حسين الجغبير
تتسارع وتيرة النشاط السياحي في المملكة، مشهد يثلج له الصدر بعد سنواتٍ من الدعوات المتواصلة من أجل الانتباه لهذا القطاع الحيوي والمهم والرافد لخزينة الدولة بملايين الدنانير، والمشغّل لقطاعات تجارية وصناعية عديدة، والموفر أيضاً فرصاً لتشغيل الشباب والشابات العاطلين عن العمل في دولة سجّلت رقماً غير مسبوق في نسب البطالة. المنتظر اليوم الخميس أن يحط ركاب الزائر المليون لمدينة البتراء الوردية، وهذا الصرح الذي سجًل ضمن عجائب الدنيا السبع، ومن المنتظر أيضاً أن يكون هناك إحتفالاً بهذه المناسبة، وهو إحتفال بغاية الأهمية لأنّه يشكل جزءاً من سياسة الترويج لهذه المدينة التي يجوب صداها أصقاع الدنيا، والكل يرغب بالتهافت عليها لزيارتها لما فيها من إعجاز تاريخي وسياحي قلَ نظيره. الحديث عن القطاع السياحي تفاصيله كثيرة لا حصر لها، لكن عنوانها العام هو ضرورة الاهتمام بالبنية التحتية لعديد من المناطق التي تنعم بها المملكة سواءً كانت ذات صبغة شجرية أو حجرية أو مائية، وهذه البنية التي تعتبر تحدٍ كبير يواجه أي سائح محلي أو عربي أو دولي. لذا لا بد من مسح حقيقي لاحتياجات هذه المناطق إذا ما أردنا منافسة دول الجوار بهذا الاتجاه.ونحتاج الى إدارة ناجحة لتنظيم المواقع لأن ماحصل قبل يومين بالبتراء من ازدحام يدخلنا في حرج كبير مع منظمة اليونسكو وشروطها، و مع شركات السياحة وسلامة السياح. كما أنه ولا بد من خطط تسويقية للأردن، وذلك لا يأتي إلّا من خلال الإنفاق ، والقيام بجولاتٍ خارجية لبعض الدول التي لا يوجد لها مكاتب لتنشيط السياحة كاليابان واستراليا والمانيا وهي دول مهمة جداً لاطلاع العالم على ما تحتويه المملكة من كنوز، بالإضافة إلى ضرورة توجيه دعوات لعدد كبير من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي لزيارة الأردن. لماذا لا يتم اختيار خمسة أشخاص فاعلين في كل دولة واستضافتهم وعمل برنامج سياحي لهم يجوبون فيه الأردن شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً، يلتقطون الصور ويبثون مقاطع الفيديو على صفحاتهم التي تذخر بالمتابعين، وهذا تسويق لن يكلّف الحكومة الكثير، فتكلفة استضافة هؤلاء والتجول بهم لن تؤثر على الميزانية. ولا بد من أفكار سياحية خلاقة نستحدثها في مناطق معينة بدلاً من الطرق القديمة التي تستخدم منذ عشرين عاماً، فأهل الخليج يبحثون عن الطقس المعتدل والخضرة، ومناطق الشمال غنية بذلك، لذا فلا شك من أن الاستثمار السياحي في مناطق كعجلون واربد وجرش غاية في الأهمية عبر توفير ممراتٍ على طول البقاع الخضراء، وهذا من شأنه أن يساهم في إيجاد فرص عمل للأردنيين. كما أن الغرب يفضل الحجر، ويرغب بالاطلاع على تاريخ المنطقة، ومن العقبة حتى شرق المملكة مليئة بهذه الكنوز، لكن هذا لا يكفي حيث لا بد من برامج مشجعة وتفاعلية ونشاطات لهؤلاء السياح، تكون برامج غير اعتيادية وليست تقليدية ويأتي ذلك بالجلوس على طاولة واحدة تناقش فيها الحلول والمشاكل ما بين القطاع الخاص والعام للخروج بنتائج ايجابية . وبموازاة لذلك، لا بد من التركيز على السياحة الدينية، والعلاجية وسياحة المغامرات والمؤتمرات، تركيزاً حقيقياً فقد آن الأوان أن نستخرج ذهب السياحة من باطن الأرض ما دمنا حتى الآن غير قادرين على إيجاد مشاريع واستقطاب المزيد من الاستثمارات، لذلك لنلتفت للسياحة لأنها السبيل الأقرب لتحقيق نمو اقتصادي.