الطلاق في الأردن.. احصائيات صادمة وأزمة اجتماعية تتطلب وقفة جادة الوحدة 8200 "غليلوت".. عين "إسرائيل" وعقلها الاستخباري "الصحة": التعديلات على لائحة الاجور الطبية قريبا العطيات: لست مع "الكوتا" والمرأة قادرة على المنافسة الخبير الاقتصادي عايش يكشف كيف يؤثر ارتفاع السيولة المحلية والنقد المتداول على الاقتصاد وزير الخارجية: وقف العدوان الإسرائيلي على غزة أولوية يجب التكاتف لتنفيذها أهم الخطوات التي يجب القيام بها الآن بعد تجاوز الذهب مستوي 2500 دولار للأونصة بلدية الوسطية تُغلق حديقة كفر أسد 95 مهندساً يؤدون القسم القانوني مجمع الملك حسين للأعمال..انطلاقة جديدة نحو توسعة استثمارية واستقطاب لفرص العمل ابو الغنم والشديفات: برنامج عمل ميداني للتعرف على حاجة المواطن من خدمات ومشاريع ولي العهد يتابع تدريبات النشامى تأهباً للقاء كوريا الشمالية وديا ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين في غزة إلى 171 مقتل 14 من قوات الجيش الباكستاني خلال اشتباك مع مسلحين ارتفاع أسعار النفط 3 بالمئة جراء مخاوف التصعيد بالشرق الأوسط "المستقلة للانتخاب": 172 قائمة نهائية بعد انسحاب 17 مرشحًا من الانتخابات النيابية 2024 الأردن يطلق مبادرة "استعادة الامل" لدعم مبتوري الأطراف في غزة مندوبا عن الملك وولي العهد.... العيسوي يعزي القرعان وآل أوتي الاسترليني يتراجع أمام الدولار ويرتفع مقابل اليورو تطوير العقبة تنظم ورشة تمكين "مستقبل منظومة موانئ العقبة: استراتيجيات الحد من الانبعاثات الكربونية
تقارير الأنباط

الطلاق في الأردن.. احصائيات صادمة وأزمة اجتماعية تتطلب وقفة جادة

الطلاق في الأردن احصائيات صادمة وأزمة اجتماعية تتطلب وقفة جادة
الأنباط -

د. الخزاعي: لا يمكن حصر أسباب الطلاق

معمر: حالات الطلاق مرآة لتحديات تواجه الأسر

خبراء: غياب الإعلام التوعوي ومراكز الدراسات من أبرز العوائق

 
عائشة مطلقة دفعت ضريبة الحرية والهروب من التقاليد

من السيارة إلى الطلاق.. كيف تحولت أحلام عبير إلى كابوس؟

الأنباط – خليل النظامي/ألاف تيسير/داليا الزيود

شهدت الأردن مؤخرا ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات الطلاق، الأمر الذي بات يشكل ظاهرة تستدعي الوقوف عليها وتحليل أسبابها وآثارها على المجتمع.
واللافت أن القلق بدأ يتزايد حول هذه الظاهرة، خاصة في ظل التحولات الاجتماعية والأزمات الاقتصادية التي تشهدها الأردن، والتي قد تكون أحد العوامل المؤثرة في تفكك الأسر وتزايد حالات الانفصالوفقا لـ خبراء ومتخصصون صرحوا لـ الأنباط.
وكانت إحصائية نشرت أول أمس حول حالات الطلاق المسجلة في الأردن كشفت عن أنه جرى تسجيل 25464 حالة طلاق العام الماضي 2023، بينما بلغ عدد المحكومين بقضايا النفقة عام 2023 حوالي 10 آلاف شخص فيما بلغ العدد التراكمي لآخر 5 سنوات حوالي 60 ألف.

