المهندس هاشم نايل المجالي
ليس كل ما نشاهده او نقرأه عبر وسائل الاعلام المختلفة اصبح من علم السياسة الحقيقية ، بل اصبحت مجرد اخبار تصاغ وفق الاحداث ليستفاد منها ولايصال رسائل ذات هدف معين بفحوى مفبركة تتناسب مع الهدف والغاية والمصلحة الخاصة بهم .
حيث ان علم السياسة هو صياغة وترتيب للاحداث وتحليل وتقييم لنتائجها بدراسة مطولة وترتيب الافكار من كافة النواحي من حيث النوع والشكل والمضمون ، حتى لا يخفي شيئا عن الحدث او الموضوع ولا عن التحليل لما يترتب عليه من ابعاد ونتائج .
وهنا يكمن مدى ارتباط علم النفس بعلم السياسة في جدلية تحليلية ، حيث انه عندما تقع في ازمة تبدأ في البحث عن حلول لها لتستخدم خطوات لتمسك بخيوط الحلول المؤثرة في النفس بخطوات السلوك التنظيمي وهو علم النفس الاجتماعي ، لتدخل في الدبلوماسية الحوارية باختيار متقن للكلمات والعبارات المناسبة للموضوع ، وهذا له من الشخصيات من يتقنه حيث ان السياسي المحنك يسمع كلام الاخرين قبل ان يتحدث ويفرغهم من مضمون فكرهم وما في صدورهم من احتقان ليستوعب وجهات نظرهم حتى ولو كان على خلاف معهم وبكل تواضع فهو محط الانظار حتى ولو كان ذلك التواضع مفتعلا .
لكننا وجدنا كثيراً من السياسيين المتنفذين العاملين او المتقاعدين يعيشون في الوهم ، اي يعيشون في تصورات وافكار اقرب الى الخرافات والتي يعتقدون انها اقرب الى التطبيق والواقع ، وهي مرفوضة واقعياً وعلمياً ومنطقياً .
فهناك واقع معيشي وحياة عملية يعيشها المواطن تحاكي امكانياته المالية ومتطلباته المعيشية ومطالبه للحياة وحاجاتها مع منطق الاشياء ، وهذا الوهم السياسي وهو اخطر انواع الوهم عندما يعتقدون ان وهمهم قد يتحقق في واقع لا يمت بصلة لذلك الوهم حيث يكون التفكير خارج حدود الممكن .
ولقد وقعت شعوب فريسة الوهم السياسي القاتل عندما اعتقد مجموعة من السياسيين ان بمقدورهم تشكيل قوة مؤثرة بالقرار السياسي حسب هواهم وعلى قدر وعيهم الزائف دون معايشة للواقع الفعلي ، ودون الأخذ بعين الاعتبار للثمن الانساني الذي سيدفعه الانسان نتيجة سياستهم تلك لتحقيق وهمهم وعبثهم في المجتمع الى حد اللامعقول حتى يؤدي ذلك الى الانفجار المجتمعي .
فهل تلك المجموعة من السياسيين لهم الصلاحية والقدرة والقوة لأن تستخف بعقول الناس باستراتيجيات وهمية الى هذا الحد ، واصبحت نظرياتهم توصف بنظريات الافشال ، والتي تتغذى على جوع المواطنين لتبرير اخفاقاتهم المتتالية ، فلا حلول لمحاربة الفقر ، ولا التخفيف من زيادة نسبة البطالة ، ولا جذب الاستثمار ، ولا حتى محاربة فساد اصحاب النفوذ فخطاباتهم متناقضة ومفارقات يشوبها الغموض ، واللبس واضح بين ما يرفعونه من شعارات وما يحققونه من انجازات على ارض الواقع .
وهي ازمة وعي سياسي وتهيؤات خيالية غير واقعية ، وهنا تكمن اهمية مراجعة شاملة لصورة الواقع ، واعادة التخطيط للمستقبل بكل شفافية دون القفز لنتائج لا تمثل الواقع مستلهمين من تجارب الاخرين حتى لا نبقى نعيش حالة الاحباط فقراءة الواقع تختلف كثيراً عن قراءة الكف .//
hashemmajali_56@yahoo.com