افتتحت وزارة الطاقة والمياه اللبنانية- المديرية العامة للموارد المائية والكهربائية، مؤتمر الأسبوع السابع للمياه، بعنوان "المساهمة المتوسطية في أفق 2030 للتنمية المستدامة" في بيروت، برعاية وزيرة الطاقة والمياه ندى البستاني ممثلة بالمدير العام للوزارة فادي قمير، في حضور رئيس المجلس العالمي للمياه لوييك فوشون، وزير المياه والري في مصر محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية سابقا في العراق حسن الجنابي، وزير الدولة الخاص للمياه في اليونان جاك جانوليس، الأمين العام للمجلس العربي للمياه حسين العطفي، الوزير الفلسطيني المكلف المفاوضات شداد العتيلي، ممثل سفيرة الاتحاد الأوروبي كريستينا لاسن خوسيه سانتاماريا، ومن الاردن هيفاء ضياء العطية الرئيسة التنفيذية والمؤسسة السابقة ل” مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية” وحشد من الخبراء وقادة المياه والمتخصصين من لبنان والعالم وبمشاركة الإتحاد الأوروبي، والمجلس العالمي للمياه، ومنظمة اليونسكو، والبنك الدولي والعديد من المنظمات والمؤسسات الدولية ذات الاهتمام بالشأن المائي.
أكد المشاركون في المؤتمر على ضرورة بذل كافة الجهود اللازمة نحو تحقيق الأمن المائي العالمي، والعمل على مواجهة تحديات التغير المُناخي المتمثلة في ارتفاع درجات الحرارة عالميا التي تؤثر على الموارد المائية، وأهمية المياه في كافة خطط الدول لتحقيق التنمية.
وترأست الجلسة السابعة الخبيرة هيفاء ضياء العطية من الاردن, والتي كانت حول ثقافة المياه ودمج النوع الاجتماعي وتضمنت الجلسة على محورين: تدريب الصحفيين الشباب والباحثين مهنيا حول قضايا المياه والثروة المائية والثقافة .
وتحدثت العطية حول تعميم المنظور النوع الاجتماعي والذي يعتبر استراتيجية مقبولة عالميا لتعزيز المساواة بين الجنسين. إنها ليست غاية في حد ذاتها بل هي مقاربة ووسيلة لتحقيق هذا الهدف.
تعميم المنظور النوع اجتماعي هو مفهوم السياسة العامة المتمثلة في تقييم المساهمات المختلفة للمرأة والرجل على حد سواء في أي اجراء سياسي مخطط له، بما في ذلك التشريعات والبرامج في كافة هذة المناطق والمستويات. يتيح التعميم بشكل أساسي نهجاً تعددياً يميز قيم التنوع بين الرجال والنساء علي حد سواء.
وقد اكدت عطية على ضرورة وجود التزامًا بالمساواة بين الجنسين في أنظمتنا – وهذا يعتبر "موضوع مثيروهام جدا" ولكن في الواقع أدت صعوبات سياسات تعميم المنظور النوع اجتماعي حتى الآن إلى سياسات لا ترقى إلى مستوى التحدي. واشارت عطية ان نحن بعيدون كل البعد عن ترجمة هذا النهج إلى سياسة مطورة من خلال التشريعات و البحوث وتخصيص الموارد وايضا تخطيط وتنفيذ ومراقبة المشاريع او البرامج ذات الصلة. واشارت عطية انه لا زالت النظرة النمطية المناطة بالمراة موجودة فالمرأة في المنطقة ليست حاضرة بشكل واضح في هذا المجال.
وبينت عطية ان ثقافة المياه ترتبط ارتباط قوي جدا بمخرجات المدرسة والمنزل اي يرتبط بالام والتعليم, حيث ان ثقافة المياه المزدهرة تتأثر عن كثب بالتعليم الذي يلعب دورًا رئيسيًا في تشكيل كيفية فهم الأفراد والمجتمعات للمياه. يبدأ تعليمنا في المنزل والذي يستمر في دراستنا وتدريبنا وفي حملات التوعية التي تدار من خلال وسائل الإعلام والبرامج التي تنفذها منظمات المجتمع المدني. فالتعليم يشكل القيم والسلوكات والمعارف لذلك يلعب دور هام في تشكيل ثقافة اجيالنا حول قضايا المياه. فاكدت على ان المسؤول عن التعليم في المدرسة هم المعلمين وفي البيت هي الام .
اشارت انه عندما نفكر في النساء في الشرق الأوسط ، فإن الصورة ليست صورة امرأة تمشي مسافات طويلة مع وعاء على رأسها لجلب الماء لعائلتها. حيث بينت ان المراة تتحمل مسؤولية عظيمة في البيت فهي المسؤول الاول عن ترشيد استهلاك المياه ، والمحافظة على ميزانية الاسرة، والحفاظ على فواتيرالمياه تكون منخفضة وايضا ضمان جودة كل ما ينتقل إلى العائلة.
اذا المراة هي الاقدر على ان تكون المصممة والفاعلة لتعميم المنظور النوع الاجتماعي في ثقافة المياه.
واكدت هيفاء العطية ان الأمهات اساس الثقافة لذلك من الضروري تزويدهن بالأدوات التي تمكنهن من نقل الاتجاهات والسلوكيات الصحيحة لاطفالهن خلال تربيتهن. ويمكن تعزيز ثقافة الامهات بقضايا المياه من خلال مختلف وسائل الاعلام, حيث ان الكثير من الامهات يستمعن إلى الراديو ومنهن يشاهدن التلفاز أو يتصفحن الإنترنت. وتاكيدا على اهمية وسائل الاعلام, اشارات العطية ان هناك دراسات اشارت ان المملكة العربية السعودية تمتلك أكبر استهلاك على YouTube في العالم ما يقارب 84 ٪ منه من قبل النساء و 40 ٪ من المحتوى التعليمي. فاقترحت انه يمكن أن تتعاون مختلف وسائل الإعلام مع منظمات المجتمع المدني.
