الأنباط -
– رهف محمد
قال الخبير الإقتصادي د.حسام عايش ان العملات الرقمية، مجموعة من العملات الإفتراضية المشفرة تستخدم تقنية "Blockchain" ولايمكن الوصول إليها من خلال جهاز الحاسوب أو الهاتف النقال لأنها موجودة بشكل إلكتروني، موضحا، يقدر الخبراء القيمة السوقية لإجمالي العملات النقدية المشفرة بما يقارب 2 وربع تريليون دولار وهو حجم كبير يعادل دولة عملاقة، ويقترب من حجم الناتج المحلي الإجمالي لبريطانيا.
وأضاف لـ"الأنباط"، اذا أصدرت البنوك المركزية العملة الرقمية لدولة معينة بشكل نظامي تسمى "إفتراضية قانونية ذات سجل إلكتروني وسجل متسلسل كالأوراق النقدية"، لكن العملة المشفرة غير خاضعة للتنظيم ويتم تعدينها بمعنى التنقيب عنها والحصول عليها من خلال معادلات حسابية معقدة باستخدام أجهزة معينة من الحاسوب وباستهلاك كميات هائلة من الكهرباء.
وأوضح بأن عمليات التعدين هي الأكثر حديثاً حالياً في العالم مثل الصين وإيران، والتي تسببت بإنقطاع الكهرباء وحدوث أزمات في الطاقة الكهربائية في هذه الدول لذلك ما يقارب 60% أو أقل بقليل من "بت كوين" مملوكة للمستشمرين، والباقي مازال غير مستخرج ويتم التنقيب عنه للإتجار به وبيعه والحصول على دخل بإمتلاكه من قبل العديد من المهتمين بالعملات النقدية المشفرة. علماً بأن الكميات المباعة من العملات المشفرة في العالم خاصة (بت كوين) ما يقارب 21 مليون والتي يتم التعامل بها حتى الآن بحسب ما يقال 18 ونصف مليون وحدة ترتفع وتنخفض ما يقارب 60% مباع و 15% أو ضمن حدود 18-20% بنسبة متفاوتة يتم التعامل بها، بالتالي النسبة المتبقية يتم التنقيب عنها كما يتم التنقيب عن الذهب بعملية تسمى بالتعدين.
وأضاف عايش بأن هناك دولا تشرع التعامل بالعملات الرقمية والمشفرة ودول تمنعه، إضافة إلى أن بعض الشركات والمنشآت والمطاعم والفنادق في مختلف أنحاء العالم تسمح باستخدامها للحصول على خدمات أو منتجات منها وأخرى لا تتعامل بها، مما شكل تفاوتا في القبول والمنع بين الدول والحكومات التي لم تشرع أو سمحت بتداول العملات المشفرة، مشيرا الى الفرق الواضح بين العملات الافتراضية، حيث أن الرقمية الشرعية التي تصدرها البنوك المركزية كما العملات الورقية لها رقم متسلسل تقوم الدولة بضامنتها ونموذج ذلك الجوال الرقمي. بعكس المشفرة مثل (بيت كوين) التي لا تحمل ارقاما متسلسلة ولا تصدر عن البنوك المركزية ولا تضمنها الحكومات، والتعامل معها يتم على اساس المضاربة وتحقيق الارباح وبالتالي هي تحمل معنيين إما سلعة تباع وتشترى، أو أن البعض يرى فيها "مستودعاً للقيمة" كما يقال باللغة المصرفية، اي ان القيمة فيها من وجهة نظر البعض تحفظ كسلعة الذهب التي تحتفظ بها البنوك المركزية في كثير من الدول، تباع وتشترى من قبل الأفراد والشركات والحكومات باعتباره واحداً من الاحتياطيات التي تملكها العملات الصعبة، ويضاف اليها بالتآكل العملات الرقمية المشفرة غير المراقبة مما يجعلها ميزة اضافية عند التعامل بها، وبذات الوقت من الاسباب التي تحد من التعامل بها او التي تدفع الحكومات لمنع التعامل بها، لإمكانية استخدامها في غسيل الأموال والجرائم، شراء وبيع المخدرات، الأسلحة ونقل الأموال بين الدول بصورة غير شرعية دون ان يكون قدرة على مراقبتها لهذا تمثل خطورة تبني عليها الحكومات موقفها السلبي منها بعكس المتعاملين بها الذين يرونها ايجابية ونقطة تدفعهم للتعامل بها.
