أظهرت دراسة "ظاهرة التحرش في الأردن 2017" والتي أعلنت عن نتائجها اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة بتاريخ 25/11/2018، بأن ثلاثة أفراد من كل أربعة ضمن عينه الدراسة قد تعرضوا لمرة واحدة على الأقل لأحد أشكال التحرش الجنسي، وهي نتائج تنذر بخطورة المرحلة التي وصلت إليها هذه الظاهرة والتي بكل تأكيد تنعكس سلباً على المجتمع وتساهم بازياد الجرائم الجنسية الأكثر خطورة كهتك العرض والاغتصاب، وهو أيضاُ ما أظهرته أرقام التقرير الإحصائي السنوي لعام 2017 والصادر عن إدارة المعلومات الجنائية.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" بأن عينة الدراسة شملت عدداً من مرتكبي التحرش من الذكور والإناث (80% ذكور و 20% إناث) وهي عينة قصدية، وشكل الأردنيون 83% فيما كان هنالك 17% من جنسيات عربية، ويسكن 68% من أفراد العينة في المدن، وتراوحت أعمار 52% منهم ما بين 19- 25 عاماً، فيما كان 48% من العينة يحملون شهادة البكالوريس و 6% شهادة الماجستير، و 1.5% شهادة الدكتوراة. ومن ناحية العمل فقد تضمنت عينة مرتكبي التحرش العاطلين عن العمل وبنسبة 19%، ومن حيث الحالة الزواجية كان هنالك 26% متزوجون و 64% لم يسبق لهم الزواج. ويذكر بأن عدد أفراد العينة وصل إلى 322 شخصاً.
وجاءت نتائج الدراسة على عينة مرتكبي التحرش كما يلي:
أكثر الأماكن التي يرتكب فيها التحرش وفقاً لعينة مرتكبي التحرش هي الأماكن العامة بالنسبة للتحرش الإيمائي والتحرش اللفظي (40.9%، 34.4%) على التوالي، وأماكن العمل والدراسة بالنسبة للتحرش الجسدي والتحرش النفسي (40.2%، 44.2%) على التوالي، والفضاء الإلكتروني بالنسبة للتحرش الإلكتروني (54.1%).
التحرش الإيمائي الأكثر تكراراً وبشكل يومي (10.4% من مرتكبي التحرش يمارسونه بشكل يومي)، والتحرش اللفظي الأكثر تكراراً بشكل أسبوعي (10.6% من مرتكبي التحرش يمارسونه بشكل أسبوعي)، فيما كان التحرش الجسدي يمارس بشكل نادر (32% من مرتكبي التحرش يمارسونه بشكل نادر).
أكثر الأشخاص الذين ارتكب ضدهم التحرش الجنسي في المنزل هن بنات العم / بنات الخال بنسبة مئوية من مجموع الاستجابات (15%)
أكثر الأشخاص الذين ارتكب أفراد عينة الدراسة فعل التحرش معهم في الأماكن العامة هن الغريبات بنسبة مئوية من مجموع الاستجابات (36.7%)
أكثر الأشخاص الذين ارتكب أفراد عينة الدراسة فعل التحرش معهم في أماكن العمل/ الدراسة هن الزميلات بنسبة مئوية من مجموع الاستجابات (33.2%)
أكثر الأشخاص الذين ارتكب أفراد عينة الدراسة فعل التحرش معهم في الفضاء الالكتروني هن الغريبات بنسبة مئوية من مجموع الاستجابات (35.1%)
أكثر الأعمار التي كان يرتكب معها أفراد عينة الدراسة فعل التحرش الفئة العمرية (18-25) عاما بنسبة مئوية بلغت للمنزل (38.7%)، الأماكن العامة (38.2%)، مكان العمل/الدراسة (43.8%)، أما في الفضاء الإلكتروني فكانت جميع الأعمار مستهدفه للتحرش وبنسبة مئوية بلغت (43.1%) من استجابات عينة الدراسة.
أكثر الملابس الذي كانت المرأة ترتديها في المنزل أثناء التحرش بها من وجهة نظر مرتكب التحرش هو ملابس المنزل القصيرة أو الضيقة وبنسبة مئوية بلغت (52.1%).
يتضح أن أكثر الملابس الذي كانت ترتديها المرأة في الأماكن العامة أثناء التحرش بها من وجهة نظر مرتكب التحرش هو الملابس العادية القصيرة أو الضيقة وبنسبة مئوية بلغت (42.4%)
أكثر الملابس الذي كانت ترتديها المرأة في في أماكن العمل والدراسة أثناء التحرش بها من وجهة نظر مرتكب التحرش هو الملابس العادية القصيرة أو الضيقة وبنسبة مئوية بلغت (39.1%)
أكثر الأسباب العامة تكراراً لحدوث التحرش من وجهة نظر مرتكبي التحرش، كانت "اللباس الفاضح" (17% من مرتكبي التحرش إختاروا هذا السبب)، و "البعد عن الدين" (7.1% من تركبي التحرش اختاروا هذا السبب)، و "الجسد العاري والإغراء" (7.1% من مرتكبي التحرش اختاروا هذا السبب)
28.6% من مرتكبي التحرش يضعون اللوم على الضحايا، فيما يضع 14.7% منهم اللوم على أنفسهم!
