الأنباط -
غريب أمر الخطاب الإعلامي الأردني، وتحديدا وقت الأزمات حيث تتنوع الروايات، ومطلقيها، وأصحاب الاختصاص يظهرون من كل حدب وصوب، ويتوه المواطن في غياهب الجب، لا يفهم شيء، ولا يقف على حقيقة الواقع، ويصعب بالتالي الأخذ بجدية أي قرار أو توجه حكومي.
خلال يومي الاثنين والثلاثاء، عدد كبير من التصريحات التي بزغت على السطح، وما حدث في هاذين اليومين بعض من فيض، أحيانا يخرج من يقول أن هناك حظر شامل لمدة اسبوع، وآخر يتحدث عن اسبوعين، في الأثناء يخرج ثالث ويقول أن يوم السبت سينظم إلى يوم الجمعة في الحظر، لنجد من يوضح لاحقا أنه باستطاعة الناس التحرك يو السبت مشيا على الأقدام.
في الليل يخرج وزير الاعلام لينفي كل ذلك. أمس قرار للعودة للتعليم عن بعد في المدارس والجامعات. أما اليوم الأربعاء فهناك المزيد من القرارات. البعض يصفها بالقرارات القاسية، وآخرون يقولون أنها تتعلق ببعض القطاعات وبعض التشديد.
أما في الواقع فالناس في تيه كبير، والقطاعات الاقتصادية والتجارية باتت على حافة الهاوية، كيف تتعامل مع المرحلة المقبلة، لن تستطيع أن تأخذ احتياطاتها لأن لا وضوح في الأمر. لا يوجد خطاب واحد يستقون منه معلوماتهم، وبالتالي فمن الصعب جدا أن يتم التعامل مع أكثر من مصدر وكل مصدر يتحدث من زاوية مختلفة عن الآخرين، وعليه فإن المحصلة النهائية لا الحكومة ناجحة في رسالتها الإعلامية ولا المواطن قادر على التعاطي مع محيطه لا من قريب أو من بعيد.
ليس صعبا على حكومة الدكتور بشر الخصاونة، وعلى الفريق المعني بالشأن الصحي، وتحديدا ملف كورونا أن يوحد خطابه، تحت طائلة المسؤولية، لما لا يحاسب أن شخص يعمل بهذا الملف وغير مصرح له بالحديث، لماذا نشاهد هذا الدمار الإعلامي دون أن نحرك ساكنا له.
واهم من يعتقد أن توحيد الخطاب الإعلامي، وتوحيد مرجعية أعطاء المعلومة سلاح بلا أهمية في الحرب على جائحة كورونا، فالمعلومة الدقيقة والصحيحة والتي تأتي بالوقت المناسب لا يمكن التقليل من دورها الحيوي في مساعدة الحكومة نفسها، ومن ثم الناس، والقطاعات الاقتصادية بترتيب أوراقها وإدراك ما هو قادم، وبالتالي الخروج بأقل الخسائر الممكنة.
لست أول من يكتب بهذا الأمر، فهناك العديد من الزملاء كتبة المقالات عرجوا إلى هذه الزاوية وتناولوها باستفاضة، وأشاروا إلى ضرورة الالتفات إليها وإيجاد حل علمي لها. ما الجديد الذي يدفعني لأن اعيد الكتابة بذات الموضوع. الأمر يتعلق بسببين اثنين، الأول هو الحكومة لم تسمع من أحد لهذه اللحظة ولم تلجأ إلى إعادة ترتيب أوراقها بهذا الشأن، وثانيا أن الوضع الوبائي وصل لمرحلة غير مسبوقة وغير بسيطة وأن أي معلومة بشأنه قد تكون مضللة أو واضحة، ستشكل عبئا جديدا على من يحارب هذا الوباء، وتربك المجتمع بأكمله.
هي وقفة مع الذات، على الحكومة الإقدام عليها بأسرع وقت، لأن ليس هناك أولويات يجب التركيز عليها اليوم. ننتظر خطوة إيجابية بهذا الاتجاه.