كتّاب الأنباط

تأويلات الذيل الأرنبي

{clean_title}
الأنباط -

 

وليد حسني

 

اختلف الكثيرون من أصحاب الرؤوس المائلة على تفسير طول ذنب الأرنب، وعندنا في الشرق ثمّة من يرى أن للأرنب دلالات أنثروبولوجية عميقة، كان من اهمها ان من كان يخاف الحسد في الجاهلية كان يعلق في رقبته "كعب أرنب"، ليرد حسد الحاسدين، ومروق العيون، وغمز الجفون.

 

وليس "كعب اخيل" الإغريقي، هو نفسه"كعب الأرنب العربي"، فالفرق بين الكعبين كبير، وربما يكون هو نفسه الفرق بين ذنب الأرنب، وذنب الناقة في بيت الشعر العربي الشهير

 

قوم هم الأنف والأذناب غيرهم..... فمن يسوي بانف الناقة الذنبا

 

وتفسير ضلالة "علماء الأذناب" في مجافاة الحقيقة، يتشعب ويتفرع لكثير من المسائل، والضلالات الأخرى المتواترة، فأحد أبرز "علماء الأذناب" بقي يصرخ في وجوه زملائه" ذنب الأرنب لا يحتاج لتفسير، فقد طال أكثر مما يجب، ومن حقنا تفسير طوله..".

 

هذا الخطاب التأويلي يقال عادة في كل مؤتمر يستهدف البحث في "انثروبولوجيا الخطاب الأرنبي" الذي يحتدم بين مناسبة وأخرى، حتى ليكاد يعصف باكتشافات علماء الذرة، وتفسير هبوط مركبة فضائية على سطح حبة قمح، وربما إقامة مؤتمر عالمي لمناقشة ارتفاع حرارة الأرض على سطح حبة أرز ممولة تمويلا كاملا من "أصدقائنا الأمريكان".

 

ما جرى في الآونة الأخيرة من جدل حول قيمة "ذنب الأرنب" لا يحتاج لتفسيرات مغرقة في البوهيمية، وربما مجللة بسواد الكتابة، والتفكير، تحت مسميات شتى، منها ما يلوذ بخطيئة "الدفاع عن حرية التفكير الأرنبي"، ومنها من يستهول الدخول في مغامرة إستكشاف "عرف الديك السياسي"،إذ تحولت القواسم المشتركة بين كل تلك الخلطة الغريبة إلى ما يشبه حيوان من سلالة النعجة"دولي" برأس يحمل نظارة، وذنب أسمر طويل لا يعرف كيف يحلم بشرف ونبل المهمة التي يقوم بها في الخلف.

 

"الخطاب الأرنبي " لا يزال يتواتر بالمشافهة تارة، وبالكتابة تارة اخرى، لكن الغريب أنه بقي خطابا أرنبيا، لم يخرج من معادلة الطول والقصر، وربما سيبقى إلى اجل غير قريب عنوانا لجدل غير صحي بين أرنب يحمل قلما، وبين ذنب يحمل ممحاة.

 

والمعادلة تطول لو أردنا التفصيل، ووضع الصور الناطقة على هامش "الخطاب الأرنبي"، فلا يزال الكثير مما يجب قوله، في كاتب من فصيلة الأرانب المنقرضة لا يفرق بين الدولار الأمريكي، والدم العربي، وبين كاتب أرنبي آخر زميل له في نفس الحظيرة، يعتقد أنه "الأرنب الأول الذي يفهم لغة حركة ذنب الأرنب، وربما سيزعم لاحقا أن لديه علما في دلالات حركة "ليّة النعجة دولي".

 

في كل النهايات يجب القول، إن الأرانب إختلفت فيما بينها على الذيول، ولم يبقوا شيئا لمن يودون من الآخرين الإختلاف فيما بينهم على ماهية الرأس وما فيه من اعاجيب الخلق، وإتزان الكون، وهذه معضلة "من يسوّي بين أنف الناقة وذنبها".//

تابعو الأنباط على google news
 
جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الأنباط © 2010 - 2021
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( الأنباط )