الأنباط -
عايش: هناك مبالغات فيما يخص العائد المتوقع من استثمار الثروات المعدنية
العساف: مسألة استخراج الثروات المعدنية تعتبر إلى حد ما متأخرة
الزعبي: بعض الخامات تتعرض لقيود بيئية أو اجتماعية تمنع استخراجها.
الأنباط-عمر الكعابنة
تواجه عمليات استخراج الثروات المعدنية والنفطية في الأردن تحديات ومعوقات متعددة تعيق تحقيق الاستفادة القصوى من هذه الثروات الاقتصادية. من بين هذه التحديات تأتي قلة التقنيات والمعرفة المتقدمة في عمليات الاستخراج، إلى جانب التأثيرات البيئية السلبية التي قد تنجم عنها. ومع ذلك، يتجلى الأمل في وجود حلول تشمل تطوير التقنيات الحديثة، وتبني ممارسات استدامة تحمي البيئة، بالإضافة إلى تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص لضمان استغلال مسؤول ومربح لهذه الثروات. بذلك، يمكن للأردن تجاوز التحديات وتحقيق تنمية مستدامة من خلال استخدامه الذكي لموارده الطبيعية.
أشار الخبير الاقتصادي غازي العساف إلى وجود تحديات جوهرية تواجه قطاع استخراج المعادن وتطوير صناعاتها في الأردن، حيث أوضح أن مسألة استخراج المعادن تعتبر إلى حد ما متأخرة، مما يجعل الأردن من الدول التي تتخلف عن استخدام التكنولوجيا المتقدمة في هذه الصناعات وعمليات التنقيب، وتباطؤ الخطوات التشريعية والقوانين التي تنظم هذا القطاع، مما يترك فجوة في المنافسة مع دول أخرى تنتج المعادن والمشتقات النفطية في المنطقة.
وأوضح أن الأردن يواجه تحديات عديدة في هذا القطاع، حيث يعاني من ضعف في البنية التحتية المؤثرة في خطوط النقل والسكك الحديدية والموانئ، لافتاً هذا الواقع يؤثر سلبًا على نقل المواد الخام والمعادن من مناطق الاستخراج إلى الموانئ المخصصة للتصدير، ما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وتقليل التنافسية.
وأكد أن التحديات الماثلة أمام الأردن تتضمن قضايا مرتبطة بالمياه، حيث يُعد نقص المياه تحديًا كبيرًا في عمليات استخراج المعادن، حيث تتطلب هذه الصناعات كميات ضخمة من المياه في مختلف مراحلها. ومع الأخذ بنظر الاعتبار أن الأردن يعتبر من الدول الأفقر في المياه عالميًا، فإن هذا النقص يضع عقبات أمام تطوير هذا القطاع.
وأوضح العساف أن عمليات استخراج المعادن تتطلب عمليات حفر وتكسير، مما يؤدي إلى تلوث المياه والبيئة، مشيرًا إلى أهمية دور المياه في الحد من هذا التلوث. إلى جانب ذلك، أشار إلى أن تطوير هذه الصناعات يواجه عقبة أخرى وهي تقنيات التصريف المستخدمة في معالجة المخلفات والفاقد، حيث أن الدول الأخرى قد تطورت في هذا المجال، في حين يظل الأردن متأخرًا في هذا الجانب.
وتنبه العساف إلى وجود معوقات أخرى تتعلق بوجود معادن في مناطق طبيعية وسياحية، مما يعيق عمليات الاستخراج نظرًا للحاجة إلى الحفاظ على البيئة ومواردها الطبيعية. كما أشار إلى ضرورة إيجاد التوازن بين تطوير الصناعات والحفاظ على البيئة.
.
وأشار إلى أهمية المواقع التي تحتوي على ثروات معدنية كبيرة في الأردن، مشيراً إلى أن هذه المواقع غالباً تعد معالم سياحية وطبيعية حيوية، ما يعني أن تطوير هذه المناطق لا يمكن أن يتم على حساب التراث التاريخي والجاذبية السياحية المحيطة بها. وبهذا يضاف هذا التوازن بين التنمية والحفاظ على الموروث إلى قائمة التحديات التي تواجه هذا القطاع.
