يعدّ قرار جلالة الملك عبد الله الثاني بإلغاء زيارته إلى رومانيا أبعد من خطوة رمزية لقائد عُرف عنه بالسير الدقيق من أجل الحفاظ على الأعراف والتقاليد الدبلوماسية التي تعلو فيها قيم المجاملة.
في ملف القدس، يَظهر الملك بحزم واضح ليرسل رسالة للعالم العربي والإسلامي أن لديهم ما يفعلونه كل حسب هوامشه وإمكانياته وقدراته، مهما صغر أو كبر حجم القرار المتخذ فإن له تأثير بين الدول، وسينعكس حتماً على أي دولة أو زعيم يشبّ عن طوق الشرعية الدولية.
لا بد للدول العربية والإسلامية أن تتخذ الخطوات المناسبة إزاء أي دولة تستسهل عملية الرضوخ أو الإنحناء لأسرائيل على حساب المصلحة العربية والفلسطينية، وإن كنا لا نغالي ونفرط في أي قرار أو حدث، فإنه من المهم التأكيد على أهمية أن مثل هذه الخطوات ستحدّ من تجاوزات الدول وتمادي بعض قادتها ممن حاد عن الحق في سبيل مصالح آنية.
وأعلن الديوان الملكي الهاشمي أن جلالة الملك عبدالله الثاني قرر إلغاء زيارته إلى رومانيا، التي كان من المقرر أن تبدأ اليوم الاثنين، وذلك نصرة للقدس في أعقاب تصريحات رئيسة وزراء رومانيا فيوريكا دانسيلا الأحد، عن عزمها نقل سفارة بلادها إلى القدس.
وكانت أجندة الزيارة الملكية إلى رومانيا، والتي تتولى حاليا رئاسة الاتحاد الأوروبي، تشتمل على لقاءات ثنائية لجلالة الملك مع الرئيس الروماني، ومسؤولين في البرلمان، بالإضافة إلى مشاركة جلالته في جولة من "اجتماعات العقبة" التي كان من المفترض أن تستضيفها رومانيا بالشراكة مع الأردن.
كما كان من المقرر أن توقع الحكومتان الأردنية والرومانية، على هامش الزيارة الملكية، اتفاقية ومذكرتي تفاهم وبرنامج عمل في عدد من المجالات، بالإضافة إلى تنظيم ملتقى للأعمال يجمع ممثلين عن القطاع الخاص في البلدين.
ويقول الدكتور محمد بركات المتابع للشأن الروماني إن الحزب الحاكم يدعم قرار رئيسة الوزراء، لكن بعض القوى السياسية التي كانت متحالفة مع الحزب الحاكم رفضت التصريح الذي صدر عنها خلال زيارتها للولايات المتحدة.
واشار في حديث لـ "هلا أخبار" إلى أن هذه القوى السياسية عبّرت عن أسفها لإلغاء الزيارة الملكية لكنها تتفهم القرار بعد تصريحات رئيسة الوزراء في مؤتمر AIPAC في العاصمة الأمريكية واشنطن.
وأضاف بركات "لاحظوا تصريح ترايان باسيسكو الرئيس الروماني السابق الذي قال إن (دينشيلا رئيسة الوزراء) ألقت ٥٠عامًا من السياسة الخارجية الرومانية على الشرق الأوسط في البحر".
وقال الرئيس كلاوس يوهانيس إن رئيسة الوزراء فيوريكا دينشيلا، من خلال تصريحاتها حول انتقال السفارة الرومانية إلى القدس تظهر مرة أخرى جهلها التام في مجال السياسة الخارجية"، واتهم يوهانيس دانشيلا بالإسراع في إصدار إعلانات عامة دون قرار.
يشير الدكتور بركات إلى أن الرئيس السابق لرومانيا وصف رئيس الوزراء ب"الغبية" ولا يحق لها فعل ذلك كون رومانيا ترأس الاتحاد الاوروبي وهذا يخرجها عن السياق الأوروبي الرافض لنقل السفارة والمتمسك بالشرعية الدولية.
ويبين أن هنالك أصواتاً ناقدة ضد رئيس الوزراء ويقولون "تحملناها زيادة عن اللزوم"، فيما يوجد عدد واسع من الإعلاميين الرافضين لقرارها حتى أن بعض الصحف القريبة من السلطة تنتقد القرار ولا أحد ينتقد القرار الاردني بل يبدون تفهمه.
واكتفت وزارة الخارجية الرومانية – وفق بركات - بنقل الاعلان الأردني الصادر عن الديوان الملكي الأردني الهاشمي والذي قرر فيه إلغاء زيارته، والتي تعدّ هذه الخطوة سابقة لدى الملك المعروف عنه بدبلوماسيته الرفيعة.