الأنباط -
الأنباط -شهدت مواسم الحج الكثير من الأحداث، التي تسببت في توقفه أكثر من مرة عبر التاريخ،ـ حيث يقول علماء التاريخ الإسلامي، أن الحج توقف 40 مرة، منذ العام التاسع للهجرة، وهو العام الذي فرض فيه الحج على المسلمين، بسبب أحداث وكوارث لازمت مواسمه، ما تسببت في إيقافه، منها انتشار الأمراض والأوبئة ، والاضطرابات السياسية وعدم الاستقرار الأمني، الغلاء الشديد والاضطراب الاقتصادي، إلى جانب فساد الطرق من قبل اللصوص والقُطاع، بحسب دارة الملك عبدالعزيز بالمملكة العربية السعودية
ونستعرض من خلال السطور التالية، أبرز وقائع تعطل فيها الحج لأسباب مختلفة:
وكانت الواقعة الأولى والأشهر، تسبب فيها القرامطة، حيث فى أحداث سنة 316 هجرية، لم يحج أحد فى خوفا من القرامطة، لأنهم كانوا يعتقدون بأن شعائر الحج، من شعائر الجاهلية ومن قبيل عبادة الأصنام، حسب الذهبى فى كتابه "تاريخ الإسلام"
ووقف أبو طاهر القرمطى، في اليوم الثامن من ذي الحجة عام 317 هجرية منشدا على باب الكعبة، داعيًا سيوف أتباعه أن تحصد حجاج بيت الله قتلا ونهبا وسفكا، ويومها تعلق الحجاج بأستار الكعبة واستغاثوا بالله، فاختطفتهم سيوف أعوانه من كل جانب، واختلطت دماؤهم وأجسادهم بأستار الكعبة، حتى زاد عدد من قتل فى هذه المجزرة عن 30 ألفا
كما جمع القرامطة، 3 آلاف جثة حاج، وطمروا بها بئر زمزم وردموه، ثم قاموا بعد ذلك بقلع الحجر الأسود من مكانه وحملوه معهم إلى مدينة هجر، حيث كانت مركز دعوتهم وعاصمة دولتهم، وكان أبو طاهر، بنى بها دارا سماها دار الهجرة، فوضع فيها الحجر الأسود ليتعطل الحج إلى الكعبة ويرتحل الناس إلى مدينة "هجر" وقد تعطل الحج فى هذه الأعوام يقال إنها 10 أعوام، حيث لم يقف أحد بعرفة ولم تؤد المناسك، وذلك لأول مرة، منذ أن فرضت الشعيرة
داء الماشرى انتشر فى مكة عام 357 هجرية فمات الحجيج والجمال
أما الحادث الثاني يذكره ابن كثير فى كتابه "البداية والنهاية"، ويرجعه لسنة 357 هجرية، ويقول إن داء الماشرى انتشر فى مكة، فمات به خلق كثير، وفيها ماتت جمال الحجيج فى الطريق من العطش ولم يصل منهم إلى مكة إلا القليل، بل مات أكثر من وصل منهم بعد الحج
وفى سنة 390 هجرية انقطع الحاج المصرى فى عهد العزيز بالله الفاطمى لشدة الغلاء، وفى سنة 419 هجرية لم يحج أحد من أهل المشرق ولا من أهل مصر، وفى سنة 421 هجرية تعطل الحج أيضا سوى شرذمة من أهل العراق ركبوا من جمال البادية من الأعراب ففازوا بالحج، وفى سنة 430 لم يحج أحد من العراق وخراسان، ولا من أهل الشام ولا مصر
قبل سقوط القدس فى يد الصليبيين بخمس سنوات فقط لم يحج أحد لاختلاف السلاطين
وفى أحداث سنة 492 هجرية حل بالمسلمين ارتباك وفقدان للأمن فى أنحاء دولتهم الكبيرة بسبب النزاع المستشرى بين ملوكهم، وقبل سقوط القدس فى يد الصليبيين بخمس سنوات فقط لم يحج أحد لاختلاف السلاطين
أما فى أحداث سنة 563 هجرية، فلم يحج المصريون لما فيه ملكهم من الويل والاشتغال بحرب أسد الدين، وبعد ذلك لم يحج أحد من سائر الأقطار ما عدا الحجاز من سنة 654 إلى سنة 658 هجرية
وفى 1213 هجرية توقفت رحلات الحج فى أثناء الحملة الفرنسية لعدم أمان الطريق، سواء من الحملة الفرنسية أو قطاع الطريق
واشتعلت العديد من الفتن والقتال داخل حدود الحرم خلال موسم الحج، حيث إنه في شهر الحج من عام 1326 هجرية اشتعلت فتنة بين الصفا وباب الوداع ، وترامى الطرفان بالرصاص، ما نتج عنها قتل عدة أشخاص، حسب محمد طاهر الكردي في كتابه "التاريخ القويم لمكة وبيت الله الكريم"
وفي مطلع القرن العشرين، على من كان يريد زيارة جبل النور، وهو جبل قريب من المسجد الحرام يوجد به غار حراء، أن يحمل معه الماء الكافي، وأن يكون الحجاج على شكل جماعات يحملون السلاح حتى يدافعوا عن أنفسهم من اللصوص الذين يتربصون بهم لسلب أمتعتهم، بحسب إبراهيم رفعت في كتابه "مرآة الحرمين"
ويؤكد رفعت في كتابه، على أن الدولة العثمانية، آنذاك كانت تقف موقف المتفرج من هذه الفوضى وإيذاء الناس والحجاج حتى إنه حدث قتال في مكة ليلة الوصول من منى إلى مكة بين الأعراب أمام ديوان الحكومة دون أن يبالوا بها، وقد قتل في تلك المعركة ثمانية أشخاص