المهندس هاشم نايل المجالي
ان المتغيرات الواقعة بأحوال الناس اصبحت كثيرة وسريعة لاسباب عديدة ، وان الاشياء التي ما كنا نتوقع ان تحصل يوماً ما قبل فترة زمنية سابقة اصبحت شيئاَ موجوداً وممارساً في حياة الناس حديثاً ، عندما عظم الانفتاح والعولمة وكثرت المتغيرات واضطرب كثير من الناس في التعامل معها ولعدم وجود توعية وارشاد لذلك .
كل ذلك بالانفتاح على المجتمعات الغربية وتقليد البرامج المختلفة دون تقييم من الناس انفسهم لمخاطرها وابعادها القيمية والاخلاقية والدينية ، فهناك سعياً حثيثاً من الدول الغربية لتقليص الثوابت القيمية والاخلاقية والدينية وجعلها مجردات عقلية فقط ، وتوسيع دائرة المتغيرات لتقترب من المجتمعات والعادات والاخلاق والقيم الغربية دون ان يكون هناك اي مرجعية قيمية او اخلاقية او دينية يقاس عليها هذا المتغير ، لذلك كان هناك الكثير من الفتاوي دون مرجعيات ، لكن الاخطر من ذلك كله ان يتحول الانسان الى سلعة في ظل هذه المتغيرات .
حيث ان ظاهرة الانسان السلعة اصبحت تزداد وتتفاقم في الزمن الراهن ، وينتج عنها تدهور في القيم الانسانية لتتراجع الى قيم حديثة وجديدة ودخيلة على مجتمعاتنا ، باتت تنال من مكانته الاجتماعية وكينونته وتحوله الى شيء بالامكان المتاجرة به لغايات الاستثمار ، فهناك برامج النجومية والشهرة السريعة والمناورة والتفاوض على اختيار الشخص من بين مجموعة من الاشخاص لجمال صوته او اختيار فتاة لجمالها لغايات النجومية والاستثمار بموجب عقود طويلة الاجل ملزمة وبشروط جزائية .
فهل نتحدث فعلاً عن ازمة قيم ومبادىء ام ازمة ثقافة ترافق التحولات دون توعية لهؤلاء الافراد من ان يتحول الى شخص مفعول به نتيجة استثماره في عقود ملزمة تستغله استغلالاً كاملاً ليتحول الى سلعة تباع وتشترى ، فهل هي ازمة مجتمع فقد الوعي والفهم القيمي الانساني ام انها امية الفرد لمعرفة مخاطر ذلك ، في ظل غياب العدالة الاجتماعية وعدم وضوح الرؤية ، ام فشلت دولة ذلك الشخص في تبنيه كمشروع وطني وليس كسلعة يستغلها الاخرون فلقد كان هناك برامج عديدة تبرز هذه الابداعات دون تقيده او الزامه بعقود طويلة الاجل تقيده وتتحكم به .
الا يحق لنا هنا ان نتحدث عن فلسفة الاستهلاك باعتبارها اخطر فكر فلسفي يبيح المتاجرة بالانسان ، واصبح في سوق الطلب وسوق المتاجرة بين هذا وذاك من لجان تساوم عليه في مزاد علني مفتوح ، وهل هناك من اضاء الوعي الجماعي على هؤلاء الفتية اطفالاً وشباباً .
اليس علينا ان نعيد النظر في كل ذلك لحماية انسانية الانسان من التلاعب بها وطرحها في مزاد علني ، فلقد اختلطت القيم والمباديء الانسانية مع سياسة المتاجرة بالبشر كسلعة تباع وتشترى في سوق مفتوح يتم المراهنة والمزاودة عليه لتحقيق الارباح ، في فوضى قيمية واخلاقية على اعتبار انها تندرج تحت مظلة هندسة الفن البشرية .
في ظل غياب الوعي المعرفي الثقافي والجماعي حيث انه كما يقال ( في الزحمة لا تبصر ) ، كذلك فاننا في الفوضى لا نرى ، فهناك فعلاً مأزق لهذه الفئة من الناس انه من الاشياء المكروهة ان يخضع الشخص للاستغلال بطريقة حضارية من قبل اشخاص اخرين ، وان تجد من يدفع لك اقل من القيمة الحقيقية لعملك وابداعك وموهبتك مهما كانت الاسباب والدوافع للشخص لان يبيع نفسه وعمله لغيره ، ليكون خاضعاً للاستغلال من اجل الحصول على قوته وكفرصة عمل تحقق له شهرة او عائد مادي ليجد نفسه قد وقع فريسة الاستغلال وهو في ريعان شبابه .
وهل اصبح للانسان قيمة سوقية ممكن قياسها بالعملات النقدية ، ولماذا لا تثار اعتراضات منظمات حقوق الانسان وهل صناعة النجوم بمفهومها التجاري والاستثماري تعني المتاجرة بالبشر ، وما هو الحيز الاخلاقي لذلك بعد ان اصبح هناك سعر للانسان .
اي ان هناك طغيانا للطابع التجاري الذي لم يعد مقتصراً على الاقتصاد فحسب بل اصبح هناك قيمة سوقية للانسان ، ونعود ونؤكد على وجود تناقض مستعص بين السعر والكرامة الانسانية .//
hashemmajali_56@yahoo.com