واضافت العطية ان المدرسة تلعب دور اساسي في هذا المضمار حيث أن قضايا النوع الاجتماعي يتم بثها جنبًا إلى جنب في مناهجنا الدراسية أو كتبنا المدرسية. وعند الحديث عن دور المدرسة هنا يقع على عاتقنا التركيز على تدريب المعلمين الذي يعتبر تدريبهم عامل من العوامل الرئيسية للتغيير. اشارات العطية اننا عندما نتحدث عن التعليم نحن نتحدث عن قطاع يحتوي على نسبة كبيرة من النساء والتي تعتبر أكبر من نسبة الرجال وتشكل نسبة النساء في هذا القطاع ما يقارب حوالي 65 ٪ ، فإن هذه فرصة لا ينبغي تفويتها. واشارت رغم اهمية التعليم في هذا المضمار الا ان هناك ببساطة نقص في التركيز في استراتيجيات وبرامج تدريب المعلمين لدينا.
اضافت العطية ان مهمة مراعاة تعميم منظور النوع الاجتماعي جزء من التزام المجتمع بالعدالة الاجتماعية وانعكاس له. حيث اشارت الى التجربة الفنلندية والذين نجحوا في ترسيخ وترجمة قانون المساواة والعدالة الاجتماعية في المناهج الدراسية وتدريب المعلمين على ذلك. على الرغم من أن الفتيات في بلادنا يتفوقن على الأولاد في كل مستوى, اشارت ان نسبة الفتيات الملتحقات في التعليم 99 ٪ ، ويحصلن على أعلى ب 14 نقطة في PISA ، ويشكلن الفتايات ايضا 95-100 ٪ من الطلاب العشرة الأوائل في الامتحان الوطني ، ويشكلن ايضا نسبة 54-56 ٪ من طلاب جامعتنا. واضافت رغم تفوق النساء في الكثير من المجالات الا انهن لا يزلن يشكلن 13٪ من قوة العمل وايضا المرتبة الخامسة بين 185 دولة في عام 2012 .
واكدت العطية ان الأبحاث الحديثة حول التعليم الجامعي والمناهج المدرسية والكتب المدرسية تُظهر أن تعليم المياه لا يتماشى في كثير من الأحيان مع التوصيات الأكاديمية ، ويحتوي على مفاهيم إشكالية للغاية. حيث اضافت ان المحتوى البيئي في الكتب المدرسية زاد زيادة كبيرة في العقود الماضية ، مما أدى إلى تعريض المزيد والمزيد من الشباب للتعليم المرتبط بالمياه وهذه فرصة أخرى للبناء عليها.
فيما أكد مدير الموارد المائية والكهربائية في وزارة الطاقة اللبنانية، فادي قمير، أن ارتفاع درجات الحرارة على مستوى الكوكب إذا استمرت في المعدل الحالي، سيكون مصدرا لعدم الاستقرار ونشوء الصراعات، لافتا إلى أن الطلب على الطاقة سيلقي بأعباء أكبر على موارد المياه المتاحة.
ولفت أن منطقة الشرق الأوسط، بما فيها لبنان، معرضة للخطر بفعل المتغيرات الشاملة التي تؤثر على الموارد المائية، ولها عواقب سلبية على موارد المياه. وأضاف: "بحلول عام 2025، يتوقع أن يرتفع عدد سكان العالم من 7 مليارات إلى نحو 9 مليارات نسمة. وهذا النمو الديموغرافي سيترافق مع ازدياد في الحاجات الغذائية، وبالتالي حاجات مائية، لأن الزراعة هي المستهلك الرئيسي للمياه العذبة نحو 70 في المئة، مقابل 12 في المئة للاستخدام المنزلي و18 في المئة متوسط للاستخدامات الصناعية في العالم.
وقال وزير المياه والري في مصر عبدالعاطي في كلمته خلال جلسة ” المياة العابرة للحدود”، علي هامش أعمال أسبوع بيروت السابع للمياه، أن أكثر من نصف سكان العالم يعانون من نُدرة المياه، وأن 90% من الكوارث الطبيعية مرتبطة بالمياه وحوالي ثلثي انهار العالم العابرة للحدود ليس لديها إدارة تشاركية. وأكد الوزير علي أهمية المياه العذبة لاستمرار الحياه، وضرورة العمل للحفاظ عليها من التلوث، والهدر وأن الأهداف الإنمائية للقرن الحالي المتمثلة في توفير مياه الشرب الأمنة والنظيفة، وخدمات الصرف الصحي للجميع، وتحقيق الأمن الغذائي والطاقة للوصول للنمو الإقتصادي والاستقرار الإجتماعي المنشود لن يتحقق ما لم نُدير الموارد المتاحة بالشكل الصحيح.
من جهته، قال رئيس المجلس العالمي للمياه، لواك فوشون، إن الأمن المائي بحسب رؤية الخبراء المائيين يتحقق بمعالجة المياه وإعادة استعمالها في أغراض عديدة والتوسع في تحلية مياه البحار، مشددا على أهمية الترشيد في استهلاك المياه في ظل تراجع الموارد المائية عالميا.
وفي ختام جلسة الافتتاح، قدم قمير دروعا تكريمية لضيوف شرف المؤتمر باسم وزارة الطاقة والوزيرة البستاني.