الأنباط -
الأنباط -منح قانون الإعسار، فرصة جديدة للمشاريع الاقتصادية المتعثرة للنجاة من التصفية والإفلاس، في وقت تشير أرقام المجلس القضائي إلى تسجيل 123 قضية إشهار إعسار لدى المحاكم منذ سريان القانون عام 2018.
وفي عدد الجريدة الرَّسمية رقم 5514 الصَّادر في شهر أيَّار عام 2018 حمل تفاصيل القانون الذي يُعطي فرصة للمشاريع الاقتصادية المتعثرة والمتوجهة نحو الإفلاس؛ بالعودة ومواصلة انتاجها بسياقات جديدة تحت قيادة القضاء تضمن عدم التًّصفية الأخيرة.
القانون المؤلف من 142 مادة، بُني وفق نظام تراتبي مشدَّد بحيث تصبح الشركة تحت مراقبة ثلاث جهات، وهي وكيل الإعسار والمحكمة ولجنة الدَّائنين للسير بخطوات انقاذها، وإصلاح الخلل الذي تسبَّب بوصولها إلى التَّعثر.
وتشير دراسة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي عن قانون الإعسار أطلعت عليها وكالة الأنباء الأردنية (بترا) إلى أنَّ القانون لا يقتصر على معالجة حالات الاعسار الفعلي فقط، وإنما امتد ليشمل النشاطات التي توشك على الإعسار أو التَّعثر، ما يمنح المشروع فرصة لإعادة تنظيم أعماله وتشجيع التَّاجر الفرد أو الشركة على تصويب أوضاعه المالية من خلال تقديم خطة إعادة تنظيم يوافق عليها الدَّائنون للخروج من حالة الإعسار.
وتوصي الدراسة بمنح القانون فرصة كافية لتطبيق نصوصه قبل النظر في تعديله، وتحديد الهدف منه للحفاظ على استمرارية الشركات أو لتنظيم خروجها من السوق.
وطلبت الدراسة ببرامج تدريبية للقضاة والمحامين والمؤسسات الاقتصادية للتركيز على المبادئ المستحدثة التي نص عليها القانون، وتوضيح بعض النصوص الإجرائية في القانون والأنظمة ليستكين إليها القضاء، وتوضيح أيِّ تعارض بين القانون والقوانين الأخرى وإزالة التعارض إن وجد.
ودعت الدراسة إلى إجراء حملات توعية للقطاعات الاقتصادية كافة للتعريف بالقانون وأهدافه، وإتمام إجراءات إنشاء وحدة وكلاء الإعسار وسجله وحساب الأمانات ولجنة وكلاء الإعسار وإعداد الأنظمة الداخلية والتعليمات اللازمة لترخيص وكلاء الإعسار.
وقال مراقب عام الشَّركات السَّابق المحامي رمزي نزهة لـــ(بترا) إنَّ الأردن لم يلجأ إلى تبني مثل هذا التشريع إلا بعد ثبوت الحاجة لتوفير قواعد قانونية وإطار تشريعي يعالج التحديات والإشكالات التي تواجه المشاريع الاقتصادية ضمن القطاع الخاص.
وأضاف أنَّ المشكلة سابقا، تتمثل بأن أية شركة تواجه إشكالية ذات تبعات مالية كانت تنتهي بالتصفية، وليست هناك فرصة لإنقاذها أو إعادة تقدير موقفها وتسديد ديونها وحمايتها لفترة مؤقتة من المطالبات المالية والدَّعاوى التي قد ترفع عليه.
وبين أنَّ المستفيد من الإعسار هم العاملون في المشروع المعسر والدائنون والاقتصاد الوطني والمستثمرون، حيث إنَّ ذهاب هذا المشروع للتَّصفية يعني فقدان الوظائف وبيع مقتنياته بالمزاد العلني بقيم متدنية جدًا.
ولفت إلى أنَّ القانون لم يتوقف عند منح الحماية للمعسر بل استمر في الاجراءات اللاحقة، وهناك اجراءات مُحكمة للإعسار وقاسية ويجب أن تقتنع المحكمة بهذا الإعسار من خلال الحصول على البينات والوثائق التي تدل على الإعسار.
وقال: عند إعلان الإعسار فهذا لا يعني أن الأمور انتهت، لأن هناك وكيل إعسار يدقق على عمل إدارة الشركة والمحكمة ولجنة الدائنين وهي لجنة تنتخب لمراقبة اجراءات الإعسار، وبالتالي فإنَّ الأمر لا يُترك على عواهنه ولا يمنع القانون وجود أحد موظفي الشركة في اللجنة.
وأكد أنَّه وعند إعلان الإعسار يصبح المشروع أو الشركة تحت الوصاية وليس لديه القدرة على اتخاذ القرار وحيدا وتقييد الإدارة، وكل قرار يتخذ يحتاج لموافقة وكيل الإعسار، وهذا الأخير يأخذ موافقة من المحكمة.
وبين أنَّ التشريع وضع الأمور بتراتبية وتوازن بين مختلف الأطراف، فالإعسار ليس وسيلة لهروب الشركات من التزاماتها، بل وسيلة وفرها القانون لسداد الالتزامات، وإعلان شركة إعسارها هو انقاذ المشروع وبقاء الفرص الوظيفية قائمة للعاملين به.
وتوقع نزهة زيادة أعداد الشركات اللاجئة للإعسار بعد جائحة كورونا، لافتا إلى أن عددا من الدول العالمية كان أول قرارتها في جائحة كورونا تعطيل المواد التي تسمح للشركات بالإعسار.
وأكد أنَّه وبعد هذه المرحلة سيجري الانتقال للمرحلة التنظيمية والمتعلقة ببرنامج العمل وكيف ستنقذ الشركة وعملها، وخلال مرحلة الاعسار؛ فإنّ العمال والموظفين موجودون للمحافظة على الانتاج، ولا مصلحة لأحد بتوقف الشركة.
وعرَّف القانون الإعسار بأنَّه الحالة التي يتوقف فيها المدين أو يعجز عن سداد الديون المستحقة عليه بانتظام، أو تتجاوز اجمالي الالتزامات المترتبة عليه اجمالي قيمة أمواله.
وتضمن قانون الشركات الصادر عام 1964 في مواده من 179 إلى 208 أحكاما تتعلق بتصفية الشركات، ونظم قانون الشركات عام 1989 التصفية في مواده 287 إلى 307 ونظمها قانون الشركات 1997 في مواده 252 إلى 272، إضافة إلى نظام التَّصفية رقم 122 لسنة 1917 الذي حاكى العديد من القواعد والأسس الدولية الحديثة المتعلقة بإجراءات التصفية للشركات بنوعيها الإجبارية والاختيارية. واستعان الأردن ببعض المراجع الدولية لسن القانون والانظمة الصادرة بموجبه، وهي المبادئ الخاصة بالأنظمة الفعالة لحقوق الدَّائنين والإعسار الصادر عن البنك الدولي والدليل التشريعي لقانون الإعسار الصادر عن لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي "اونسيترال".
--(بترا)