نشرت صحيفة "إيزفيستيا" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن مواصلة الولايات المتحدة دعمها للأكراد في سوريا على الرغم من العملية العسكرية التي شنتها تركيا ضدهم.
وقالت الصحيفة في تقريرها إنه نتيجة لمواصلة البنتاغون لسياستها المتمثلة في دعم الأكراد، ستساهم واشنطن في مزيد تأزم الوضع في سوريا، ما قد يهدد استقرار المنطقة. ومن المثير للاهتمام أنه سبق أن حذر مسؤولون روس من ذلك.
وأكدت الصحيفة أن البنتاغون يعتقد أن قوات سوريا الديمقراطية لا تزال في حاجة إلى المزيد من الدعم لمواجهة المسلحين بشكل فعال. ولذلك، لا ينوي التوقف عن مساعدتهم، وذلك وفقا للتوضيح الذي أدلت به القيادة المركزية للقوات المسلحة الأمريكية ردا على سؤال "هل ستواصل البنتاغون تسليح الأكراد على الرغم من العملية التركية في عفرين؟".
وأفادت الصحيفة أن البنتاغون يعتبر أن نشاط قوات سوريا الديمقراطية إيجابي، إذ يرى أنهم يساهمون في إنقاذ العالم من تنظيم الدولة الذي سيطر على أماكن مختلفة في سوريا على غرار الرقة ومنبج وطبقة وحاول انطلاقا من هذه المدن التخطيط لهجمات مسلحة في جميع أنحاء العالم. وعلى هذا الأساس، يعتبر البنتاغون نفسه ملزما بدعم الأكراد من أجل ضمان سقوط تنظيم الدولة نهائيا في سوريا والعراق.
وأفاد البنتاغون أن "الإجراءات التركية في عفرين أحادية الجانب وغير مرتبطة بعمليات التحالف (الأمريكي) في سوريا". وتجدر الإشارة إلى أن أنقرة أعلمت حلفاءها مسبقا بخططها في سوريا.
وأشارت الصحيفة إلى الدعم المكثف الذي تقدمه واشنطن لأكراد سوريا. فقبل أسبوع تقريبا، أشارت وسائل إعلام في الشرق الأوسط إلى تزويد الأكراد بأنظمة دفاع جوي من قبل الولايات المتحدة. وفي 14 كانون الثاني/ يناير، أعلن مدير المكتب الإعلامي للتحالف توماس فيل عزم واشنطن على إعداد ما يسمى "بقوات الأمن الحدودية" المتكونة بالأساس من فصائل كردية.
وعلى الرغم من أن كل هذه الإجراءات التي يتخذها البنتاغون تجاه الأكراد تأتي في إطار محاربة تنظيم الدولة، إلا أن رد فعل أنقرة كان سريعا. والجدير بالذكر أن رجب طيب أردوغان هدد بالقضاء على هذا الجيش قبل ولادته، كما وصف الأكراد "بالمخلوقات المتوحشة".
وأوضحت الصحيفة أنه بعد مرور بضعة أيام على تهديدات الرئيس التركي، انطلقت عملية "غصن الزيتون" في عفرين شمال غرب سوريا بتاريخ 20 كانون الثاني/ يناير، ضد الفصائل الكردية المسلحة. وفي الوقت نفسه، طالب الزعيم التركي بالتوقف عن دعم الأكراد، وذلك وفقا لما صرح به المتحدث باسم الرئيس التركي إبراهيم كالين. في المقابل، يبدو أن واشنطن لا تنوي الامتثال لطلبات أنقرة.
ونقلت الصحيفة تصريحات وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس التي أدلى بها أواخر كانون الأول/ ديسمبر سنة 2017 والتي أفاد فيها أنه مع بداية عملية إعادة إعمار المدن السورية، سيتواجد المزيد من الدبلوماسيين الأمريكيين داخل الأراضي السورية. وبعد حوالي أسبوعين، ذكرت صحيفة "الشرق الأوسط" العربية وفقا لمصادرها الخاصة أن "الولايات المتحدة تعتزم اتخاذ خطوات جادة نحو الاعتراف الدبلوماسي بالمناطق التي يسيطر عليها الأكراد".
في السياق ذاته، نقلت الصحيفة عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في تصريح له في 21 كانون الثاني/ يناير أنه "بعد يوم من بدء العملية في عفرين من الواضح أن الإجراءات أحادية الجانب من قبل الأمريكيين قد أغضبت تركيا".
وأضافت الصحيفة أنه بعد العدوان على العراق سنة 2003، ومحاولة الإطاحة بالأسد بمساعدة تنظيم الدولة، يبدو أن "المشروع الكردي" أصبح الحلقة التالية في سلسلة الفوضى المتعاقبة في الشرق الأوسط الذي أسستها الولايات المتحدة، وفقا لما أكده المستشرق والدبلوماسي السابق فياتشيسلاف ماتوزوف.
وأكدت الصحيفة وفقا للخبير أن "تقسيم سوريا وإقامة دولة كردية في المنطقة يعد بمثابة خطوة هامة بالنسبة للولايات المتحدة، يتم فيها استخدام الأكراد كأداة. وعموما، كلما تمادت الولايات المتحدة في دعم الأكراد ومساندتهم، كلما وجدت أنقرة تبريرا لشن هجماتها ضدهم. وفي هذه الحالة، يجب على الأكراد أن لا يخدعوا بالوعود الواهية، إذ أن جيرانهم تركيا والعراق وإيران فضلا عن سوريا لن يسمحوا لهم بتأسيس دولتهم الخاصة. من ناحية أخرى، ستقوم الولايات المتحدة بالتخلي عنهم بمجرد توقفهم عن تلبية مصالحها".
وفي الختام، أوضحت الصحيفة أن الإجراءات الحالية التي يتخذها الأمريكيون تضرب التسوية السورية من جديد. وتجدر الإشارة إلى أن "المشروع الكردي" المحكوم عليه بالفشل، سيساهم في خلق أزمة جديدة قد تطول وقد تكلف البلاد العديد من الخسائر البشرية.