الارصاد الجوية : انخفاض تدريجي في درجات الحرارة وأجواء مغبرة نهاية الأسبوع بنك الإسكان يرعى فعالية "أمنيات الشتاء" للأطفال في مركز هيا الثقافي مالك غازي ابو عديلة المشاقبة يدخل "القفص الذهبي" الذكاء الاصطناعي يكشف سر الحفاظ على شباب الدماغ هل يعفيك الطقس البارد من استخدام واقي الشمس؟ شركة طيران تجبر راكب على التخلي عن مقعده من أجل كلب سؤال الأردن: متى تنتهي مرحلة الانطباعات في سوريا؟ وزير الخارجية: المحادثات مع القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا كانت إبجابية هل يمكن أن تتحول انفلونزا الطيور إلى جائحة؟ 93% معدل الإنجاز بمشاريع مجلس محافظة العقبة في 2024 العطلة الشتوية.. فرصة ثمينة بحاجة للاستثمار لصالح الطلبة أحمد الضرابعة يكتب : الأردن وسورية ما بعد حكم الأسد “توزيع الكهرباء” تسعى لإدخال تطبيقات الذكاء الاصطناعي في خدماتها الرقمية الوحدات يفوز على السرحان و يتأهل للدور نصف النهائي ببطولة الكأس القوات المسلحة تحبط محاولة تسلل طائرة مسيرة على الواجهة الغربية رئيس بلدية الجيزة يستعرض إنجازات عام 2024 خلال الجلسة الختامية لهذا العام بلدية السلط و إعمار السلط توقعان اتفاقية مع USAID لإطلاق سوق أسبوعي لدعم الشباب الخصاونة يضيء شجرة عيد الميلاد المجيد في عجلون الحسين يتأهل لنصف نهائي كأس الأردن بفوزه على السلط بركلات الترجيح أبو صعيليك يبحث تعزيز خدمة "المكان الواحد" في غرفة صناعة عمان.

المرأة الفلسطينية... صرخة الحياة في وجه السجَّان الإسرائيلي

المرأة الفلسطينية صرخة الحياة في وجه السجَّان الإسرائيلي
الأنباط -
سليم النجار
توطئة
خالدة جرار سياسية فلسطينية وناشطة نسوية، حاصلة على درجة الماجستير في الديمقراطية وحقوق الإنسان من جامعة بيرزيت. ولدت في التاسع من شباط عام ١٩٦٣.
أصدرت سلطات الاحتلال في شهر آب ٢٠١٤ قراراً بإبعاد النائب خالدة جرار إلى محافظة أريحا لمدة ست أشهر، رفضت جرار توقيع أمر الإبعاد، وأعلنت أنها لن تلتزم بتنفيذه واعتصمت لمدة شهر في قلب مقر المجلس التشريعي الفلسطيني في رام الله وسط حشد من المؤيدين، من نواب ومواطنين وشخصيات فلسطينية، إلى أن تم إسقاط قرار الإبعاد.
اعتقلت خالدة جرار بتاريخ ٢-٤-٢٠١٥ بعدما حاصر جنود الاحتلال منزلها في رام الله، وتم نقلها مباشرة إلى قسم الأسيرات السياسيات الفلسطينيات في سجن الشارون الإسرائيلي، وأفرج عن جرار من سجون الاحتلال الإسرائيلية بتاريخ ٣ حزيران ٢٠١٦ بعد أن أمضت مدة ١٥ شهراً، أعيد اعتقالها مرة أخرى فجر يوم الأحد ٢ تموز ٢٠١٧ من قبل سلطات الاحتلال، وأفرج عنها مؤخراً.
لينا الجريوني "عميدة الأسيرات الفلسطينيات ".
ولدت لينا أحمد الجربوني في تشرين الثاني ١٩٧٤، لأسرة فلسطينية مناضلة من قرية عرابة البطوف بمدينة عكا المحتلة، وهي ابنة أسير فلسطيني أمضى ثماني سنوات في سجون الاحتلال.
لينا الجربوني متحدثة بإسم الأسيرات في سجن الشارون أمام إدارة السجون الإسرائيلية، أول أسيرة فلسطينية تمضي أكثر من ١٥ عاماً في سجون الاحتلال، وأقدمت على تعليم الأسيرات اللغة العبرية.
