المهندس هاشم نايل المجالي
تعرف المواطنة بانها صفة المواطن الذي ينتمي للوطن ، وانتماؤه هذا يترتب عليه واجبات متعددة ، والمواطنة ترتبط بالعلاقة الوطيدة المحددة بالدستور والقوانين والانظمة والتي تربط المواطن بدولته ، شريطة ان تضمن الدولة له المساواة والعدالة بين المواطنين ، والعيش المشترك وحصول المواطنين اينما كان مكان سكناهم على حقوق التعلم والصحة والتنمية المتوازنة وحق العمل وحرية التعبير عن الرأي حول قضايا الوطن وازماته ومختلف القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية .
وهناك مسؤولية اجتماعية في دفع الضرائب وكل ما يترتب على المواطن من استحقاقات مالية اتجاه الدولة ، والمواطنة الايجابية بعد كل ذلك ايضاً ان تحافظ على كل ما حولك من ممتلكات عامة اذن الموطنة صفة المواطن الذي يتمتع بالحقوق ويلتزم بالواجبات الذي يفرضها عليه انتماؤه الى مجتمعه ووطنه بكل طوعية وللمصلحة العامة .
فهناك ايضاً المواطنة السلبية وهي شعور المواطن بانتمائه للوطن ولكن يتوقف عند حدود النقد السلبي ولم يعد يقدم على اي عمل ايجابي لاعلاء شأن وطنه وهناك المواطنة الزائفة حيث يظهر المواطن حاملاً لشعارات جوفاء ومنظرا سياسيا ومصلحا اجتماعيا وهو النزيه والغالبية فاسدون بينما واقعه الحقيقي ينم عن عدم الاحساس بالاعتزاز بالوطن ، والمواطنة اصبحت تعكس سلوكيات المواطن اتجاه وطنه والتزامه بمبادىء وقيم المجتمع وقوانينه والمحافظة على مكتسباته .
ولكننا بدأنا بالاونة الاخيرة نشهد كثيراً من الظواهر السلبية المتزايدة يوماً بعد يوم لرجال الاعمال وانحرافاتهم وفسادهم وهروب غالبيتهم وسجن اخرين منهم .
ومنهم من هو على رأس عمله كذلك ظواهر تجارة المخدرات بين الشباب وتعاطيهم لها وزراعتها ، كذلك العنف المجتمعي والبلطجة والنصب والاحتيال والتزوير بالمشاركة وضرب الطلاب للمعلمين وضرب المواطنين للاطباء رغم تغليظ العقوبات ، وتلك الظواهر في ازدياد وتنوع انماطها واساليبها ، وهذه دلائل لا تبشر بالخير لمعنى ومفهوم المواطنة الايجابية .
فلقد اصبح المواطن مطابقا لاعلى المواصفات العالمية للمواطنة ، حيث اعتماد الدولة بشكل رئيسي على جيبه ودخله وهو في بيته من ضرائب ومسقفات وكهرباء وماء وغيرها من رسوم ، كذلك وهو يسير بسيارته من مخالفات متعددة ومتنوعة عن قرب بواسطة الكاميرات المرصوفة عبر الطرقات والمخالفات عن بعد المعتمدة على المشاهدات حتى ولو كان واضعاً يده على خده حيث يعتبر البعض انه يتحدث بالهاتف .
اذن المواطن اصبح يطبق عليه اعلى المواصفات العالمية في امتثاله لدفع كامل الاستحقاقات المالية المترتبة عليه حتى ولو كانت فوق استطاعته ، فعليه ان يبيع ارضه او يرهن بيته ليحصل على قرض ليفي بتلك الالتزامات وليعيل اسرته ويدرس بعضهم بالجامعات ، والذي لا يستطيع ذلك نجده قد انحرف باتجاهات متعددة كما ذكرناها سابقاً وليصبح من اصحاب السوابق والمجرمين .
يضاف الى ذلك ورغم كل تلك المداخيل المالية لميزانية الدولة الا ان التنمية وتطوير البنية التحتية خاصة في المناطق النائية اصبحت دون المستوى المطلوب ، وتتعلق بشبكات الكهرباء والمياه والتراخيص ، والتي هي مصدر دخل مالي للدولة فالطرقات متهالكة واماكن الترفيه معدومة والمدارس تعاني والمراكز الصحية كذلك الامر ، اي ان ما يتحمله المواطن اصبح اكثر بكثير مما يتحمله المواطن في اي دولة عظمى .
يضاف الى ذلك قانون الجرائم الالكترونية الجديد ( في بعض بنوده ) الذي لن يعطي اي متنفس لأي مواطن ان يعبر عن امتعاضه حتى ولو بالايحاء ، ونكون بذلك قد اغلقنا جميع المنافذ عليه سمعاً وبصراً ونطقاً .
واصبح هناك عزوف واضح وملموس عن العمل التطوعي والخيري ، لذلك على الدولة ان تعيد النظر بسياساتها التنموية وخدماتها المجتمعية والتعليمية والصحية ، وان تعكس هذه المداخيل المالية من ضرائب ورفع اسعار وغيرها على مشاريع وبرامج وانشطة محلية .
وان لا تعتبر مشاريع المنح الدولية او المقدمة من الدولة العربية على انها من الموازنة العامة للدولة ، بل يجب ان تطرح العديد من المشاريع التنموية وتطوير البنية التحتية وشبكات الطرق من تلك المداخيل من المواطن حتى يعزز ذلك ثقته في دولته ويعزز ولاءه وانتماءه ويخفف من حدة الفقر والبطالة .
فالتنظير اللغوي لا يملأ بالبطون الجائعة فمتى سنشهد نهضة حقيقية عملية لا تنظيرية ، فالحضارة ان تصعد الدولة الى الاعلى بخدماتها لا ان تنزل نحو الاسفل في قلة خدماتها .//
hashemmajali_56@yahoo.com