مروان العمد
كان اعلان الرئيس الامريكي ترامب وبكل عنجهية عن عزمه اصدار وثيقة تعترف بسيطرة دولة الصهاينة على مرتفعات الجولان وضمها اليها بحجة انها تسيطر عليها منذ اثنين وخمسين عاماً عندما قامت باحتلال هذه المرتفعات وان هذا الاعتراف ليس الا اقرارا بالامر الواقع ، الا عبارة عن اقراره بشرعية الاستيلاء على اراضي الغير بالقوة المسلحة وشرعية قيام الجهات المحتلة بضم هذه المناطق الى سيطرتها او على الاقل ممارسة نوع فاضح من عدم الحيادية في هذا المجال ، فهو في حين يبيح لنفسه ولدولته اقتطاع قطعة من الدولة السورية ومنحها لدولة الصهاينة بحكم سيطرتها عليها منذ اثنين وخمسين عاماً اثر حرب عام ١٩٦٧ فهو ينكر ذلك على دولة روسيا بخصوص منطقة شبه حزيرة القرم .
وقد جاء هذا الاعلان كسابقة خطيرة وتصدر لاول مرة رغم القرارات الدولية التي تعترف ان الجولان ارض سورية محتلة رغم احتلاله منذ مدة طويلة ، ورغم رفض واستنكار غالبية دول العام ومؤسساته الدولية بما فيه مجلس الامن لقرار دولة الصهاينة بضمها في نهاية عام ١٩٨١ ولعزم ترامب الاعتراف بشرعية هذا الضم .
وقد برر الرئيس الامريكي اتخاذه لهذا القرار انه كان لابد ان يقوم بذلك احد الرؤساء الامريكان وان هذا الامر هو إقرار بالامر الواقع ولاهمية الجولان لأمن وسلامة دولة الصهاينة وانه هو الرئيس الذي سوف يفعل ذلك كما فعل حين اعلن الاعتراف في القدس عاصمه ابدية وتاريخية لهذا الكيان ونقل سفارة بلاده اليها .
اما لماذا يصدر ترامب قراره هذا الآن فلأن ذلك سوف يصب في صالح رئيس وزراء الكيان الصهيوني اليميني المتطرف نتنياهو والذي سوف ينعكس الى بطاقات انتخابية في أنتخابات هذا الكيان والتي سوف تجري في التاسع من شهر نيسان القادم لصالح نتنياهو وخاصة بعد ان اظهرت استطلاعات الرأي بهذا الكيان تقدم القائمة المعارضة لنتنياهو والتي سميت بأسم قائمة أزرق وأبيض او قائمة الجنرالات ولو بفارق طفيف . ولذلك قرر ان يكون الاعلان عن هذا الاعتراف خلال زيارة نتنياهو الحالية لواشنطن وبعد الاجتماع المقرر عقده بينهما اليوم ، ليعود نتنياهو الى تل ابيب وهو يحمل هذه الهدية ليقدمها لليمين الصهيوني واليمين المتطرف والديني ليحصل على اصواتهم باعتباره البطل الذي حقق لهم هذا النصر والهدف . ولتكون هذه الهدية بالاضافة للهدية السابقة التي قدمها ترامب له بخصوص القدس ونقل السفارة الامريكية اليها بطاقة عبور وفوز لنتنياهو في الانتخابات بالاضافه الى انهما من ضمن بنود صفقة القرن والتي اخذت بعض بنودها ترى النور وكلها لصالح الكيان الصهيوني .
الا ان هذه الهدايا الامريكية ليست الوحيدة التي قُدمت لصالح نتنياهو وتطرفه فقد قدمت البراغوي وغواتيمالا هديتهما بأن نقلتا سفارتيهما الى القدس بينما تعتزم كل من هندوراس والتشيك ورومانيا لتقديم هداياها بنقل سفارات بلادهم اليها ايضاً الامر الذي اعتقد انه سوف يتم قبل انتخابات هذا الكيان .
كما ان هذه الهدايا التي اشرت اليها ليست الوحيدة التي قدمت لنتنياهو ، فأن بعض ما جرى ويجري داخل المحتل من ارضنا الفلسطينية من استمرار الخلافات ما بين سلطة رام الله وسلطة غزة وتعمقها وتحولها الى اعمال عنف ومصادمات وقمع . وبعض العمليات الجهادية التي وقعت مؤخراً مثل حادثة الشهيد عمر ابو ليلى وحوادث اطلاق الصواريخ من غزة على الكيان الصهيوني قبل اسابيع وحادثة اليوم بأستهداف احدى ضواحي تل ابيب بصاروخ . وحادثة الاشتباك ما بين المساجين الفلسطينيين في سجن النقب وبين حراسهم الصهاينة وتعرض اثنين من الحراس للطعن بأدوات حادة ، ودون ان يعتبر او يفسر كلامي هذا بأنه ادانة لهذه العمليات الا انها اعتُبرت كهدية من السماء لنتنياهو ليمارس المزيد من اعمال العنف والقمع والقصف والقتل بحق الشعب الفلسطيني البطل والامر الذي سوف يحوز على رضا واعجاب المتطرفين الصهاينة ، مما سوف ينعكس الى اصوات لصالحه في صناديق الاقتراع.//