صباح يوم الأحد ١٦ نيسان ٢٠١٧ أفرجت عنها سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
صدرت الدراسة البحثية عن واقع الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال ٢٠١٥- ٢٠١٦ من تأليف خالدة جرار- لينا الجربوني.
هذه الدراسة أعدّت في سجن الشارون للنساء أثناء وجود الباحثات بالأسر. وصدرت عن هيئة شوؤن الأسرى والمحررين عام ٢٠١٦.
العقل الأنثوي الفلسطيني كيف يفكر؟ يعني هذا العنوان قراءة العقل الأنثوي الفلسطيني وهو في حالة فعل نضالي، والفعل يستلزم فاعلاً ومفعولاًبه، والتالي فإن الفعل ينطوي على إحداث تغيير. معنى ذلك أنَّ العقل الأنثوي الفلسطيني، وهو في حالة فعل، يستلزم طرفاً آخر يُحدِث فيه تغييراً، وهذا الطرف الآخر هو الاحتلال الإسرائيلي، وكتب عيسي قراقع في مقدمة كتاب "الحركة الأسيرة النِّسوية" لخالدة جرار ولينا جربوني:(تكتسب تجربة الحركة النسوية الأسيرة صفة مميزة وإن تشابكت في تجربتها مع مجمل التجربة الجماعية للأسرى، فهي أكثر ألماً ومعاناة وتحمل في خصوصيتها مدى النضج الوطني في المجتمع الفلسطيني، حيث تشارك المرأة بدورها النضالي إلى جانب الرجل في مقاومة الاحتلال ص٤).
وهنا لابد من إثارة سؤالين:
ما هو ماهية العقل الأنثوي الفلسطيني؟
وما ماهية المعرفة الأنثوية الفلسطنية؟
نجيب أولاً على السؤال الثاني لأن المعرفة ثمرة العقل، أي أنَّ المعرفة هي التي تكشف لنا عن العقل وهو يعمل؛ فكيف إذا كانت ممارسة الاحتلال الإسرائيلي ثمرة المعرفة الغربية الاستعمارية والتي تمارس أبشع الأساليب ضد العقل الأنثوي الفلسطيني الذي رفض هذه المعرفة القهرية:(وأسيرة أخرى تعرَّضت للتّحقيق في مركز الجلمة أفادت حول التّفتيش العاري "فتّشوني عارية تماماً، وكانت المجنَّدة تطلب منّي وأنا عارية أن أقف وأقعد مرات عديدة"، وأضافت الأسيرةُ نفسها: طوال التّحقيق، كان يتعمّد المحقّق التّحسيس على رجل المجنّدة الجالسة معنا، ويقترب منها في إيحاءات جنسيّة، كما وجَّه لي المحقق أسئلة حسَّاسة مسَّت مشاعري وكرامتي حيث سألني: كم مرَّة نمت مع شخص آخر غير زوجك، وهل انبسطتي معه ص٢٠).
ما المعرفة الأنثوية الفلسطينية إذن؟
الجواب عن هذا السؤال له تاريخ تبلور فيما يسمى نظرية المعرفة. وقد أسهم فلاسفة في تأسيسها انتقي واحد منهم، أفلاطون الذي وضع المعرفة في إطار التذكُّر، ومن ثم كانت عباراته المأثورة والمشهورة "العلم تذكُّر والجهل نسيان". والتذكُّر عنده هو تذكُّر الإنسان لعالم كان يحيا فيه، وهو عالم المُثل، وتوهَّم أنَّ عالم المحسوسات هو العالم الحقيقي، في حين أنَّ عالم المُثل هو العالم الحقيقي. عمل العقل إذن عند أفلاطون محصور في التذكُّر بلا زيادة أو نقصان، أي أنَّ العقل سلبي في مجال المعرفة.
