بيروت – ا ف ب
أجمعت القوى السياسية اللبنانية على الدعوة إلى التهدئة على الساحة الداخلية بعد يومين على استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري المفاجئة التي أثارت خشية من توتر ومن مواجهة إيرانية سعودية في البلد الصغير.
وأعلن الحريري في خطاب متلفز بثته قناة "العربية" السعودية السبت استقالته من منصبه الذي كان تسلمه بموجب تسوية سياسية بين الأفرقاء اللبنانيين أتت أيضا بميشال عون، حليف حزب الله، رئيسا. وهاجم الحريري في كلمته كلا من إيران وحزب الله.
والتقى الحريري في الرياض امس الاثنين الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز.
وعقد الرئيس اللبناني ميشال عون امس الاثنين اجتماعاً أمنياً أشاد خلاله بتهدئة القوى السياسية للساحة الداخلية. وأكد عون، وفق ما ورد في تغريدة على حساب رئاسة الجمهورية على "تويتر"، أن "تجاوب كل القيادات السياسية مع دعوات التهدئة يعزز الاستقرار الأمني ويحفظ الوحدة الوطنية".
وقال إن "الوحدة الوطنية تبقى الأساس للمحافظة على الاستقرار الأمني والسياسي في البلاد، وكل الجهود يجب أن تنصب على المحافظة على هذه الوحدة، لا سيما في الظروف الدقيقة التي يمر بها الوطن".
وشكلت استقالة الحريري السبت من السعودية مفاجأة سواء لحلفائه أو خصومه السياسيين في لبنان.
ولم يقبل عون حتى الآن استقالة الحريري على اعتبار أنه ينتظر عودته من السعودية لاستيضاح الأسباب، ويبني بالتالي "على الشيء مقتضاه". وبمجرد موافقة رئيس الجمهورية عليها، تتحول الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال.
- "لا داعي للقلق" -
ولطالما كان تشكيل الحكومات في لبنان أمرا صعبا، لا سيما خلال السنوات الاخيرة مع الانقسام العميق السائد خصوصا بين فريق الحريري المدعوم من السعودية وفريق حزب الله المدعوم من ايران. كما ان تقاسم الحصص الطائفية وتوزيع المناصب هو دائما محور خلافات وتجاذبات.
وكلف الحريري رئاسة الوزراء في تشرين الثاني/نوفمبر العام الماضي في إطار اتفاق التسوية الذي أنهى ايضا عامين ونصف عام من الفراغ الرئاسي. وشكل حكومته في نهاية العام 2016، وقد جمعت أطرافا سياسية متناقصة أبرزها حزب الله، خصمه الأبرز.
ومن المفترض أن يشهد لبنان في أيار/مايو العام المقبل انتخابات نيابية تأتي ببرلمان جديد، بعد أن حالت الازمات السياسية المتلاحقة دون اجراء هذه الانتخابات منذ 2009. إلا أن البعض يخشى أن تكون تبعات استقالة الحريري وضعت الاستحقاق الانتخابي في مهب الريح.
ووسط خشية من أن تؤجج الاستقالة الوضع اللبناني الهش والمعقد، سعت القوى السياسية اللبنانية وعلى رأسها حزب الله إلى تدارك الأمور داعية إلى التهدئة. وتخوف محللون وسياسيون من توتر على الارض إثر استقالة الحريري، كما سرت تكهنات عن احتمال تأثر وضع الليرة اللبنانية بالتطور المفاجىء.
ودعا الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الاحد في خطاب للتعقيب على إستقالة الحريري إلى "عدم الإصغاء الى كل التهويلات والشائعات". وقال "ادعو اللبنانيين إلى عدم الخوف، ليس هناك ما يدعو للقلق (...) ندعو الجميع الى الهدوء والحفاظ على ما لدينا في لبنان، الأمن والاستقرار والسلم الاهلي".
ودعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى "تهدئة النفوس". وقال الزعيم الدرزي وليد جنبلاط "أكثر من أي وقت مضى فإن المرحلة تتطلب الهدوء واحترام الدستور والمؤسسات".
- "في مهب الريح" -
ويرى المدير التنفيذي للمركز اللبناني للدراسات سامي عطالله أن "االبلد كله في مهب الريح. النظام السياسي كله في مهب الريح"، متسائلاً "هل سيتمكن القادة من الارتقاء الى مستوى الحدث، وبناء جسور في ما بينهم؟".
ويقول لفرانس برس "اعتقد ان هناك مسوؤلية كبيرة تقع على عاتق القوى السياسية لتظهر لنا مدى قدرتها على حكم البلاد"، معرباً عن أمله في ان يتمكن المصرف المركزي من احتواء الوضع اقتصادياً.
وأكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن الليرة اللبنانية ستبقى مستقرة، مشدداً على أن الازمة الحالية سياسية وليست نقدية.
ولطالما شكل لبنان مسرحاً يعكس الصراعات في المنطقة. ويتلقى حزب الله دعماً سياسياً وعسكرياً كبيراً من إيران، وهما يساندان النظام السوري في الحرب الدائرة على أرضه. ورفض الحريري على الدوام مشاركة حزب الله عسكريا في الحرب السورية.
ويُعد الحريري حليفاً للرياض التي كانت تضخ أموالاً ومساعدات على نطاق واسع للبنان لدعم موقف حلفائها. وحصل فتور خلال الفترة الأخيرة بين الحريري والسعودية التي أخذت عليه خضوعه لإرادة حزب الله.
ويؤشر خطاب الحريري من السعودية الى فتح فصل جديد من الحرب الباردة بين الرياض وطهران على الساحة اللبنانية.
وبث الاعلام السعودي الرسمي امس خبر وصور لقاء الملك سلمان بن عبد العزيز والحريري.
ومنذ الاستقالة برزت تساؤلات حول ما اذا كان الحريري سيعود إلى لبنان، وسرت شائعات كثيرة حول وجوده في "الاقامة الجبرية" في السعودية أو توقيفه.
وتساءل نصرالله الذي اعتبر الاستقالة "قراراُ سعودياً أملي" على الحريري ما إذا كانت الرياض "ستسمح" له بالعودة إلى لبنان.
شرح الصورة
الصفحات الاولى للصحف اللبنانية في السادس من تشرين الثاني/نوفمبر 2017 بعد استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري