الأنباط -
فجأة وبينما أعمل ومنهمك كـ "نحلة" لا تهدأ في مكتبي بــ ركن "الصحيفة"، استقبل البيانات الرسمية من مؤسسات الدولة، واتابع شكاوى المواطنين التي لا تنتهي، ومن هناك البحث مستمر عن اخر تطورات "الكورونا القاتل" في العالم، زارني طيف غريب هيئته محسوسة لا ملموسه، تملك جوارحي وحواسي كلها في لحظات، ما جلعني استسلم له كـ الاسير المحاصر وسط جيش كبير.
تنهدت بشكل عميق، وثنيت نفسي على ذلك الكرسي الذي اشفق على حالتي، وكأنني عائد من معركة كـ "البسوس"، وما ان هدأت حتى سرقني ذلك الطيف من كل ما انا فيه، خاطفا نفسي من جسدي في رحلة عشوائية لا مسار منتظم لها في سماء الاردن الغالي، يتنقل بها من محافظة الى محافظة، ومن قرية الى قرية، ومن بيت الى بيت، وبين متعلم ينصح ذلك الفوضوي، ومثقف يحاك شاب لا يبالي، وبين مسنة رافعة اليدين تطلب الرحمة من العزيز الجبار، يراقبها كهل تبدل اسوده بأبيض الشيب يتقرب من الله بصمت كبرياء جبار، وبين هذا وذاك لا تراوح البزات الزرقاء العسكرية المطارح يمازحون ذاك ويداعبون تلك الطفلة البريئه، ومواكبهم ترش بالورود من اطفال الكادحين.
وفجأة شهقت النفس، واقشعر البدن، وتضاعفت نبضات القلب، والعقل جمدت خلاياه، والمشهد اصابته حالة من الجمود، رائحة "الفوتيك الاخضر" تملأ المكان، جباه سمر تتسيد المشهد كـ لوحات لم يرسمها فنان، ليلهم نهار ونهارهم ليل، زادهم كـ زادنا، وماءهم كـ ماءنا، حتى منطوقهم كـ منطوقنا، نعم انهم يشبهوننا،،!!!
"الجيش" حيث تجمعنا به "قدسية" لم يستطع شاعر وصفها، ولا راوي رويها، حتى أن اللغات جميعها لا تكفي للتعبير عن قدسية العلاقة بيننا وبينه، فـ جنوده سياج الوطن، وحماة الديار، وبهم ترفع الرؤوس، وتعز الأمة ودين الله.
صحوت من غفوتي، اوقدت السيجار، وحملت قهوتي البارده، ونهضت عن مكتبي، وتمشيت قليلا وصولا الى تلك الشرفة التي تطل على قلب عاصمة العشاق "عمان"، وبدأت محاولة تجميع الصور التي رأيتها في الرحلة التي اجبرني ذلك الطيف الغريب لمرافقته بها، فماذا وجدت,,!!!!
أرض لها قدسية خاصة، يعيش عليها فصيلة ليس كمثلها فصيلة من بنو البشر، يحكمهم قائد من نسل العظماء، ويحميهم جيش افراده صناديد اشداء، اجتمعوا جميعا في صورة من التعاضد والتراص في مواجهة اكثر الامور خطورة شهدها القرن العشرين "الكورونا القاتل".
حمى الله الاردن وجيشنا العربي..