الى ذلك، بلغ مجموع الحالات التي راجعت مكاتب الإصلاح الأسري لعام 2023 أكثر من 80 ألف حالة وتم إصلاح 9 آلاف حالة من هذه الحالات، وتم تنظيم أكثر من 40 ألف رضائية باتفاق الطرفين وهذا شعاره التراضي قبل التقاضي، في الوقت الذي لا توجد فيه أي بيانات تتعلق بمعدلات ونسب العنوسة بين النساء في الأردن.

عائشة : مطلقة دفعت ضريبة الحرية والهروب من التقاليد

تقول عائشة "إسم مستعار" : كان عمري 19 عامًا عندما قررت الهروب من القيود والموانع الاجتماعية بالزواج، طمعًا في حياةٍ أكثر حرية واستقلالية، إلاّ أن الحياة لم تمهلني طويلاً لأدرك أنني دفعت ضريبة باهظة مقابل تلك الحرية.
وتضيف، زوجي كان مختلفًا عني في كل شيء تقريبًا؛ شخصيته ضعيفة، غير اجتماعي، وثقافته محدودة، ومع مرور الوقت، بدأت أشعر بالخجل منه أمام الناس، خاصة عندما كنت أقارن بينه وبين الرجال الآخرين، إلا أن الأهل كانوا دائمًا يتدخلون لإصلاح المشاكل والقضايا بيني وبينه، مشددين أن الزواج يجب أن يستمر بأي ثم كان.
وعندما دخلت سوق العمل، تغيرت نظرتي للحياة، وأصبحت أكثر وعيًا بحقوقي وواجباتي كزوجة وأم، واكتشفت أنني كنت أتحمل أكثر مما ينبغي، وأني أصبحت المعيل الأساسي لاسرتي، في حين كان زوجي لا يقدم شيئًا يُذكر، ومع مرور الأيام، ازدادت المشاكل حتى شعرت أنني لم أعد متزوجة من رجل يستطيع حمايتي أو الوقوف إلى جانبي.
وتتابع في روايتها لـ "الأنباط"، قد بلغت الأمور ذروتها ؛ عندما تعرضت للتحرش من أحد مدرائي في العمل، وكان تصرف المدير وقحًا وصريحًا، فغادرت العمل فورًا، وعندما أخبرت زوجي بما حدث، كانت صدمتي كبيرة عندما قال لي بكل برود: "كان دبرتي أمورك مع مديرك"، تلك الكلمات كانت كالخنجر الذي اخترق قلبي، وأحدث شرخًا لا يمكن إصلاحه بيننا.
وتضيف، في السنوات الأربع التي سبقت الطلاق، كانت حياتنا خالية من أي عاطفة؛ كنت أنام في غرفة وهو في غرفة أخرى، وكانت العلاقة بيننا مجرد واجب ثقيل، خالٍ من الحب أو الاحترام، وفي النهاية لم يكن أمامي سوى حل واحد وهو طلب الطلاق، على الرغم من معارضة الأهل الذين لم يقبلوا بفكرة تربية أبنائي وحدي، ورفضوا مساعدتي وأصروا على أن يظل الأطفال تحت وصايته، إلاّ أنني لم أستسلم؛ وتطلقت منه سرًا لمدة عام كامل، وواصلت العمل لإعالة أبنائي، وعندما علم الأهل بالأمر، وقع الطلاق بشكل رسمي، وكانت الظروف الاقتصادية صعبة جدا، خاصة عندما توقف عن إرساله لـ المال، الأمر الذي دفعني الى العمل في وظيفتين لأتمكن من توفير احتياجات أبنائي.
بعد الطلاق، كانت معاناتي مع المجتمع هائلة؛ تعرضت للمضايقات والتحرشات، وكأن كلمة "مطلقة" تجعلني هدفًا سهلاً للآخرين، لكن رغم كل الصعوبات، تعلمت أن الحرية الحقيقية ليست مجرد هروب من القيود، بل هي القدرة على مواجهة الحياة بشجاعة، وتحمل مسؤولية قراراتك، مهما كانت صعبة.

