الأنباط -
أثر تذبذب أسعار النفط عالمياً على الوطن العربي
الأنباط_رؤى الزعبي
التغيرات العديدة في اسعار النفط "ارتفاعاً أو انخفاضاً" في الاسواق العالمية تبعا لتقارير تتعلق في إضرابات يعاني منها العالم، خصوصاً بعد قرار حظر النفط الروسي وتراجع أسعار النفط مع استمرار ارتفاع حالات الإصابة "بكوفيد 19" في الصين، أثار مخاوف من انخفاض الطلب على الوقود في أكبر دولة مستوردة للخام في العالم "الصين" ، وهو ما طغى على المخاوف بشأن تصاعد التوتر الجيوسياسي في العالم،إضافة الى ان الولايات المتحدة الأمريكية، عملت على تقليل نسبة التضخم ، مما قد يسمح لمجلس الاحتياطي الاتحادي بإبطاء وتيرة رفع أسعار الفائدة ، الأمر الذي يؤثر على أغلب الدول العربية غير النفطية وخصوصا الأردن، لتشكل الفاتورة النفطية عبئاً ثقيلاً يتم تمرير كلفته بشكل مبالغ فيه الى المواطنين والقطاعات الاقتصادية المختلفة.
ويرى الخبير الاقتصادي مازن مرجي، ، أن التغيرات في أسعار النفط ارتفاعاً أو انخفاضاً في الاسواق العالمية لها عدة أسباب أبرزها؛ تتعلق في مشاكل تعاني منها أسواق معينة، إضافة إلى زيادة انتشار فيروس "كوفيد 19 " في الصين والتي تثير مخاوف من تباطؤ الطلب العالمي على النفط وخاصة أن الصين تعد ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية وأول اقتصاد مُصدر عالمياً، مبينا أن مثل هذه المخاوف لا يمكن أخذها بمعزل عن مقومات أخرى تتعلق بالصين تحديدا أو باقي العالم وبالتالي بناء استنتاجات حول تراجع دائم أو كبير على أسعار النفط عالميا.
وأوضح أنه يجب عدم الأخذ بعين الاعتبار مسألة زيادة حالات "كوفيد 19" بالاعتبار ، لأن المؤشرات القادمة من الصين تتحدث عن أن الاقتصاد الصيني حافظ على انتعاشه مع نمو مضطرب للصناعة والاستثمار رغم الضغوطات المختلفة مع ملاحظة مؤشرات إيجابية في قطاع العقار على الرغم أنه مستمر في اتجاه تنازلي.
وبين أن اتفاقية تخفيض إنتاج النفط بين كل من روسيا والسعودية بمقدار 2 مليون برميل يوميا جاء بهدف المحافظة على أسعار النفط بحدود "90 دولار للبرميل"، وذلك لأسباب كثيرة أهمها ؛ التوقع عالميا بتراجع الطلب على النفط خلال العام القادم 2023 ، حيث قدر تقرير صادر عن منظمة "أوبك"، أنه قد ينخفض الطلب العالمي بمقدار 2.2 مليون برميل يوميا مع الأخذ بعين الاعتبار الحظر المفروض على النفط والغاز الروسي والمستمر منذ عدة أشهر .
ولفت أن التوقعات والسعر المستهدف من قبل "أوبك" يدور حول 90 دولار للبرميل، وهذا السعر وسطي عادل حسب رأي "أوبك" ومنتجين آخرين للنفط، وهذا بالتأكيد أقل من السعر الذي حققه النفط منذ بداية ازمة الأوكرانية الروسية حيث بلغ خام برنت 116 دولار في شهر آذار 2022 وهو اعلى مستوى له منذ عام 2013 ، ثم تراجع الى حدود تزيد قليلا 90 دولار مع نهاية العام 2022 ، مشيرا إلى أن الكثير من التوقعات أكدت بقائه عند هذه المستويات خلال العام القادم 2023 حيث يرتبط ذلك بالتباطؤ الاقتصادي المتوقع عالميا ، والذي يتوقعه بعض الخبراء ومراكز الأبحاث، أنه قد يؤدي الى ركود اقتصادي عميق، وذلك بسبب مباشر لاستمرار تسجيل نسب التضخم العالية والسائدة عالمياً وخاصة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا ودول أخرى..
وتابع يجب أن نفرق بين تأثير الأحداث العالمية الكبرى مثل الأزمة الأوكرانية الروسية وما رافقها من عقوبات اقتصادية واسعة جدا على روسيا ، والتي انعكست بصورة واضحة على أسعار النفط والغذاء والاسمدة وغيرها، وبين تقارير جزئية تتحدث عن زيادة في انتشار وباء "كوفيد 19"، والتي تتأثر بها الأسواق بسبب محاولة المضاربين تحقيق الأرباح اعتماداً على مثل تلك الأخبار المحدودة النطاق والأثر..
وأوضح مرجي ان تغير أسعار النفط يوثر على الدول العربية غير النفطية من بينها الأردن ، حيث تشكل الفاتورة النفطية عبئاً ثقيلاً يتم تمرير كلفته بشكل مبالغ فيه الى المواطنين والقطاعات الاقتصادية المختلفة، حين ترتفع الأسعار وبالعكس مع ذلك لا تمرر الانخفاضات على أسعار النفط عالميا بشكل عادل ليستفيد منها المواطنين والقطاعات الاقتصادية، وذلك بسبب حالة الاحتكار المطلق للحكومة لسوق النفط والطاقة عموما وبالتالي تستمر حالة النمو الهامشي للاقتصاد لتبقى المعاناة وغياب التحسن في أوضاع المواطنين بشكل عام.
