمل في هذه القطاعات.
وتابعت، إن معالجة مشكلة البطالة عند النساء، تعتمد أساساً على إحداث تعديلات جوهرية على السياسات الاقتصادية والتحول نحو الاقتصاد الإنتاجي، مبينة أن هذا يستلزم تطوير قطاعات الصناعات بأنواعها، والزراعة، والسياحة، وكل ما جادت به الطبيعة بالنسبة لتوفر الموارد الطبيعية في الأردن، لافتة إلى أن الاقتصاد الإنتاجي الكفيل بتقليص حجم البطالة بين الشباب ذكوراً واناثاً، إضافة الي معالجة عدد من القضايا الأخرى مثل التمييز في الأجور وتوفير وسائل نقل آمنة، وبيئة مناسبة لعمل المرأة.
إلى ذلك قالت المحامية ومستشارة جمعية معهد تضامن النساء الأردني انعام العشا، ان هناك تحديات ومعيقات عديدة تقف عائق امام التمكين الاقتصادي للمرأة ومنها تواضع التدريب التي تتاح للنساء، مضيفة أن بعض الأحيان تلعب الثقافة المجتمعية والصورة النمطية ؛ أن المرأة غير قادرة على العمل في مهن معينة دور كبير في حرمان العديد من النساء لبعض الوظائف.
واضافت، أن هناك معيقات أخرى تتعلق بوسائل النقل وجزء اخر له علاقة بتدني الاجور، موضحة ان الاجور قد تكون غير مجزية وكافية إضافة إلى ان هناك تفاوت في الاجور بين الذكور والاناث، موضحة أن المرأة تعاني من عدالة في الوصول للفرص والموارد، وان العديد من أرباب العمل يفضلون توظيف الذكور بدل من الإناث لأسباب تتعلق بساعات العمل والقوة البدنية للرجل وباعتقادهم أنه المعيل للاسرة.
واقترحت العشا لـ معالجة البطالة عند النساء ضمان وجود تشريعات عادلة واتاحة فرص العمل لـ النساء على قدر العدالة مع الرجل، داعية الى العدالة في الاجور ما بين الذكور والاناث وان تكون محفزة، ومؤكدة على ضرورة وصول المرأة إلى المناصب القيادية وعدم حصرها في وظائف محددة من الممكن أن يحفزها على الاستمرارية في العمل، مضيفة أن من الحوافز ان يكون القانون يضمن لها توفير كافة الخدمات من دور حضانات والحرص على الحصول على حقوقها كاجازة الامومة وساعات الرضاعة إضافة إلى توفير وسائل النقل الآمنة.