من السيارة إلى الطلاق، كيف تحولت أحلام عبير إلى كابوس ؟

عبير "إسم مستعار، تروي لـ الأنباط قصتها التي بدأت عندما كانت تحلم بـ شراء سيارة أحلامها من مالها الخاص الذي ادخرته من عملها قبل الزواج، إلاّ أن حياتها تحولت إلى كابوس بعد أن خاب أملها في الرجل الذي اختارته شريكاً لحياتها.
وتقول : بعد الزواج، جاء زوجها ليطلب منها المبلغ الكبير الذي تتدخره بـ ذريعة شراء السيارة، وبحسن نية وثقة أعطته المال الذي كان يعني لها الكثير، إلاّ أن زوجها استخدمه لشراء السيارة لنفسه وليس لها، وما لم يكن في حسبان (عبير)، أن زوجها لم يكتفِ بذلك، بل أساء استخدام الثقة التي منحته إياها، وقام بعد أن حصل على المال، بتطليقها والزواج من امرأة أخرى، تاركاً إياها في مواجهة عالم مليء بالخيبات.
وتضيف أنها عندما لجأت إلى المحكمة لطلب العدالة، واجهت صدمة جديدة، فبدلاً من الحصول على التعويض الذي تستحقه، كان رد المحكمة ؛ أنها لا تستطيع اتخاذ أي إجراء بسبب عدم وجود أدلة مادية تثبت أن الزوج قد استلم المبلغ منها، واكتشفت أن طليقها يمتلك ثلاثة بيوت على الرغم من ادعائه المستمر بالفقر والحاجة، ولم يكن أمامها سوى العودة إلى أحضان عائلتها، حيث قدم لها أهلها الدعم المالي والمعنوي، واستقبلوها وابنها بحب ورعاية.
تبقى قصص عائشة وعبير شواهد حقيقية على حجم التحديات التي تواجهها النساء في الأردن، من خلال تجاربهن المؤلمة، يتضح لنا أن الطلاق ليس مجرد رقم في إحصائية، بل تجربة إنسانية تحمل معها معاناة وصراعات حقيقية.

خبير قانوني : حالات الطلاق مرآة لتحديات تواجه الأسر الأردنية

يقول الخبير القانوني الشرعي رفعت معمر، : شهدت الأردن في عام 2023، مجموعة من التطورات في مجال قضايا الطلاق، التي تعكس التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها البلاد.
وأضاف أن حالات الطلاق المسجلة هذا العام تعتبر مرآة لتحديات جديدة ومستمرة تواجهها الأسر الأردنية، ويعكس هذا الوضع التحولات في أنماط العلاقات الأسرية وتوجهات المجتمع، مشيرا الى أنه ومن خلال خبرته التي تمتد لنحو 36 عاما، امام المحاكم الشرعية لم يكن هناك اي تاثير للممارسات الثقافية والاجتماعية على تطبيق القوانين الشرعية، والحكم بالطلاق.
ويضيف أن اكثر التحديات شيوعا التي نواجهها كـ محامين امام المحاكم الشرعية تلك التي تتمثل اولا بـ المماطلة بفرض الطلاق والتسويف من قبل احد الخصوم، واعاقة سير العدالة.
ويتابع، هناك اختلافات ملحوظة في تطبيق القوانين لدى المحاكم الشرعية الفرعية في المحافظات، فـ القاضي في هذه المحاكم بسبب معرفته في اطراف النزاع واهاليهم يعمل جاهدا للاصلاح بين الزوجين، وقد يكون في ذلك ظلما يقع على الزوجة من خلال الضغط عليها من قبل المحكمة واهلها.
ويؤكد، أنه لا توجد اية تحديات قانونية امام النساء عن طلبهن للطلاق بسبب اتفاقية سيداو وغيرها من الاتفاقيات التي غيرت كثيرا من الواقع المتبع امام المحاكم الشرعية.
ويعزي معمر إرتفاع نسبة الطلاق في الأردن، الى تأثر الزواج بتغيرات اجتماعية واسعة النطاقات مثل التحولات الاقتصادية ، وزيادة المشاركة النسائية في سوق العمل، وارتفاع مستوى التعليم لدى النساء، مشيرا في الوقت نفسه الى أن هذه التغيرات ساهمت في تعزيز الوعي بحقوق المراة، وجعلت الكثير من النساء على اكثر استعدادا لطلاب الطلاق اذا شعرن بعدم التوافق او التعرض للظلم.