أكثر الأسباب التي دفعت مرتكب التحرش لارتكاب هذه السلوكيات والأفعال ضد المرأة هو جمال المرأة وجسدها، بنسبة مئوية بلغت (27.7%)
تضامن تدعو الى إنشاء نظام إنذار مبكر شامل لظاهرة التحرش الجنسي
إن "تضامن" وهي معنية كمؤسسة مجتمع مدني وبمشاركة كافة الجهات ذات العلاقة، بإيجاد الحلول العملية والواقعية لكافة الظواهر الاجتماعية السلبية والتي تؤثر بشكل خاص على النساء والفتيات والأطفال من الجنسين، وتحرمهم من التمتع بحقوقهم الأساسية، تقترح إنشاء نظام مبكر شامل لظاهرة التحرش الجنسي والجرائم الجنسية الأخرى الأشد خطورة.
ويهدف نظام الإنذار المبكر باعتباره أحد أدوات مواجهة "الظواهر الاجتماعية السلبية" بما تسببه من إخلال بالأمن الاجتماعي والأسري، إلى تزويد صانعي القرار وواضعي الاستراتيجيات والبرامج والتدخلات بالمعلومات والمعطيات التي تنذر بارتفاع احتمالية حدوث أو وقوع فعلي لحالات تحرش جنسي أو أي جرائم جنسية أخرى في أماكن معينة و/أو في أوقات معينة، والإجراءات الواجب اتخاذها لمنع حدوثها ومعالجة آثارها.
وتضيف "تضامن" بأن توفير معلومات دقيقة ومفصلة حول الشكاوى الواردة من ضحايا التحرش الجنسي وتحليلها ومتابعتها إلى جانب السير بإجراءاتها القانونية، هي من أهم خطوات تأسيس نظام الإنذار المبكر. فبموجب هذه المعلوات يمكن بناء استراتيجيات فعالة واتخاذ قرارات قائمة على المعرفة وتنفيذ برامج موجهة إلى الفئات الأكثر تأثراً بها سواء أكانوا ضحايا أم جناة.
يشار إلى أن المعلومات والأرقام المتوفرة حول التحرش الجنسي ضعيفة ومتواضعة لأسباب متعددة ومن أهمها ضعف التوعية القانونية للضحايا المحتمين من الجنسين، وتردد الضحايا في الإبلاغ وتقديم الشكاوى خوفاً على السمعة، وعدم وجود ضابطة عدلية من النساء لاستقبال الشكاوى، والإجراءات القضائية الطويلة والتي تتطلب حضور الضحايا وتكرار الأقوال أمام جهات قانونية وأمنية وقضائية مختلفة، وعدم تشجيع أفراد الأسرة لتقديم هكذا شكاوى، إضافة إلى التسامح المجتمعي مع مرتكبي التحرش الجنسي بشكل خاص.
كما أن من توصيات دراسة "ظاهرة التحرش في الأردن" ضرورة استخدام التكنولوجيا الحديثة لمواجهة التحرش الجنسي، ومساعدة الضحايا على الإبلاغ، هي توصية هامة وتأتي كخطوة ثانية في إطار نظام الإنذار المبكر الشامل. ويمكن تصميم تطبيق إلكتروني يمكن تحميله على كافة الأجهزة الخلوية (والتي هي في متناول الضحايا المحتملين) يعمل على الإبلاغ عن حالات التحرش الجنسي ومكان حدوثها وأوقاتها والجناة مع إمكانية الحفاظ على سرية وخصوصية الضحايا إن رغبوا في ذلك.
إن من شأن هذا التطبيق مساعدة كافة الجهات المعنية تحديد الأماكن التي تزداد فيها الشكاوى من التحرش الجنسي واتخاذ الإجراءات الوقائية ضمن نظام الإنذار المبكر، كالمواصلات العامة ومراكز التسوق الكبيرة والمستشفيات والجامعات، وأماكن العمل، والمدارس خاصة خارج أبوابها حيث تشهد العديد من مدارس الفتيات ما يسمى بـ "المعاكسات" والتي هي بالفعل "تحرشات جنسية" التي تؤرق الطالبات خلال حضورهن إلى مدارسهن ومغادرتها.
وتؤكد "تضامن" بأن التخلص من حالة "الإنكار" المجتمعي لن تتم دون وجود نظام إنذار مبكر وشامل كاعتراف بوجود هذه الظاهرة ويعمل على الوقاية منها ومعالجتها.
يذكر بأن القضاء الأردني حازم في تطبيق أحكام ونصوص قانون العقوبات خاصة المواد المتعلقة بالمداعبة المنافية للحياء والفعل المناف للحياء (وهي جرائم تشمل معظم أشكال التحرش الجنسي) عندما تكون هنالك شكاوى من الضحايا. فقد جاء في أحد أحكام محكمة التمييز الأردنية بصفتها الجزائية خلال شهر حزيران 2018 :" لما كان مدعي عام محكمة الجنايات الكبرى وعند سماع أقوال المشتكية لم يستوضح منها عن كيفية وضع المتهم يده على صدرها من الجهة اليسرى ...........، وحيث إن المشتكية كورية الجنسية وغادرت البلاد وتم تلاوة شهادتها المأخوذة من قبل المدعي العام ولم يتمكن المتهم الطاعن من مناقشتها بشهادتها فإن محكمة التمييز تجد وعلى ضوء ما تقدم أن الحد الأدنى المتيقن منه لفعل المتهم الطاعن لا يخرج عن كونه القيام بفعل منافٍ للحياء خلافاً للمادة (305) من قانون العقوبات مما يجعل القرار المميز مشوباً بعيب القصور في الاستدلال والتسبيب والتعليل." (قرار محكمة التمييز الاردنية/ جزاء رقم 1591/2018 (هيئة عادية) تاريخ 7/6/2018 - منشورات مركز عدالة).