الأنباط -
رسالة رئيس الجامعة
بمناسبة
إطلاق الخطة الاستراتيجية للجامعة الأردنية
معَ إعلانِ الخطةِ الاستراتيجيةِ للجامعةِ الأردنيةِ للأعوامِ الخمسةِ القادمةِ، ومعَ بدايةِ حقبةٍ جديدةٍ للجامعةِ، لا بُدَّ من التأكيدِ على حقيقةِ أنَّ الجامعةَ الأردنيةَ كانَت وستبقى منبعَ الأفكارِ والحلولِ القادرةِ على إحداثِ الفَرقِ المتمثلِ في تعزيزِ رفاهيةِ الفردِ والجماعةِ، والمُساهمةِ في تحديثِ مجتمعِنا الأردنيِّ العزيزِ.
في السنواتِ الخمسِ القادمةِ، عليْنا أن نرسُمَ الطريقَ التي نريدُ ويريدُها الأردنيونَ وقيادتُهم للجامعةِ الأردنيةِ؛ فبالجامعةِ الأردنيةِ بدأَ التعليمُ الجامعيُّ، وبِها ومَعَها يستمِرُّ التعليمُ العالي بشكلِهِ الجديدِ الذي يُحاكي كُلَّ المتغيراتِ الجيوسياسيةِ والثورةِ التكنولوجيةِ الهائلةِ.
إنَّنا فخورونَ بكلِّ ما أُنجزَ في الجامعةِ، إلّا أنَّ وتيرةَ تغيُّرِ العالمِ السريعةِ تحتمُ علَيْنا إعادةَ تشكيلِ التعليمِ العالي في الأردنِّ، لنمضيَ قُدُمًا للأمامِ، ولا نتخلَّفَ عنِ الرّكبِ.
وها هيَ الجامعةُ الأردنيةُ تُعلِنُ خطَّتَها الجديدةَ (٢٠٢٢-٢٠٢٧)، التي شاركَ في صياغتِها الطلبةُ وأعضاءُ هيئةِ التدريسِ والموظفونَ وأعضاءُ مجلسِ العمداءِ والخريجونَ وأفرادُ المجتمعِ، لتحظى من بعدُ بمباركةِ واعتمادِ مجلسِ أمناءِ الجامعةِ.
لقد بُنيَتِ الخطةُ الجديدةُ على نجاحاتِ الجامعةِ السابقةِ؛ فالأردنيةُ التي تتمتّعُ بسمعةٍ متميزةٍ في تزويدِ منطقتِنا بقادةِ الأعمالِ ومُقدّمي الرّعايةِ الصحيةِ والمبدعينَ من مختلفِ الاختصاصاتِ، تؤكّدُ دومًا على ضرورةِ الاستمرارِ في النموِّ والتطورِ والابتكارِ.
وإذ إنَّ المعرفةَ هيَ أساسُ التنميةِ وتطوُّرِ المُجتمعاتِ، تدركُ الجامعةُ الأردنيّةُ أنَّ على هذهِ المعرفةِ وتطبيقاتِها أن تسيرَ في مساراتٍ متنوعةٍ، آخِذةً بعينِ الاعتبارِ حاجاتِ المُجتمعِ الأردنيِّ، والإرثَ الأخلاقيَّ الذي حملَهُ الأردنيّونَ جيلًا بعدَ جيلٍ.
