الأنباط -
في العلاقة بين التخطيط الإقتصادي وإدارة التنمية ، من المفيد لصانع السياسات الحكومي أن ينطلق من فرضيات ومتطلَّبات لها علاقة بالواقع ، الحالة الإنطباعية الناتجة من تصريحات معظم رجال السياسة بأن التحديث الإقتصادي وفق مُحدِّدات وخارطة طريق الرؤية قيد التنفيذ في دارة رئاسة الوزراء ، والإصلاح السياسي يؤمِّن الإستقرار ، للأسف لم ترتقي خارطة الطريق أن تؤمِّن الهدوء والإستقرار أو قدراً بسيطاً من الإزدهار الإقتصادي، ليبُث حالة من الأمل ورفع معنويات وسقف توقعات ممكنة لدى الشباب خاصة ، إن إهمال عنصر الزمن سيكون له كُلَف إجتماعية وسياسية ، طالما لم ينتقل الفريق الإقتصادي في رؤية التحديث الى مركز الفعل .
التخطيط الإقتصادي أداة فاعلة في إدارة السياسات المالية والإقتصادية نحو الإستخدام الأمثل للمورد ووسائل الإنتاج لدفع عجلة البناء والنمو الإقتصادي ، إن مفهوم التخطيط لا بد أن يكون وثيق الصلة بأهداف إجتماعية وإستراتيجية التنمية ، ما أقصده الأفعال التي تقوم عليها خارطة الطريق الإقتصادية لتحقيق الأهداف بشكل واضح ومفهوم وأهمها توفير متطلبات الحياة الكريمة الأساسية بحدِّه الأدنى.
الإقتصاد أولاً ، راصد وسائل التواصل الإجتماعي وتفاعل الناس ، يؤكد التركيز على المسائل الإقتصادية في سُلَّم أولويات المجتمع الأردني ووقف الفساد المالي والإداري ومحاربته ومعالجة إنعكاساته الإجتماعية ، والغلاء والبطالة والفقر ، كما نلاحظ تراجُع الإهتمام الشعبي في الأولويات السياسة والثقة المهزوزة فيما يتعلق بالإنتخابات وعمل الأحزاب ، كون إعادة تدوير نفس الشخوص يفقد الدولة الموثوقية الشعبية وكون إرتباط الأشخاص بمصداقية برامج التحديث مؤخراً .
من خلال التحرُّش في الذاكرة ، التحديات كبيرة والوضع العام صعب لكنه في إتّساع نحو الأسوء ، نعم هناك حاجة لترميم طريق الإصلاح لمنع تدهور الأوضاع المعيشية للأفراد ، إن السعي بوضع مطبّات لإستدراك الأسوء يحتاج الى قرارات وتدابير مالية وإقتصادية. أستعرض بعض الخطوات الممكنة لتحسين الوضع الإقتصادي:
العمل على تشجيع زيادة رؤوس أموال شركات الأموال وخاصة البنوك ، وتخفيض معدلات توزيع الأرباح والإحتفاظ بها كإحتياطيات نقدية في السوق المالي الأردني ، نظراً لكبر حجم ونسبة مساهمة المستثمر الأجنبي وخاصة لبنوك وشركة الفوسفات والبوتاس وشركة الكهرباء ، بهدف توجيه الوفورات المالية للتوسُّع في نشاط الأعمال في الداخل عوضاً عن هجرة فائض الوفورات من الأموال للخارج ، بهدف خلق فرص توظيف جديدة ، وتقوية الركائز المالية للشركات والبنوك ، مما يعزز تنافسية بورصة عمان أيضاً من خلال رفع ربحية ونمو موجودات الشركات في سوق عمان المالي بمعدلات مُجزية للمستثمرين .
ضرورة العمل بجدية لتطوير السياسات والإجراءات التي تعمل على رفع الصادرات ، مما سيترك الأثر الإقتصادي الإيجابي والمُستدام على الصناعات الوطنية وكذلك على حماية المنتج الوطني ، مما سيرفع إجمالي الناتج المحلي بشكل مزدوج جرَّاء تخفيض الواردات وزيادة النشاط الإقتصادي والإجتماعي وتقليص الفجوة في الميزان التجاري ، من خلال الإهتمام بزيادة حجم ونطاق الصادرات الجغرافي من المنتجات المصنَّعة محلياً وقطاع الزراعة ، أستطيع القول يمكن لقطاع الزراعة والصناعة وتكامل القطاعين أن يكون المحرك الأساس في القضاء على البطالة والفقر في الأردن .
خطوة مهمة وأساسية نحو إستعادة دور قطاع السياحة الترفيهية والعلاجية والدينية في التنمية ، من خلال رفع قُدرات هذا القطاع الربحية وزيادة مساهمته في إجمالي الناتج المحلي برفع دخل القطاع بنسب نمو مستهدفة من 7% الى 10% ، يمكن المساعدة الحكومية لهذا القطاع بتخفيض كُلَف الكهرباء والمياه بإعتبارهما من أهم عناصر التكلُّف وزيادة فرص منافسة القطاع.
إن رفع إنتاجية وربحية قطاع الفوسفات والبوتاس بنسب عالية وطموحة تصل الى 15% ، من خلال التوسُّع في إنتاج المواد النهائية المُستخدم بها الفوسفات كمادة إنتاج ومواد خام ، وكذلك بالتوسُّع أفقياً في مَنح حقوق الإمتياز في مناطق جديدة لشركات وطنية جديدة تستحوذ الدولة والمواطن الأردني على نسبة مسيطرة في ملكيتها.
وضع خطة متوسطة الأجل لتطوير وتشغيل إمكنايات وفرص الإستثمار في مجالات التعدين والموارد الطبيعية ، يرافقه التوسُّع في مجال البحث والتطوير والإستثمار في رأس المال البشري وخاصة الشباب والمرأة.
من أهم الأولويات المستعجلة : معالجة أوضاع الشركات المساهمة المتعثرة ، المُدرجة في سوق عمان المالي وتصويب أوضاعها القانوية والمالية والإدارية .
حالة التفكير لمصنع السياسات والقرار ، الإنتقال من الإعتماد على رصد المسوحات الإنطباعية الى جدلية البحث العلمي ومنهجية التفكير الإستقصائي ، وأسلوب المراجعة النقدية عند دراسة الواقع المالي والإقتصادي والإجتماعي ، والأفضل التوسُّع في التعمُّق في دراسة الوقائع والحقائق من بيانات وأرقام ، والتفكير بعمق في التسلسل التاريخي لهذه الأرقام وإتجاهاتها والبحث المستفيض في أسباب الإرتفاع والهبوط ، وقياس الأثر على الإقتصاد الكلِّي والمالية العامة للدولة والسكان .
من هنا يبدأ العمل الجدِّي للحكومات ، بإستهداف تغيير هذه المُعطيات والإتجاهات بتعظيم الإيجابيات والعمل على تراكمها ، من خلال التوسُّع في السياسات الإقتصادية المنتجة لهذه الإيجابيات ، ومعالجة السلبيات من خلال إجراءات تمكِّن من تصويب وتجويد أداء أدوات هذه السياسات وخطط الإستجابة الحكومية والعمل على تعزيز جهود العمل المؤسسي والتفاعل إيجابياً مع متطلبات المرحلة القادمة والمصالح العامة . المعيار والهدف هو تحسين نوعية وسُبل معيشة السكان وحياتهم كهدف أساسي ونهائي لجميع هذه السياسات والإجراءات لمواجهة هذه الأزمات وعدم الإكتفاء في إدارة الأزمات .
الإعداد الجيِّد والفعَّال بإنتاج حزمة من برامج تنموية تكفل رفع مستوى ونطاق الحماية الإجتماعية ، على هيئة مهمة تكميلي لدعم الأسر الفقيرة والمتوسطة وعمَّال المياومة والمَحال التجارية والمطاعم ، وتوسيع قاعدة المستفيدين من برنامج تكميلي للتعافي الإقتصادي والمالي على كافة المستويات من السكان والقطاعات عمودياً وأفقياً بشكل عادل وأكثر إنصافاً . بالإضافة الى التوسُّع الجغرافي في تطبيق برنامج صندوق المعونة الوطنية وبرامج مساندة خاصة لمناطق عمان الشرقية والأطراف على كافة المستويات الحياتية للسكان من الرعاية الصحية والتعليم ، وتخفيض أجور النقل العام أو توفير وسائل نقل ميسَّر ومنتطم بتكاليف رمزية وتخفيض كُلف الطاقة والمياه وضريبة المبيعات على أساس جغرافي بنسب تقارب النصف 8% من الشريحة الحالية 16% وعلى المستويات الأخرى .
مبادرة حكومية بإتجاه تشجيع غرف التجارة والصناعة بإعتماد برامج مماثلة خاصة بقاعة الأعمال تحت مسمى صناديق المعونة الإقتصادية للموسسات الصغيرة المتعثرة والمتوقفة عن العمل لإستعادة النشاط الإنتاجي والتجاري .
الأعباء المالية على قطاع الأعمال والسكان ، يتلمَّس المراقب السياسي الحاجة المستعجلة لمجموعة من الإجراءات التي تستهدف تخفيف الأعباء المالية على المواطنين بتخفيض معدلات الفائدة على القروض بنسبة 3% و إمكانية التوسُّع الزمني لمُدد الأقساط بدون أعباء إضافية ، وإعادة النظر في الإعتبارات القانونية لفترة التأخير في عدم التمكُّن من سداد الأقساط المستحقة للبنوك الغير مدفوعة الى فترة ستة أقساط بدل ثلاثة المعمول بها حالياً ، التي تقتضي إجراءات من تحويل المقترض الى حالة التعثُّر وتجويد تبعاتها من تجميد أو إغلاق الحسابات المالية ومحدِّدات التصنيف الإئتماني .
يبقى في قائمة الأولويات الوطنية والحكومية ، القطاع الزراعي مركز الأمان والطمأنينة للإقصاد الأردني بالمباشر، الضرورة تقتضي تخفيض بشكل ملحوظ فاتورة الكهرباء والمياه والمحروقات ، وكذلك تخفيض معدّلات ضريبة المبيعات على مجموعة السلع الأساسية الحالية (10% و 12%) لتصبح (4%و6%) على التوالي ، وإعفاء مُدخلات الإنتاج الزراعي والصناعات الغذائية من الضريبة العامة على المبيعات وخاصة مدخلات الإنتاج من اللحوم والحبوب مع ضرورة التوسُّع الأفقي في هذا القطاع الحيوي.
تغيير النمط الإستهلاكي للسكان ، من خلال العودة الى إستغلال حاكورة وأسطح المنازل زراعياً لحاجات الأسرة اليومية من الخضار ، على المستوى الأشمل تشجيع زراعة القمح والشعير مع تلازُم توجُّه حكومي بشراء المحاصيل من المزارع الأردني بنفس كُلف الإستيراد لتشجيعهم على إستغلال الأراضي وتعزيز موارد إضافية مستمرة لدخل الأسر مالياً .
في الختام ، أي قرار إقتصادي أو سياسي يُقاس بنتائجه وأهدافه الإجتماعية وإنعكاسه على الدولة والمواطنين كافة وليس قطاعات الأعمال والمصالح . الوطن حمايته مسؤليتنا جميعاً.