الأنباط -
سبأ السكر
تكمن أهمية البحث العلمي للدولة الساعية للتقدم والتطور؛ فهو قاعدة الأساس لبنية الاقتصاد القائمة على المعرفة والابتكار، بالإضافة لتحقيق التنمية المستدامة والوصول إلى مجتمع يفكر في تحديات المستقبل، لذلك ترفع الدول المتقدمة منذ عدة عقود نسبة ما تنفقه على البحث والتطوير من القطاعين العام والخاص إلى ناتجها المحلي الإجمالي، في حين بات التوجه للدول النامية في المنطقة العربية وخاصةً في المملكة في انفاق شبه معدوم للبحث العلمي وباحثيه.
علق الخبير الاقتصادي حسام عايش ان البحث العلمي والإنفاق عليه، وبراءات الاختراع وغيرها؛ تحتاج إلى رعاية ودعم، وبالتالي فإن الانفاق على البحث العلمي في الدولة ليس قرار يتم اتخاذه وإنما نتيجة يبحث عنها، موضحًا أن هناك مشكلة في دعم قطاع البحث العلمي في المملكة والمنطقة العربية، والدول المشابهة ووجوده لإسباب تتعلق بأظهار جانب إيجابي في النفقات، في حين أن البحث العلمي في هذه الدول لم يؤدي إلى النتائج المرجوة فيما يتعلق النتائج المترتبة عليه، لإسباب كثيرة أبرزها؛ قلة الانفاق على الابحاث العلمية، أو أن المستوى العلمي والمعرفة لا يستجيب لمتطلبات الابحاث العلمية ذات الجودة العالية والنتائج المختلفة، أو ينقص الباحثين الخبرة والمعرفة لإجراء هذه الابحاث.
وتابع، أن تكرار الابحاث التي قامت بها الدول المتقدمة وتقليدها دون إضافة شيء جديد يضعف هذا القطاع، في حين أن المؤسسات المعنية المطالبة بعمل ميزانية للقيام بالابحاث العلمية؛ تقوم بذلك لتقليل الضرائب عليها وليس عن قناعة كاملة بتخصيص ميزانية للابحاث العلمية، مؤكدًا أن البحث العلمي؛ هو جزء من التدريب المتواصل على الابتكار والاختراع والتفكير في تسلسل علمي ومنهجياته واساليبه، ومعايير يستند لها، مشيرًا أن إنتاج المحتوى العلمي في الدول العربية يساوي أقل بثلاثة أرباع من إنتاج المحتوى العلمي في دولة مجاورة.
وطالب بالقيام بابحاث علمية على مستوى الشخصي، كدولة زراعية والتفكير بعمل ابحاث لتطوير القطاع، في حين أن البلاد لديها شح في المياه لذا عليها بالتفكير في ابحاث علمية لتوفير المياه وتطوير تقنيات استخدامها، والعمل على صناعات تؤدي إلى فائدة أكبر مما هي متوفرة لدى البلاد، مضيفًا أن المملكة تستطيع العمل على ابحاث وامكانيات تواجه بها التغيير المناخي، بالإضافة إلى العمل على الجهات السياحية وتطوير النشاط السياحي والمحافظة على البيئات والاماكن السياحية، في حين أن البلاد تحتاج إلى نتائج الابحاث العلمية لتقليل الكلف المرتفعة في المملكة وإيجاد البدائل بكلفة أقل وجودة عالية وهو التحدي لازدهار الاقتصاد الأردني.
وأضاف أن "ما ينفق على الشاي والقهوة في المملكة والمنطقة العربية أكثر بكثير مما ينفق على البحث العلمي " مستنداً على هذا القول بتقرير لصندوق دعم البحث العلمي في السنوات السابقة، يفيد أنه تم إنفاق نحو 42 مليون دينار خلال عشر سنوات الأخيرة على البحث العلمي ، مبيناً أن هذا المبلغ لا يؤسس لبيئة علمية ونشاطًاً علمياً حقيقياً ، في حين أن بعض الدول تنفق على البحث علمي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي والتي قد يتجاوز 4.5% وأكثر، في حين أن المنطقة العربية لا يتجاوز 1% كحد أقصى، وفي دول كالأردن تترواح نحو 0.3%،.
وأكد على أهمية تهيئة الباحثين وتطويرهم في القطاع البحث العلمي، ضاربًا مثالاُ بانفاق كوريا 4% من إجمالي الناتج المحلي على القطاع ، والبالغ نحو 70 مليار دولار، وحوالي 6820 باحثًا وأكثر في السنوات السابقة، إي باحث علمي لكل مليون مواطن، في حين تنفق جامعة هارفرد أكثر من مليار دولار على البحث العلمي، مبينًا أن هناك دول مشابهة لـ الأردن تنفق 240 مليون دولار قد لا تكفي إلا للمتطلبات الأولية للابحاث العلمية.
ودعا إلى إنشاء مركز موحد ومنتدى للجامعات الأردنية الرسمية والخاصة للابحاث العلمية لتجتمع العقول كل حسب اختصاصه لتطوير الابحاث العلمية في كل القطاعات الاقتصادية، لاسيما أن الانفاق على القطاع قليل إلا أن في بعض الآحيان تكون الأفكار تساعد على انجاز ابحاث يمكن استخدام منتجاتها مباشرةً في السوق، مطالباً بـ تطوير الأفكار التي تعمل على دعم البحث العلمي باعتباره جزء من الاستثمار الحاضر والمستقبل، موضحًا ان اقتصاد البلاد لا زال ناميًا لذا يحتاج إلى تمويل مستدام للابحاث العلمية الحقيقة بعيدًا عن الانفاق على المتطلبات الأولية كعمليات التدريب الأولية والهامشية، وعلى الموتمرات والندوات التي ليس لها فائدة لهذه الابحاث والانفاق عليها.
وبين أن الاستثمار في البحث العلمي ؛ هو ثورة كامنة يجب الانفاق الحقيقي عليه بما يتطلبه الاحتياجات الاساسية سواءً للأفراد والمجتمعات ولجميع القطاعات الاقتصادية، داعيًا العمل على تعديل المناهج الوطنية باحتوائها على تمكين الطلبة من البحث العلمي، وتحفيزهم من خلال المسابقات على مستوى الابحاث بالتعاون مع الجامعات والقطاع الخاصة، ومكافئة الابحاث التي تعود بالفائدة للمملكة، موضحًا أن مشكلة الانفاق على البحث العلمي قديمة ويأتي حلها باجبار القطاعات والمؤسسات على أن يكون البحث العلمي جزءً من نظامها الداخلي، ومكافئة المؤسسات التي ينتج عنها ابحاث يكمن تطبيقها مباشرةً في متطلبات المجتمع المختلفة.
من الجدير ذكرهُ، أن ملخص سياسات تحت عنوان "حماية الحقوق الملكية: المدخل نحو تعزيز الابداع والابتكار"، أظهر أن الأردن من أقل الدول انفاقًا على البحث والتطوير، وفقُا لمنتدى الاستراتيجيات الأردني. .