ولفت العساف إلى ضرورة توفير البيانات والمعلومات المتعلقة بقطاع المعادن، موضحاً أن هذا الجانب يعاني عادة من قلة التحديث وعدم الدقة، مما يؤثر سلباً على جاذبية الاستثمار والتطوير في هذا القطاع. وعلى هذا الأساس، أثنى على جهود وزارة الطاقة والثروة المعدنية في تطوير خارطة مفصلة توضح الثروات المعدنية في المملكة مشيراً إلى أن هذه الخارطة ستكون مرجعاً دقيقاً للمستثمرين المحليين والأجانب الذين يتطلعون للاستثمار في قطاع المعادن ومشتقات النفط.
وأوضح أن تطوير هذه الخارطة يتطلب تحليلات ميدانية مكثفة، بالإضافة إلى دمج مجموعة من المختصين والخبراء في مجالات متعددة كالجيولوجيا والهندسة، مؤكدا ضرورة بناء قاعدة بيانات قوية ودقيقة تخدم هذا القطاع وتضعه على المسار الصحيح.
وأشار إلى أهمية تشجيع استخدام التكنولوجيا الحديثة والطاقة النظيفة في صناعات الاستخراج، حيث يجب تسهيل دخول هذه التقنيات وتوفير إعفاءات جمركية للشركات المستثمرة. وأوضح أن هذه الخطوة ستسهم في تحسين الإنتاجية والجودة، بالإضافة إلى الاستفادة من مزايا الطاقة النظيفة.
وأكد العساف أن الأردن يمتلك احتياطيات هائلة من المعادن النادرة والاستراتيجية، مشيراً إلى أن تلك المعادن يمكن أن تكون قاعدة لتطوير مختلف القطاعات الاقتصادية في المملكة، مؤكدا أن توفير البنية التحتية والتشريعات الداعمة ستكون خطوة رئيسية نحو استثمار هذه الثروة المعدنية لصالح اقتصاد البلاد
في الجانب الأخر استعرض الخبير الاقتصادي حسام عايش النقاط الأساسية التي تعيق عملية استخراج النفط والغاز ، حيث أكد أن النفط والغاز في الأردن ليسا تجاريين، وبالتالي فإن الحديث عن استخراجهما لا يعتمد على أسس علمية واقعية. وأشار إلى أن استثمار تلك الموارد يجب أن يتم بناءً على دراسات اقتصادية وعلمية متوازنة.
و أوضح أن هناك معوقات رئيسية تتعلق بدراسات الاحتياطيات المعدنية والتقديرات المتباينة بين مختلف الجهات. وأكد أن غياب رؤية علمية دقيقة حول حجم وتجارية تلك الثروات يقف حائلاً أمام استثمارات فعالة ومستدامة في هذا المجال.
بناءً على ذلك، استعرض تحديات أخرى تتعلق بالدراسات العلمية المحيطة ببعض المعادن مثل السيليكا و الكعكة الصفراء. مشيرا إلى أن نتائج تلك الدراسات لم تقدم بعد قرائن محددة حول نقاء تلك المعادن، مما يعزز من انعدام الثقة ويضعف الإشارات الرسمية للمستثمرين.
وألقى عايش الضوء على التحديات التنظيمية والسياسية التي تعوق عملية استخراج الثروات، متحدثاً: عن تداخل مصالح معينة والصراع بين أطراف تتسابق للاستفادة من تلك الثروات، مما يؤثر على تحديد من يقوم بعملية الاستخراج وكيفية تنظيمها.
وأكد، أن موازنة الرأسمال وتكلفة الاستخراج تمثل جزءاً مهماً من المعوقات، حيث قد تتطلب الحكومة توجيه الإنفاق نحو أولويات أخرى تتعلق بالتزامات ملحة أكثر من استثمارات في القطاع المعدني.
ودعا، إلى ضرورة مراعاة الواقع والتوازن عند مناقشة تحديات استخراج الثروات المعدنية، مجدداً الدعوة إلى وضع دراسات دقيقة وشفافة للتحقق من جدوى استخراج تلك الثروات وضمان استفادة مستدامة للبلاد.
