قررت الحكومة المغربية إعطاء الأفضلية للمنتجات الوطنية، وذلك من خلال اعتمادها بشكل أساسي في الصفقات العمومية، بهدف التخفيف من آثار تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد الوطني
جاء ذلك في منشور لرئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، وجهه إلى كُل من الوزراء والوزراء المنتدبين بالإضافة إلى المندوبين السامين والمندوب العام، دعاهم فيه إلى تفعيل الأفضلية الوطنية وتشجيع المنتجات المغربية في إطار الصفقات العمومية
وبحسب المنشور، الذي حصلت العين الإخبارية على نُسخة منه، فإن الحكومة ترمي من هذه الخُطوة إلى المساهمة في تعزيز تنافسية المقاولة والمنتج الوطني بما يمكن من تنشيط الاقتصاد الوطني، وتحقيق النمو، وتوفير الوظائف
ويُلزم القرار أصحاب المشاريع، بـ منح الأفضلية للمواد والمنتجات المغربية، وخصوصاً التقليدية منها أو المصنعة ، إذ يتم تقنين ذلك من خلال التنصيص في دفاتر الشروط الخاصة ودفاتر التحملات المتعلقة بصفقات الأشغال والتوريدات التي تبرمها الإدارات والجماعات الترابية والمؤسسات والمقاولات العمومية على عدد من المقتضيات
وتتضمن هذه المقتضيات تطبيق المواصفات القياسية المغربية المعتمدة، أو مواصفات قياسية أخرى مطبقة في المغرب بموجب اتفاقيات دولية، وحصر اللجوء إلى المواد المستوردة في الحالات التي لا يتوفر فيها منتج مغربي يستجيب للمعايير التقنية المطلوبة
وسيكون أصحاب المشاريع، في إطار الصفقات التي تبرمها الإدارات والمؤسسات والمقاولات العمومية، ملزمين بإعداد شهادة إدارية تتضمن التبريرات الضرورية في حالة تطبيق معايير دولية مخالفة للمواصفات القياسية المغربية أو اللجوء إلى المنتوجات المستوردة
خلق للثروة
الطيب أعيس، الخبير المالي والاقتصادي، يُشدد على أن إعطاء الأولوية للمنتجات الوطنية خُطوة جيدة ومُفيدة، لأنها ستُساهم في خلق الثروة عبر توفير فرص العمل للمغاربة، الذين سيؤدون الضرائب ويُساهمون في دوران عجلة الاقتصاد
ولفت في تصريح لـ العين الإخبارية أن الاعتماد على المواد المنتجة في دول أخرى يُفوت على السوق الوطنية فرصاً استثمارية مُهمة، وبالتالي الأجدر هو استغلال إمكانيات المغرب من يد عاملة وطاقات لتحقيق نهوض اقتصادي حقيقي
وأكد أن المطلوب حالياً، ليس فقط الاقتصار على المنتج الوطني، بل وتشجيعه، من خلال إحصاء احتياجات المملكة التي لا يُمكن تصنيعها في البلاد، ثم فتح طلبات للعروض، تهم الشركات المغربية الراغبة في الاستثمار في هذا النوع من الصناعات
وأضاف، بعد ذلك، تتعاقد الدولة مع الشركات التي تم اختيارها لمدة خمس أو عشر سنوات، مع إعطائها مهلة لتجهيز بنيتها التحتية. في المقابل، ستتمكن هذه المقاولات المغربية، بناء على تعاقدها مع الدولة من الحصول على التمويلات البنكية لإطلاق مشاريعها
وشدد على أن هذه الخطوة ستجعل المغرب يُحافظ على استقرار سيولته من العملة الصعبة، كما سيُعزز وارداته منها من خلال عملية التصدير، التي ستكون تحصيل حاصل، إذا ما تم تشجيع المقاولات المغربية على الاستثمار في الصناعة
إطار قانوني
وتنص المادة 156 من قانون الصفقات العمومية في المغرب على تخصيص 20% من المبلغ التوقعي لمبلغ الصفقات والتوريدات والخدمات لفائدة المقاولات الوطنية، في حين أن هذه النسبة لا تتجاوز 10% من المبلغ الإجمالي للصفقات حاليا
أما التعاونيات والمقاولات الذاتية، وفقا للتعديل الذي أدخل على مرسوم الصفقات العمومية سنة 2019، فقد تم فتح المجال لها لأول مرة للاستفادة من الصفقات العمومية، إذ تم رفع نسبة المقاولات الصغرى والمتوسطة من 20% إلى 30%
وسبق لوزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الرقمي، أن شكلت لجنة تعمل على إحصاء المنتجات التي يُمكن تصنيعها داخل البلاد، وذلك في أفق اشتراط ترخيص حكومي مسبق على استيراد نظيراتها من الخارج
وتأتي هذه الخطوة، في سياق دعم المنتجات الوطنية والتي تحمل علامة صنع في المغرب ، وحمايتها من المنافسة الدولية. خاصة بعد الخسائر التي مُنيت بها بسبب جائحة كورونا
وتعمل اللجنة بتنسيق وثيق مع إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، وأيضاً المديرية العامة للضرائب، بالإضافة إلى الفيدراليات المهنية، على تحديد الآليات الكفيلة بتنزيل هذه الرؤية، وذلك دون خرق المقتضيات التي تنظم عمل منطقة التجارة العالمية