فيما يتعلق بـ الدول العربية النفطية وخاصة السعودية المستفيد الأكبر من ارتفاع أسعار النفط حين يرتفع بشكل ملموس ، ولديها القدرة من خلال الميزة الاحتكارية لمنظمة "أوبك" في التحكم بالأسعار عالمياً، فإن ابقاء تدفق الايرادات من صادرات النفط مستقرة في صالحها ولكن في المقابل إذا تحققت أي حالة ركود في الاقتصاد العالمي وتراجع الطلب على النفط بصورة حادة كما حدث خلال السنوات بعد العام 2014 ، فهذا بالتأكيد سيؤدي الى خسائر كبيرة جدا لهذه الدول و تراجع ايراداتها من النفط بشكل خطير يهز أركان اقتصاديات تلك الدول.
وقال المحلل الاقتصادي حسام عايش بدوره، إن متابعة التغيرات اليومية في اسعار النفط والغاز والمشتقات النفطية ،لا يعطي صورة عن توجهات الاسعار، لان تغييرها بحسب التغيرات الجارية، وتتأثر بأي حدث مثل حدث سقوط الصاروخ في بولندا، ولكن هناك اتفاق أن حاجة العالم من النفط للعقدين القادمين، سوف يكون هناك ارتفاع على الاستهلاك بما يقارب 100مليون برميل يومياً إلى ما يقارب 110 مليون برميل يومياً.
ورأى في تصريحات خاصة بـ "الأنباط" أن العالم سوف يكون بحاجة لمزيد من الاستثمارات في قطاع استخراج النفط والغاز، بالنظر للطلب المتزايد حتى في السابع التوقعات سواء بارتفاع او انخفاض تأتي حسب اتجاهات الفائدة الأمريكية والأزمة الأوكرانية الروسية،وكورونا من الصين وأحداث إقليمية لدول منتجة للنفط في ليبيا والعراق ونيجيريا وفنزويلا.
وتابع أن موضوع ارتفاع وانخفاض الطلب من الناحية الاستراتيجية يتم النظر له بوجود طلب متزايد متوقع على النفط، ويأتي هذا الطلب متوافقاً لما أصاب الاستثمار في الطاقة المتجددة من خلل واضح بسبب تفاجىء أوروبا " المستثمر الأكبر للطاقة المتجددة عالمياً"، بسبب نتائج الحرب الأوكرانية الروسية التي دفعت للنظر لأولوية توفير الوقود الأحفوري على حساب الطاقة المتجددة التي تبين أنها لا يمكن أن لا تغني أوروبا عن الغاز و الطاقة الأحفورية وخصوصاً الغاز الروسي ، وهذا البحث يحتاج لسنوات ليتمكن البديل من التعويض عن الغاز الروسي بشكلً كامل ، لافتا أن دخول الولايات المتحدة بمرحلة الركود يدفع بانخفاض أسعار النفط ، لكن قيام " أوبك بلص" بتخفيض الإنتاج اليومي الى 2 مليون برميل أدى إلى بقاء سعر النفط ما بين (90 الى 100) دولار، وكأن هدف "أوبك بلص" ليس رفع الاسعار وانما تثبيتها ضمن الحدود .
وأضاف إن التضخم الجامح ورفع أسعار الفائدة في الغرب وخصوصا في أوروبا والولايات المتحدة يقلل الطلب على الطاقة، ولكن مع قرب التوقف عن استيراد الغاز الروسي للشهر القادم ،اضافة لقرار "أوبك بلص" مع الأنباء المتواترة أن الولايات المتحدة قد لا تدخل في مرحلة الركود، فإن أسعار النفط مرشحة للارتفاع وهناك من يتوقع وصولها الى اكثر من 100 دولار أو 125 دولار ، لذلك فمن المهم تأمين الطاقة وإمدادات الطاقة "الامدادات وسلاسل التوريد و الاسعار وامكانية توفير الحاجات وتوفرها بأسعار مناسبة للدول".
وأشار إلى أن العالم يحتاج إلى 12 تريليون دولار من الاستثمارات ودول الأوبك بلص، لذلك يمكن القول انه تم اعادة الحياة للوقود الأحفوري ، فقد كنا نتحدث عن عصر ما بعد النفط والان سوف نتحدث عن العصر الجديد للنفط ، ولعل الأزمة الأوكرانية الروسية وأزمة التعافي من كورونا ، والحرب العالمية النفطية ضد الغاز الروسي والموقف الاخضر للادارة الحالية من الاستثمار في النفط الصخري والوقود الأحفوري وتشجيعها للطاقة النظيفة والمتجددة، دفعت العالم إلى أن تصبح حاجته من الطاقة الأحفورية برغم المخاطر المترتبة عليه مناخياً أكبر من قدرة انتظاره لنتائج الاستثمار للطاقة النظيفة، ولكن بالعكس كان التوجه نحو الفحم والطاقة النووية، علماً ان اغلب الدول تعمل على تقليل من هذا النوع من الطاقة أو توقيفها ، لكن الاخطر الان ان العالم يتعرض الى أزمة مناخية والتغيرات المناخية التي تؤثر على الاستثمارات في الطاقة المتجددة و الأحفورية وبالتالي النفط والوقود الأحفوري قد يكتب له عمراً جديد من المتغيرات المناخية والدولية .