على نقيض ما طرحه أفلاطون، يرى العقل الأنثوي الفلسطيني لوح مصقول يُنقَش فيه قيم النضال، وأنَّ التجربة هي التي تنقش فيه المعاني، كما يفعلن الأسيرات الفلسطينيات في السجون الإسرائيلية:(وتُعرض عدد من الأسيرات إلى التفتيش العاري أثناء الاعتقال داخل البيت، وفي مقابلة مع إحدى الأسيرات التي طلبت عدم ذكر إسمها أفادت: اقتحم الغرفة جنود كثيرون ولم أكن بغطاء الرأس، بدأت بالصراخ وأخذوني إلى غرفة ثانية، حضرت مجنَّدتان وفتّشتاني تفتيشاً عارياً بالكامل، وأوقفتاني وأنا عارية بالكامل، شعرت بالمهانة والمسّ بكرامتي وبالقهر الشّديد. طلبت التوجُّه للحمام. أصرّوا على مرافقة المجنَّدة لي وعدم سحب السيفون، تعرَّضت للتّفتيش العاري أكثر من مرّة أثناء الاعتقال ص٢٠).
إنَّ التجربة في العقل الأنثوي الفلسطيني هي التي تنقش فيه المعاني. والمعاني طائفتان: معانٍ بسيطة مكتسبة بالتجربة:(في شهر نيسان من عام ٢٠١٢ كان قرار من الأسرى بخوض إضراب عن الطعام لأنَّ "حكومة نتنياهو" لم تلتزم بإخراج الأسرى المعزولين وفق ما أُعلن عنه في صفقة التّبادل. هذا الإضراب شاركتهم به الأسيرة لينا ص١٤).
ومعاني مركَّبة ترجع إلى العقل، أي أنَّ العقل هو الذي يصنعها. ومن هنا يمكن القول بأنَّ العقل الأنثوي الفلسطيني ثوري في مجال المعرفة، خاصةً عندما يتعامل مع السجينات القاصرات للكشف عن وحشية هذا الاحتلال البغيض:(شهد العامان ٢٠١٥- ٢٠١٦ ارتفاعاً ملحوظاً- إن لم يكن فريداً- لم تشهده السجون بأيَّة مرحلة، من حيث الاعتقالات الواسعة للفتيات الطفلات. إذ بلغ عدد اللّواتي اعتقلن في تلك الفترة ٢٥ أسيرة قادرة تحت سنّ الأسيرات القاصرات على الحواجز العسكريّة أو بجانب الحرم الإبراهيميّ، أو الحواجز المحيطة بالمستوطنات أو الشّوارع، وأصيب عدد منهنَّ أثناء الاعتقال وبلغ عدد المصابات الطّفلات ٥ اسيرات ص٢٥).
إذن كيف تنشأ النفس الأنثوية الفلسطينية في السجون الإسرائيلية؟ قد يبدو السؤال صادم، ولا يوجد جواب محدد، غير أنَّ الصورة الواقعية لاعتقال إحدى القاصرات في القدس؛ خير دليلٍ على أنَّ هذه النفس لا تحمل خيارا لها إلا المقاومة ضد هذا العدو الإحلالِّي: (أمّا الأسيرة (ن.ع) الّتي أصيبت أثناء الاعتقال والبالغة من العمر ١٦ عاماً ومعتقلة بتاريخ ٢٣- ١١- ٢٠١٥ السّاعة ١١:٢٣ دقيقة: كنت مع بنت عمّتي نتجوّل بشارع يافا، أطلق أحد الشُّرطيين النار على رجلي، وآخر ليس شرطيَّاً ضربني بالكرسي على رأسي ووقعت على الأرض، واثنان من النَّاس في الشارع ضغطوا على رجلي ويدي بشكل مؤلم:("هناك جرح باليد بسبب ذلك" وبعدها جاء شرطي وأنا ملقاة على الأرض، أطلق النار عليَّ مرَّة أخرى وأصابني بثلاث رصاصات في الصَّدر من الجهة اليمنى ص٢٨).
ونخلص من كل ذلك إلى نتيجة هامة وهي أن العقل الأنثوي الفلسطيني هوية نضاليَّة غير مغترب، ويُوسِّع مداه عاجلاً من مكان الولادة وزمن الحياة النضالية، مع يقين أنَّ النصر قادم، وأحد صنَّاعه: العقل الأنثوي الفلسطيني.
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير