الأنباط -
للأمانة المهام والتحديات أمام وزارة العمل ووزيرها ليست بالسهلة في ظل جائحة كورونا وشبح البطالة والعمالة الوافدة والوضع الإقتصادي والثقافات المجتمعية وغيرها؛ فقد إلتقيت وزير العمل معالي الأخ يوسف الشمالي وبعض من فريقه العامل للحديث عن برنامج خدمة وطن والإتفاقيات الموقعة بين الوزارة وبعض الجامعات الأردنية على سبيل تأهيل وتدريب الشباب لسوق العمل؛ وأدركت حجم الملفات التي يضطلع بها معاليه والمسؤولية والتحديات التي يواجهها والتي تحتاج لتضافر الجهود الوطنية والتشبيك مع مؤسسات القطاعين العام والخاص على سبيل إيجاد فرص العمل للشباب العاطل عن العمل والذي باتت البطالة عنده الهم والتحدي الأول في حياته:
١. وفق قانونها فإن وزارة العمل هي الجهة المسؤولة عن التشغيل وتوفير فرص العمل للأردنيين داخل وخارج الأردن؛ ومناط بها أيضاً الإشراف على شؤونهم وتنظيم سوق العمل وتدريب وتأهيل الأيادي العاملة سواء الجامعيين أم غيرهم؛ وهذه مهمات جسام ربما تظهر نظرياً بسيطة لكنها في جوهرها تحتاج لجهود وطنية مخلصة وتشاركية بين كل المؤسسات من خلال إستراتيجيات متداخلة.
٢. تنوّع طبيعة عمل الوزارة يحتّم عليها الغوص في تنظيم سوق العمل في مجالات التشغيل والتفتيش والعمالة الوافدة والسلامة والصحة المهنية وضمان طابع الجندرية والشبابية في التشغيل وضمان حقوق العمال وإصدار التصاريح اللازمة للعمالة الوافدة ومتابعتهم؛ وهذه مهام واسعة وفضفاضة وتحتاج لمتابعة دقيقة وجهد دؤوب.
٣. تحديات جائحة كورونا أمام وزارة العمل والحكومة ليست بالسهلة في ظل شح فرص العمل والإستثمارات؛ وفي ظل تسريح العديد من العمال من بعض المؤسسات المغلقة في القطاع الخاص؛ وفي ظل الوضع الإقتصادي العالمي الصعب في هذا الظرف الذي هو أسوأ من الأزمة المالية عام ٢٠٠٨-٢٠٠٩.
٤. الأردن ليس بعيداً عما يعانية العالم برمته والذي وفق منظمة العمل الدولية سيخسر أكثر من ١٩٥ مليون وظيفة بدوام كامل منها حوالي خمسة مليون وظيفة في الدول العربية؛ حيث الدول العربية هي الأكثر تأثراً عالمياً بالوضع الإقتصادي الصعب في هذه الظروف.
٥. برنامج خدمة وطن من البرامج الطموحة التي بدأت بتأهيل وتدريب الشباب -بغض النظر عن مستواه التعليمي -إلى متطلبات سوق العمل؛ وهذا البرنامج للأمانة يتواءم مع تطلعات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لضبط موضوع التخصصات الراكدة والمشبعة؛ ويرفد الشباب بمهارات وتقنيات مطلوبة لتخصصات المستقبل وحاجات السوق؛ ولهذا مطلوب من الحكومة الإبقاء عليه ودعمه بكل طاقاتها وخلق حالة تشاركية مع الجامعات ليكون البرنامج منتهي بالتشغيل وفق ضوابط ومعايير جديدة وخصوصاً أن الجامعات المشاركة باتت تمتلك خبرات التدريب والقوى البشرية واللوجستيات اللازمة لذلك.
٦. البطالة الشبح الكبير التي كرة ثلجها باتت تكبر يوماً فيوماً؛ والأخطر البطالة المقنعة منها والتي تعصف بشبابنا المتقدمين لديوان الخدمة المدنية بواقع أربعمائة ألف شاب وشابة؛ بيد أن العمالة الوافدة تصل لحوالي ٢٨٪ من القوى العاملة ومليون وربع عامل؛ ما يؤشّر لضرورة ضبط توازن السوق بين مخرجات التعليم ومتطلبات السوق؛ مطلوب التصدي لها ببرامج واستراتيجيات بتطبيق عملي وواقعي للإستراتيجية الوطنية للتشغيل والإستراتيجية الوطنية للموارد البشرية وغيرها.
٧. حماية حقوق العمال وإستدامة فرص العمل وتدفقها أمر في غاية الأهمية؛ فالأجور والإجازات ومهارات العمل عن بُعد إبان الجائحة وبعدها والتعويضات وبرامج الضمان الإجتماعي الداعمة للعمالة ومعضلة تسريح العمالة كلّها بحاجة لضوابط وتشريعات ناظمة تتواءم مع العصر.
٨. برامج الضمان الاجتماعي الممولة ذاتياً بهدف تدابير مرحلية وإستثنائية لضمان إستدامة العمل والوضع المالي للعمال سواء المشتركين أم عمال المياومة غير المشتركين بالضمان الإجتماعي؛ وكذلك المتعطلين عن العمل وسلف العاملين وبرامج التمكين الإقتصادي كلّها ملفات ليست بالسهلة وتدار من خلال مجلس إدارة الضمان الإجتماعي التي يرأسه وزير العمل.
٩. الجهود الوطنية التي يقوم بها صندوق إستثمار أموال الضمان الاجتماعي والتي تسعى لخلق فرص العمل وفق التوجيهات الملكية السامية من خلال المناطق التنموية والحرة والصناعية وجلب الإستثمارات إليها وتحقيق معادلة موزونة بين محافظات المملكة في هذا الشأن؛ كلّها تصب في الجهد الجمعي المترادف للقضاء على البطالة وتوفير فرص عمل للشباب.
بصراحة: الجهود الوطنية المخلصة التي تقوم بها وزارة العمل والمؤسسات التابعة لها أو التي يرأسها وزيرها النشط يوسف الشمالي لا يمكن أن ينكرها إلا جاحد؛ لكنها تحتاج أيضاً لدعم وطني بتضافر الجهود والتشاركية والتشبيك مع مؤسسات القطاعين العام والخاص على سبيل تحقيق الهدف الأسمى لتطلعات جلالة الملك المعزز في توفير فرص العمل للشباب العاطل عن العمل؛ وبقدر العدد الذي ندرّبه ونؤهله ونشغّله في سوق العمل يزداد مؤشر نجاحاتنا.