مكاسب صافية خارج الأسواق الرسمية لا يراها العقل الحكومي
الانباط – عمان – خليل النظامي
الاف من العاملين في قطاعات التجارة والصناعة والخدمات يقومون يوميا بنشاطات اقتصادية لا تخضع للقوانين والانظمة، ولا يدفعون الضرائب المستحقة، حتى ان كافة معاملاتهم خارج مظلة الدخل القومي للمملكة وهذا ما يعرف بـ"إقتصاد الظل" او الاقتصاد غير الرسمي.
وبرغم كل التشديدات والاجراءات التي تتخذها حكومة د. عمر الرزاز في ملف التهرب الضريبي، الا ان مراقبين يرون ان تحرك جهات الرقابة الرسمية في مراقبة ومتابعة نشاطات "اقتصاديي الظل" يكاد لا يذكر، وانه لا نتيجة ملموسة لتنيظم نشاطاتهم رسميا، خاصة اولئك الذين يجنون الملايين من عمليات التسويق والترويج لمنتجات محلية وعالمية بشكل فرادي عبر "التطبيقات الذكية" ومواقع التواصل الاجتماعي.
خبراء قالوا لـ "الانباط"، ان طبيعة الانظمة الضريبية غير العادلة، والاجور المتدنية التي يتقاضاها الموظفون والتي لا تتناسب مع مستوى المعيشة، من الاسباب التي تدفع المواطنين للبحث عن طرق ملتوية وغير شرعية للتهرب من الضرائب والرسوم المرتفعة، بحسب تقديرهم.
في وقت اثبتت فيه الدراسات، ان تعقيد الاجراءات الادارية وارتفاع الرسوم وانتشار الفساد الاداري والمالي وعدم الرقابة، يدفع المواطنين للبحث عن اساليب غير شرعية للتهرب من دفع الضرائب والرسوم المفروضه على اعمالهم.
وتشير اخر احصائيات البنك الدولي، الى ان معدل اقتصاد الظل في الاردن بلغ حوالي 17.38 بالمئة من الناتج المحلي لاجمالي السنوات 1991 لغاية 2015، اي فقدان اكثر من 700 مليون دينار من الايرادات الضريبية بسبب اقتصاديو الظل.
واوضحت نشرة اعدها منتدى الاستراتيجيات الاردني، ان اقتصاد الظل يقلل من مجوع الايرادات الضريبية الحكومية، وهذا بدوره يؤدي الى زيادة الاقتراض العام، ويعمل على زيادة الطلب على النقد المتداول اكبر من المعروض، ما يشكل ضغطا متزايدا على اسعار الفائدة.
كما توضح النشرة، ان من ابرز الاثار السلبية لاقتصاد الظل، ان الشركات العاملة فيه غير مكشوف عنها، اي انها لا تستفيد من اقتصاديات الحجم والكفاءة، وهذا تحد امام الشركات الكبيرة المسجلة يتمحور في المنافسة غير العادلة ما يؤدي الى تأثر اداءها بسكل سلبي، بالاضافة الى انه يجعل حجم الاقتصاد اقل من حجمه الفعلي، وهذا يؤثر على تقدير جميع المؤشرات الاقتصادية التي يتم التعبير عنها كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي للاردن بمقدمها عجز الموازنة.
كل هذه السلوكيات الاقتصادية تحت تعريف "اقتصاد الظل"، تعمل على زيادة معدل التهرب الضريبي وتفقد الدولة ايرادات كبيرة جدا بالكاد تؤثر على موازنتها العامة وعلى مستويات الانفاق فيها، وبالتالي على مسيرة التنمية الاقتصادية وعمليات التصحيح والاصلاح الاقتصادي بشكل عام.
وهذا بدوره يؤدي بالحكومة الى انتهاج سياسيات اقتصادية فيها عبء كبير على المواطن، كرفع الرسوم وفرض اشكال جديدة من الضرائب والغرامات.
والحديث هنا عن نشاطات اقتصادية دون اية تراخيص، مسيرة سهلة تتحرك فيها الملايين دون قاطع ضريبي يأخذ حق الدولة منها، ومعاملات خارج مظلة المنظومة الرسمية تمرر يوميا هنا وهناك، تستحق من الحكومة والجهات الرقابية تنظيمها وتقنينها بحسب قانون ضريبة الدخل، في وقت تتعرض فيه البلاد لازمة اقتصادية عميقة وعجز بالملايين ومديونية بالمليارات.
من الجدير ذكره، أن قانون ضريبة الدخل الجديد اعتمد نظام فوترة وطنيا لمعالجة التهرب الضريبي، من خلال تطبيق نظام مدفوعات إلكتروني شامل يساعد على الحد من التهرب الضريبي، بحيث تصدر فاتورة من كل عملية بيع سلعة أو حصول على خدمة من القطاعات كافة، بالإضافة إلى وضع نظام إلكتروني متكامل يرتبط بدوائر الضريبة والجمارك والأراضي وغيرها، ما يتيح التأكد من مصادر دخل المكلف بدون المساس بالسرية المصرفية.