وأشار، إلى أهمية مراعاة الوضع العالمي والأوضاع الجيوسياسية عند التفكير في استخراج الثروات الطبيعية، موضحاً أن تحول العالم نحو مصادر طاقة بديلة واستراتيجية يجعل استخراج النفط والغاز ذات طابع غير مستدام في الوقت الحالي.
ونبّه، إلى وجود مبالغات فيما يخص العائد المتوقع من استثمار الثروات المعدنية في الأردن، مشيراً إلى أن الواقع يختلف كثيراً عن التوقعات، وأنه يتعين التعامل مع هذا الموضوع بجدية وواقعية.
في تصريحاته، أبدى عايش شكوكه بشأن وجود اليورانيوم الكعكة الصفراء بالكميات التي تم الترويج لها. وقال إن البيانات المتعلقة بتلك الثروات تفتقر للدقة والمصداقية، مما يُثير تساؤلات حول مصداقية تلك المعلومات والتقديرات.
وأكد، أهمية إجراء دراسات علمية دقيقة تتناول تقدير الكميات المعدنية والعائد المتوقع من استثمارها. ودعا إلى ضرورة تقديم معلومات شفافة من قبل الحكومة حول المعادن الرئيسية المتاحة وضرورة إجراء دراسات موثوقة لـ توضيح الفوائد والتحديات المرتبطة بتلك الموارد.
وشدد، عايش على أهمية الاستعانة بجهات معترف بها عالمياً لإجراء دراسات دقيقة حول وجود تلك المعادن وكمياتها. وأشار إلى أن استغلال هذه المعادن يجب أن يتم بشكل مستدام وفعال، مما سيسهم في تعزيز النمو الاقتصادي وتحسين معيشة المواطنين.
بدوره، أكد خبير الطاقة موفق الزعبي أن استغلال الثروات الطبيعية في أي دولة يمثل تجسيداً للسيادة الوطنية والاستقلال القراري، ولكنه أشار إلى التعقيدات التي تنبثق عن الدور المتبادل بين المجتمع الدولي والدولة نفسها، مما يؤثر على الاستفادة الفعالة من تلك الثروات.
في سياق تقدير الجدوى الاقتصادية، أوضح الزعبي أن كل نوع من الخامات له خصوصيته التي تعتمد أساساً على تكاليف التعدين والمعالجة والاستخلاص، إلى جانب القيمة الاقتصادية المتوقعة للمنتج. وأشار إلى أن بعض الخامات تتعرض لقيود بيئية أو اجتماعية تمنع استخراجها.
وأضاف أن الاستثمار والتمويل يشكلان تحدياً كبيراً، حيث تصل قيمة الاستثمار في مشاريع التعدين إلى مئات الملايين، وبالتالي يصبح تأمين التمويل صعباً نظراً للشروط الصارمة التي تفرضها جهات التمويل.
وتحدث الزعبي عن التحديات التي تعترض تطوير المشاريع التعدينية، حيث أكد أن اتخاذ قرار بالتطوير يتطلب دراسات جيولوجية وتعدينية وتكنولوجية دقيقة، مشيراً إلى عدم توفر تلك الدراسات في الأردن حالياً. وأشار إلى وجود العديد من الخامات التي لم يتم استغلالها بشكل كامل أو تعتبر تجاربها محدودة للغاية، مثل رمال السيليكا والتف البركاني والزيولايت والكاولين والبازلت والحجر الجيري النقي والنحاس والذهب.
وفيما يتعلق بالقيود البيئية، دعا الزعبي إلى تحقيق توازن بين الاستفادة من الثروات الطبيعية والحفاظ على البيئة. مؤكدا أن هناك مبالغة محلية في التخوف من التأثيرات البيئية، مشدداً على أهمية مراعاة التوازن بين الجوانب الاقتصادية والبيئية والاجتماعية عند اتخاذ القرارات المتعلقة بالاستغلال.
أخيراً، توقع الزعبي أن يكون العائق الرئيسي أمام استغلال الثروات المعدنية في الأردن هو الاستثمار الباهظ، مطالباً بـ ضرورة توفير بيئة استثمارية تشجع على جذب المستثمرين من خلال تيسير التشريعات وتقديم الضمانات اللازمة لتحقيق استقرار الاستثمار في هذا القطاع.