غياب الإعلام التوعوي ومراكز الدراسات والأبحاث من أبرز العوائق
الى ذلك، يمكن إعتبار غياب مراكز الدراسات والأبحاث عائق رئيسي أمام مواجهة ظاهرة الطلاق التي باتت تؤرق المجتمع بتضخم معدلاتها، في الوصت الذي من المفترض أن تؤدي هذه المراكز دوراً محورياً في تحليل الأسباب العميقة للطلاق وتقديم رؤى قائمة على بيانات دقيقة تساعد في تطوير استراتيجيات فعّالة للتعامل مع هذه الظاهرة.
إلاّ أنه وبكل أسف، تفتقر الأردن إلى المبادرات البحثية الشاملة التي يمكن أن تسهم في فهم أعمق للتحديات التي تواجهها الأسر الأردنية، علاوة على أن التغاضي عن الحاجة الملحة لإجراء دراسات منهجية حول أسباب الطلاق وتأثيراتها على المجتمع يعكس نقصاً في التنسيق بين الحكومة ومؤسسات القطاع الخاص، لأنه بدون بيانات دقيقة وتحليل علمي، تبقى الحلول المتاحة محدودة وغير فعالة، الأمر الذييؤثر سلباً على قدرة السياسات والتدابير المتخذة على تحقيق نتائج ملموسة.
ومن على الضفة الأخرى، ووفقا لحصيلة اراء مجموعة من الخبراء قالوا : يبرز أيضا الدور السلبي الذي يؤديه أو تؤديه الكثير من وسائل الإعلام والبرامج التلفزيونية والاذاعية كـ عامل مؤثر في تفاقم هذه الظاهرة وتعميق الأثر النفسي والاجتماعي على الأفراد خاصة النساء، فضلا عن أن الإعلام السلبي يعزز الكثير من التصورات النمطية والسطحية حول الزواج والطلاق، بدلاً من تسليط الضوء على الأسباب المتعددة والمعقدة للطلاق وفتح نقاشات بناءة حول كيفية معالجة هذه القضية، يقتصر الإعلام أحياناً على تغطية سلبية ومبنية على الإثارة، ما يساهم في نشر معلومات مغلوطة ويزيد من الضغط النفسي على الأفراد المتأثرين، إذ يمثل هذا الغياب في التوعية والمعلومات الدقيقة جدار مانع امام الجمهور من فهم جوانب الظاهرة بشكل شامل ويعيق جهود إيجاد حلول فعالة.

خبير اجتماعي : أسباب الطلاق متعددة ولا يمكن حصرها

بدوره يؤكد الخبير الإجتماعي الدكتور حسين خزاعي في حديثه مع "الأنباط"، أن الاسباب الرئيسية لـ ارتفاع حالات الطلاق في الاردن تتمثل بـ سوء الاختيار، والتسرع في عقد القران، والخيانة الزوجية "الالكترونية"، وعدم الفهم السليم للروابط والعلاقات الزوجية، والعنف الاسري، والغضب والعصبية، اضافة الى غياب الحوار الهادف والبناء داخل الاسرة، مشيرا الى أن مشكلة الادمان على المخدرات قد تكون سبب رئيسي ايضا لوقوع الطلاق.
ونوه الى أن طرق مواجهة ارتفاع معدلات حالات الطلاق يكمن بـ التسلح في التسامح والصبر في العلاقة، وتعزيز مفهوم الحوار البناء داخل افراد الاسرة، وعدم اعطاء المجال للاخرين التدخل بـ الامور الزوجية,
وشدد على اهمية ان يكون الزوج قادر على ادرة الشؤون الاقتصادية كي لا تقع الاسرة في مازق الديون ما يشكل مشكلات زوجية.