في ظل السقوط المفاجئ للنظام الحاكم في سوريا وهروب الرئيس بشار الأسد إلى روسيا، ظهرت العديد من الوثائق الاستخباراتية التي كشفت معلومات حساسة حول سياسة النظام، بما في ذلك تورط الأسد في تفجيرات واغتيالات كان يُتهم بها في وقتها جماعات مرتبطة بالمعارضة السورية.
ومن بين هذه الوثائق، وثيقة صادرة عن جهاز المخابرات الخارجية في 8 أيار 2012، تتضمن أمراً بتنفيذ تفجير في منطقة القزاز بدمشق. وهدف التفجير كان إقناع الرأي العام المحلي والدولي بوجود عصابات إرهابية مسلحة. وتطلب الوثيقة تنفيذ تفجير انتحاري بسيارة محشوة بكميات كبيرة من المواد المتفجرة في وقت الذروة، على أن يتم تأجيل وصول وسائل الإعلام إلى مكان الحادث من أجل منع اكتشاف أن التفجير كان مدبراً.
وثيقة أخرى تعود إلى 1 آذار 2015، تظهر أمرًا بإعدام 2459 عسكريًا من أبناء الطائفة العلوية، بسبب عدم امتثالهم للأوامر العسكرية، مع تعليمات بإخبار ذويهم أنهم استشهدوا في ساحات المعركة. بالإضافة إلى احتجاز 1796 عسكريًا آخرين مع إعطاء ذويهم معلومات مغلوطة تفيد أنهم مختطفون.
كما كشفت الوثائق عن تورط المخابرات السورية في اغتيال سارية حسون، نجل مفتي الجمهورية أحمد بدر الدين حسّون، الذي كان قد دعم النظام في خطابه الديني. وأظهرت الوثيقة المسربة أن قسم المهام الخاصة في فرع المخابرات الجوية 291 كان قد كلف ضابطًا برتبة عقيد ركن، يدعى سهيل حسن، لاغتيال نجل حسون في 29 أيلول 2011 بواسطة سيارة مدنية على نفقة الدولة.
حينها ألقى حسّون خطابًا مؤثّرًا عكس فيه مدى "إجرام المعارضة" التي قتلت ابنه فقط من أجل موقف والده الداعم للنظام.
وبعيداً عن ميدان السياسة والعلاقات الخارجية، كشفت بعض الوثائق سلوك البذخ لعائلة الأسد في الوقت الذي كان فيه النظام يدَّعي أن العقوبات الأميركية والأوروبية تؤثر سلبا على الحياة اليومية للسوريين.
وكشفت إحدى الوثائق عن المصاريف اليومية لماهر الأسد شقيق بشار، والتي تحتوي على دفعات ومصاريف مختلفة، كان من بينها رواتب مرتفعة لشخص روسي كانت مهمّته تدريب شام، ابنة ماهر الأسد على ركوب الخيل.
كما تضمنت الوثائق صورًا للرئيس بشار الأسد وهو في رحلات ترفيهية شبه عارٍ إلى البحر، وصورة لوالده حافظ الأسد وهو يستعرض عضلاته.
في تعليق على تلك الوثائق، قال الأكاديمي ضياء الرويشدي، المختص بالشؤون الدستورية والقانون الدولي، في تصريح لموقع "الحرة" أن الوثائق السرية التي أصبحت متاحة للاطلاع يمكن استخدامها كأدلة لإثبات تورط بشار الأسد وكبار قادته في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال فترة حكمه.
وأشار الرويشدي إلى أنه في حال فشلت الحكومة السورية المستقبلية في إقناع روسيا بتسليم بشار الأسد للمحاكمة، وإذا لم يصل الأسد إلى دولة تطبق مبدأ الولاية القضائية العالمية، مثل ألمانيا وبعض الدول الأوروبية الأخرى، فقد يتم تحويل الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية. ومع ذلك، أضاف الرويشدي أن أي تقدم في هذا الملف يعتمد على تعاون روسيا ورفع حمايتها عن بشار الأسد، إلا أن هذا يبدو مستبعدًا بسبب وجود مذكرة توقيف صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على خلفية جرائم حرب ارتكبتها قواته في أوكرانيا.