جسّد حضور جلالة الملك عبدالله الثاني للجولة الثانية من ورشة العمل الاقتصادية، أمس السبت، اهتمام جلالته بتحديث الاقتصاد والتركيز على القطاعات الواعدة ذات الميزة التنافسية في الأردن.
وكان جلالته تابع أعمال الجولة الثانية من ورشة العمل الاقتصادية الوطنية المنعقدة في الديوان الملكي الهاشمي، تحت عنوان "الانتقال نحو المستقبل: تحرير الإمكانيات لتحديث الاقتصاد".
وتحدث جلالته إلى المشاركين في كل القطاعات التي تتضمنها الورشة، خلال زيارته الجلسات النقاشية بحضور رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، واستمع إلى شرح منهم عن محاور عملهم وما يتم تدارسه في هذه الجلسات.
وحظي قطاعا التعدين والصناعات والإبداعية بتركيز ملكي، باعتبارهما من القطاعات الواعدة التي يمكن البناء على منجزاتها وتعزيز تنافسيتها على مستوى إقليمي، لتعظيم العائد منها وزيادة مساهمتها في الاقتصاد الوطني.
وأكد جلالته، خلال حديثه مع المشاركين في قطاع التعدين، أهمية تسهيل الإجراءات والتشريعات والاستفادة من الممارسات الدولية الفضلى لتعزيز مساهمة هذا القطاع في رفد الاقتصاد الوطني، فضلا عن بناء قاعدة معلوماتية للقطاع والتركيز على الصناعات التحويلية التي يمكن للأردن التنافس بها إقليميا.
ويساهم قطاع التعدين في الأردن بنسبة 2.1% في الناتج المحلي الإجمالي للأردن، بقوة عاملة تبلغ نحو 8.9 ألف فرد، فيما تشكل قيمة إنتاج القطاع من الفوسفات والبوتاس المستخدمين إلى حد كبير في الأسمدة، ما نسبته 82% من قطاع التعدين.
ويضم الأردن 20 نوعا من الثروة المعدنية، أهمها الفوسفات، والبوتاس والبرومين، بالإضافة لمجموعة من الصخور الصناعية مثل رمال السيليكا، مع كميات واعدة من بعض المعادن الاستراتيجية منها النحاس وبعض العناصر الأرضية النادرة.
وقال مشاركون في الجلسة الخاصة بقطاع التعدين، إن التوجيهات الملكية السامية تحدد المسار الذي يستوجب أن يسلكه القطاع للنهوض به وتكثيف فرص تنمية وتعزيز الاقتصاد الوطني واستقطاب الاستثمارات.
وأكدوا ضرورة البناء على نقاط القوة التي يتمتع بها قطاع التعدين في الأردن، ومجابهة التحديات لإطلاق إمكانيات القطاع.
وخلال لقاء جلالة الملك المشاركين في قطاع الصناعات الإبداعية، أشار جلالته إلى أهمية هذا القطاع الذي شهد تطورات مهمة، والحاجة إلى وضع استراتيجيات تحفز القطاع والمحتوى الهادف والمواهب المحلية، لتعود بالنفع على المجتمع وعلى الاقتصاد الوطني، وتعزز تنافسية الأردن على مستوى الإقليم.
وأشار جلالة الملك إلى أن الأردن غني بالمواهب، وهذه ميزة لا تقدر بثمن، مؤكدا أن نجاح قطاع الصناعات الإبداعية سينعكس إيجابا على قطاعات عديدة أخرى، وعلى المجتمعات المحلية.
وتشمل الصناعات الإبداعية منتجات الوسائط المتعددة والإعلام، مثل وسائل الإعلام السمعية والبصرية والأفلام والموسيقى، والوسائط الجديدة كالألعاب الإلكترونية والمحتوى الرقمي، والنشر والوسائط المطبوعة مثل الكتب، والإبداعات الوظيفية، في التصميم وفن العمارة والموضة، والخدمات الإبداعية لاسيما الدعاية والعلامة التجارية والتسويق.
وتركز ورشة العمل القطاعية للصناعات الإبداعية، على منتجات الوسائط والإعلام، وعلى الإبداعات الوظيفية، كونهما قطاعين فرعيين يمكن البناء عليهما لتحقيق ميزة تنافسية للأردن.
وتعد صناعة الألعاب الإلكترونية في الأردن صغيرة، بعوائد تقدّر بـ 66 مليون دولار في عام 2019، إلا أنها من أسرع الأسواق نموا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بمعدل نمو يقارب 40%.
وأكد مشاركون في ورشة العمل الوطنية الاقتصادية، ضرورة تحقيق الرؤية الملكية بخلق قطاع كبير قادر على استقطاب انتاجات عالمية، ويوفر عددا كبيرا من فرص الدخل، ووظائف ذات أجور عالية بالإضافة إلى فرص تطوير المشاريع، وتشجيع ابتكار وانتقال الأردن إلى صناعة مستقبلية عالية القيمة، وتكوين حجر الأساس لاقتصاد قائم على المعرفة.
وقال المشاركون إن صناعة الأفلام أثبتت وجودها على الخارطة الاقتصادية، معتمدة على مقومات الأردن الناجحة في صناعة الأفلام كالطبيعة المناسبة وتوفر المواهب، ووفرت 121 ألف فرصة عمل، وهي ذات أثر كبير على الاقتصاد الوطني، لأنها تتداخل مع 38 قطاعا حيويا آخر، في مقدمتها قطاع السياحة.
ودعوا للعمل على مجابهة التحديات التي تعترض القطاع، وتسهم بتواجد صناعة الأفلام على جميع المنصات العالمية، من خلال سن تشريعات وسياسات تكون جزءا رئيسا من نجاح القطاع، وتوفير الحوافز والدعم، سواء من القطاع الخاص أم من الحكومة، وضرورة تهيئة البنية الأساسية للتطور والإبداع، وتوفير حلقة متكاملة لصناعة الأفلام في الأردن.
كما أكدوا ضرورة إطلاق طاقات المواهب الأردنية، لاسيما وأن المجتمع الأردني مجتمع شاب، ويزخر بالمواهب التي تحتاج إلى صقل وتدريب، للمساهمة بشكل أكبر في التنمية الاقتصادية، من خلال التصميم والإبداع.
وناقش المشاركون في الجلستين الماضيتين من ورشة العمل الاقتصادية الوطنية، واقع كل قطاع تشمله أعمال الورشة وفرصه المستقبلية، وقاموا بتحديد أولويات القطاعات، فيما تمت إضافة قطاع الصناعات الدوائية وعدد من القطاعات الفرعية في الأسبوع الثاني، ليشمل عمل الورشة تحديد الخطوط الرئيسة المرجوة لملامح مستقبل كل قطاع.
وينتظر أن تشهد الأسابيع المقبلة من عمل ورشة العمل الوطنية، تحديد الممكّنات المطلوبة والتغييرات المؤسسية المطلوبة واللازمة لنمو القطاعات، ورسم خارطة طريق لكل قطاع على حدة، قبل أن يتم دمج وتكامل الخطط والاستراتيجيات بين القطاعات المختلفة، لتشكيل خارطة طريق للاقتصاد الوطني عابرة للحكومات.
--(بترا)