ترتكِزُ الجامعةُ الأردنيّةُ، في خطتِها الاستراتيجيةِ الجديدةِ، على زيادَةِ التأثيرِ الذي يحدِثُهُ كلٌّ منَ البحثِ العلميِّ والبرامجِ التعليميَّةِ، قاصدةً خلقَ توجُّهاتٍ جديدةٍ من شأنِها التشديدُ على دمجِ قِيَمِ المحبةِ والأخلاقِ والشفافية والمسؤوليةِ المدنيةِ في تلكَ البرامجِ، معَ التأكيدِ على حاجةِ الجامعةِ لإقامةِ شراكاتٍ فاعلةٍ معَ أصحابِ الأعمالِ والصناعةِ والمالِ، ما يتيحُ لها المجالَ لنقلِ الأفكارِ إلى أفقٍ أوسعَ يسمحُ بالتفاعُلِ والتعامُلِ معَ الشركاءِ خارجَ جُدرانِ الجامعاتِ، والتعلُّمِ مِنهُم أيضًا، ويُفسحُ أمامَنا الأملَ بتضييقِ الفجوةِ بينَ منتجِنا الأكاديميِّ والبحثيِّ، وحاجاتِ المجتمَعِ محليًّا وإقليميًّا وعالميًّا.
تركزُ الخطةُ الاستراتيجيةُ على برامِجِنا الأكاديميَّةِ والبحثيَّةِ وكيفيةِ التعاملِ معَ الحرمِ الجامعيِّ، واضعينَ نُصبَ أعيُنِنا تزايُدَ تهديداتِ المناخِ، ما يستوجِبُ منّا أن إعادةَ تنظيمِ برامجِ الجامعةِ وتوسيعَها لتحقِّقَ الأثرَ المطلوبَ، وهذا يتطلبُ إيجادَ برامجَ وسياساتٍ جديدةٍ تتضمن وحياً أكاديمياً لضمان إنتاج علمي وبحثي يمتلك فهماً نقدياً جديداً للرّوابطِ القائمةِ بينَ القوانينِ الطبيعيةِ للعلومِ والمجتمعاتِ الإنسانيةِ والذي يتطلب إطلاقَ برامجَ ابتعاثٍ ومنحٍ وتوظيفٍ جريئةٍ لخلقِ هيئتَيْ تدريسٍ وبحثٍ قادرتَيْنِ على فهمِ الواقعِ الجديدِ ومتطلباتهِ التي تحملُ أكبرَ التحدياتِ وأسرعَ المتغيراتِ التي شهدَها العالمُ، رُبّما عبرَ العصورِ.
كما على الجامعةِ أن تدركَ الحاجةَ الماسةَ لتطويرِ الحرمِ الجامعيِّ، من خلالِ تحسينِ مرافقِ الجامعةِ المختلفةِ، وضمانِ بيئةٍ جامعيةٍ آمنةٍ ومستدامة جاذبةٍ، وننوّهُ إلى أنَّ هذهِ الخطةَ تأخذُ بعينِ الاعتبارِ الثورةَ التكنولوجيةَ الكبيرةَ، الأمرُ الذي يحتمُ علينا وضعَ الخططِ والسياساتِ التي تقودُ نحوَ أتمتةِ كافةِ إجراءاتِ وعملياتِ الجامعةِ المختلفةِ، بما يشملُ العملياتِ الإداريةَ والماليةَ والأكاديميةَ والبحثيةَ، لتصبحَ جزءًا لا يتجزأُ من مشروعِ التحولِ الرقميِ للجامعةِ، دونَ تغافلٍ عنِ الارتداداتِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والإنسانيةِ لمثلِ هذا التحولِ.
ولتحقيقِ هذا كُلِّهِ، فينبغي على الجامعةِ أن تعملَ على ترسيخِ مبادئِ العدالةِ والمساواة وتكافُؤِ الفرصِ أمامَ طلبتِها وأساتذتِها وموظّفيها، لتكونَ الجامعةُ المثالَ الذي تحتذي بهِ كافّةُ مؤسساتِ الوطنِ، وبصورةٍ تواكبُ التوجهاتِ الملكيةَ في سعيِها نحوَ التحديثِ السياسيِّ والاقتصاديِّ والإصلاح الإداري، الذي بدأ ويستمرُّ بتوجيهاتٍ ملكيَّةٍ ساميةٍ.
نذير عبيدات
رئيس الجامعة الأردنية