وحول أسباب الحد من التعامل بمثل هذه العملات، أشار عايش قد يكون الخوف على أموال المستثمرين ففي اطار السوق الحرة الكل مسؤول عن استثماراته وخسائره ولا تعوض الحكومة هذه الخسائر، كما هو حال العملات المشفرة التي يتحمل مسؤوليتها الشخص ولا يمكن لأحد ان يعوض أحداً خسائره فيها، إضافة إلى عدم وجود مرجعية يمكن العودة اليها لرفع القضايا او تحصيل الاموال في حالات شبه الفساد والتلاعب والتجارة غير الشرعية مما أدى لانخفاض سعر هذه العملات، وبالتالي الخوف على المستثمرين هو مصطنع من هذه الناحية لانه اذا كان فقط على التعديل في العملات المشفرة لماذا لا ينسحب الى كافة الاستثمارات حتى الشرعية منها داخل الدول والتي ترخص الحكومات لها. أي أن الربح والخسارة في السوق المالي من مسؤولية الشخص والحكومة لا تعوض في اتخاذ القرار الاستثماري الذي يتحمل الشخص عواقبه، لكن احياناً يتم استخدام هذا البعد من اجل اثارة او تبرير اتخاذ المواقف السلبية لهذه العملات.
وعن العملات الرقمية في الاردن، قال من الصعب تحديد رقم لها لإنها مسألة شخصية جداً، ولا تملك الحكومات والدول معلومات بالتعامل مع العملات الرقمية، ومع ذلك عندما نتحدث عن العملات الرقمية مشفرة مثل (بت كوين) التي انتقل سعرها من ٢٠٠ -٣٠٠ دولار عند بداية طرحها عام ٢٠٠٩ لكي يسجل ٦٤٠٠٠ الف ٢٠٠/٣٠٠ دولار سعر الوحدة الى ٦٤ دولار الى مرحلة من المراحل قبل شهور، ثم عاد لينخفض الى حولي ٥٠ الف وبالتالي من الصعب معرفة عدد المتعاملين الأردنيين في (بت كوين)، واذا كان جميعهم يملكون بت كوين واحدة أو أكثر، او اجزاء كل جزء منها مقسم الى مئة مليون مقسمين أيضاً الى أجزاء أخرى، مما صعب قراءة وضبط أعداد وحجم التعامل بالعملات المشفرة. مشيرا الى المستوى العالمي الذي يصل الى ١٠ مليارات الدولارات من العملات المشفرة يتم التعامل بها والرقم مرشح للارتفاع، ووصل سعرها في الاردن منذ اشهر إلى ٢٠-٣٠ الف دينار يرتفع و ينخفض حسب السعر العالمي لهذه العملة.
وتابع عايش، أن الارتفاع و الانخفاض لأعداد المتعاملين بهذه العملة له علاقة احياناً بالتفاؤل والتشاؤم، او بتعدد العملات فهناك اكثر من ٩ الاف عملة ترتفع وتنخفض تبعاً للتوقعات بشأنها. ويفضل البعض البدء مع عملات جديدة بأسعارها بسيطة تكون اقرب الى المال من حيث السعر ويراهن على إمكانية تحولها في المستقبل كما (البت كوين) وارتفاعها بشكل متواصل وتحقيق ثروة منها، مما يخلق تذبذبا في أعداد المتعاملين. الا أنهم يكثرون في مثل "ايلون ماسك" الذي يقبل التعامل مع "بت كوين" لشراء السيارات الكهربائية وغيرها، مما رفع سعرها واذا ما تعددت حالات السماح او قبول استخدام هذه العملات في التجارة والانشطة المختلفة فان الاعداد ستتزايد، رغم المخاوف من ان يدفع ٦٠ الف دولار مثلا لشراء وحدة (بت كوين). وبصرف النظر عن الحالة السائدة المتذبذبة وموقف بعض العقوبات السلبي من العملات المشفرة فالمستقبل يحمل في طياته فرصاً اكبر لزيادة حجمها وبالتالي زيادة الاستثمارات فيها سواء من الاردنيين او غيرهم.
وأوضح، أن المنع جاء من هيئة الاتصالات في الأردن على خلفية ما ذكر سابقا بأنها عملات دون جهة إصدار ومرجعية، ومن الصعوبة التعامل بالنتيجة معها او التحصيل بين العوائد، إضافة إلى عدم وجود مرجعية حكومية تضمن وتنظم عملها يمكن العودة اليها عند حدوث اي تقاص بين العملة وتحويلها الى مرود ذا قيمة بالنسبة لهيئة البريد وغيرها. أي أن المنع جاء أولاً لمنع الخسائر المترتبة على هذه العملة، وثانياً لإن التعامل بالعملة ليس سهلاً فهو يحتاج الى المتابعة نظراً لارتفاع وانخفاض قيمتها مما يؤثر على الحصيلة من التعامل معها، إضافةً إلى عدم وجود معايير تحكم حركتها ارتفاعاً أو انخفاضاً.