د. هاني البدري
شهر العسل الممتد بين رئيس الوزراء وحكومته مع مجلس النواب لم يكن جلياً في أي وقت على مدى عمر الحكومة كما برز في اصرار الحكومة على تمرير البند المتعلق بتقاعد النواب في مشروع القانون المعدل للضمان الاجتماعي..
الحقيقة ان حكومة الرزاز استطاعت ان تنجز ما لا يمكن لحكومة في العالم الثالث ان تفعل بعد ان قضت على جيوب الفقر، وفتحت فرص العمل على مصراعيها للشباب .. انطلقت ببرامج واعية وجادة نحو تمكين المرأة ، وإطلاق العنان لمنظومة صناديق الدعم للمشاريع الصغيرة والمتوسطة ، تُرجمت الشراكة بين القطاعين العام والخاص بافضل صورها ،ولاتنسى حلولها الجذرية في مشاريع النقل، وفرت بشكل غير مسبوق الأدوية في المراكز الصحية الحكومية وانطلقت مستشفياتها ومدارسها لتضاهي مثيلاتها في أوروبا..فلا أزمة أطباء عامين في المستشفيات الطرفية ولا نقص في الاخصائيين في مستشفياتها..!
استطاعت الحكومة في عام ، تخفيف العبء الضريبي عن كاهل المواطن الاردني الذي لمس لأول مرة رفاهية لافتة ، وأطلقت سياسات حماية المستهلك والبيئة و(الغزلان).. سيطرت على تلوث الدجاج وفساد البيض وراقبت عن كثب حركة ( الشاورما)..
في عهدها الرشيد لم يعد للواسطة والمحسوبية موطأ قدم ، وباتت التعيينات رهينة المسابقات المفتوحة، فلا مكان لشقيق نائب أو قريب متنفذ في منصب عام ..
اصبح لكل مواطن اردني جاكوزي ينفض فيها غبار الماضي التعس ، ويستنشق هواء الرفاهية مع توفر المساج (للمهتمين فقط)..!!
لا تلوث ولا ابتزاز من نائب أو مسؤول، وعادت الأيام الحلوة، حيث الاستثمارات العربية والأجنبية التي تنهال علينا كشلال ماعين الذي وجد أيضا له مكاناً في الاهتمام الحكومي.. فلم يعد لشرم الشيخ ومرمريس وانتاليا مكانا على اجندة إجازة المواطن .. بعد ان خفضت الفنادق في العقبة والبحر الميت ورم وماعين اسعارها ) بضغط حكومي طبعاً) لتلائم رواتب الموظف الاردني التي باتت معقولة أيضاً..!
انتهت مشاكل الطرق والمطبات وعادت السياحة العلاجية لتمثل احدى قيمنا المضافة ، وحصد طلابنا المراكز الأولى في تسجيل العلامات الكاملة في التوجيهي.. على المستوى العربي والإقليمي والعالمي ، كيف لا وستة عشر الف طالب اردني حصل على معدلات تفوق التسعين في موسم واحد..
هذا هو موسم الحصاد.. (القمرة والربيع) التي حلمنا بها لسنين ولم نلمسها الا اليوم.. مخرجات التعليم المثالية ومدخلات سوق العمل الأمثل.. وزارة للريادة وأخرى للنهضة وثالثة للسهر على متاعب المواطن ( الزهقان) وتوفير الحلول المثلى في حله وترحاله..!
صادراتنا باحسن أحوالها وصناعتنا محمية من الضرائب المضافة وغير المضافة.. وحكومتنا الإلكترونية كفيلة بحل مشاكل المواطن وتفسير احلامه وكوابيسه( ان وجدت) حتى دون ان ينطق!
ماذا بقي من جنة الحكومة!؟
القضايا التي تعيش في المحاكم اكثر من اصحابها.. أم الشخصنة التي تعشعش في مؤسساتنا ووزاراتنا .. ؟
صحافتنا التي تعيش أزمات متتالية تهدد وجودها ام إعلامنا الحكومي.. بعد ان أصبحت الرواية الرسمية هي الاصدق والأجمل والاعقل..!؟
لم يعد لآهاتنا ولتململنا المفرط ادنى سبب .. واصبح إدماننا الشكوى الدائمة محض افتراء على عباد الله ( الحكومة) اقصد.. !
( زهزهت) المسائل وتقدمنا في كل المؤشرات العالمية ، التنافسية والتعددية وتقدمنا خطوات في مؤشرات التنمية المستدامة والرفاهية وانتقلنا الى مرحلة الترف الى حد البذخ..
حرام عليكم!!
لم يبق الا أزمتان ماثلتان أمام استراتيجياتها العديدة ولجانها الممتدة .. أزمة الأخلاق.. !! ومشكلة السادة النواب في الحصول على حقوقهم المكتسبة بالتقاعد في (بند) قانونٍ معدل للضمان الاجتماعي .. خوفاً من نوائب الحياة ، وَعُدنا بشكوانا وتململنا لنحَرِّم عليهم هذا الحق..!
الم يكفِكم أنكم منعتم عنهم حق ( الجواز الأحمر)..!؟
هذه الحكومة تستحق ان يُنشِد طلبتنا الذين مازال بعضهم دون مقاعد أو حقائب وكثير منهن دون مراييل .. كل صباح ، ما نادى اليه الزعيم عادل أمام نشيد" هشتنا وبشتكنا يا ريس .. انتِ رئيس والنعمة كويس"..!
يا ريس .. نحن وأمورنا ويومياتنا وحقائبنا الفارغة وأحلامنا بألف خير..
انطلق..!!