الملك يغادر أرض الوطن إلى الولايات المتحدة الأمريكية للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الدخل والمبيعات تضبط مخالفين بزيادة أسعار السجائر أكثر من 100 فلس الأردن يتقدم 11 مركزًا في التصنيف العالمي لمؤشر تطور الحكومة الإلكترونية الدكتور جعفر حسان والحكومة الجديدة . رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسَّان للوزراء: عليكم أن تدركوا أنَّ كلَّ ساعة عمل هي حق عليكم للوطن، فلا تُقصِّروا بدقيقة واحدة، وذلك في جلسات مجلس الوزراء بعد أداء اليمين الدِّستوريَّة. الحوامدة: لا خلاف بين الوحدات والمنتخب.. وتواجد صبرة مهم في لقاء الفيصلي بكين تستقبل أكثر من 8 ملايين سائح خلال عطلة عيد الميلاد الملك يستقبل وفد اللجنة الوزارية العربية الإسلامية المكلفة بالتحرك الدولي لوقف الحرب على غزة أمين عام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الدبعي يلتقي وفداً ماليزياً إرادة ملكية بالموافقة على تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة حسان (أسماء) طلال أبوغزاله يكتب:مستقبل تكنولوجي للجميع البلقاء التطبيقية تشارك في أعمال المنتدى الإقليمي العاشر لحفظ الطبيعة في السعودية استمرار تسلم مشاركات "جوائز فلسطين الثقافية" في دورتها الثانية عشرة – 2024/2025 أمين عمان بالإنابة يلتقي نقيب المقاولين الاردنيين عيسى قراقع يكتب:محكمة يوم القيامة السفارة الصينية في الأردن تقيم حفل استقبال بمناسبة العيد الوطني وعيد منتصف الخريف للدوائر الصينية والأكاديمية في الخارج سلطة العقبة وشركة أمونيا الأردن الخضراء توقعان اتفاقية لإنشاء محطة انتاج الامونيا الخضراء اللجنة الوزارية العربية الإسلامية تبدأ اجتماعها في عمان حسان في رسالته للملك: أعاهد الله وأعاهدكم أيلة توقع مذكرة تفاهم مع المجلس الاردني للأبنية الخضراء لتعزيز التعاون في مجال التنمية المستدامة

إعادة تشكيل الوعي الفلسطيني و بعثه من خلال رواية "  حنظلة  " للروائية الأردنية ،  بديعة النعيمي . 

إعادة تشكيل الوعي الفلسطيني و بعثه من خلال رواية   حنظلة   للروائية الأردنية ،  بديعة النعيمي  
الأنباط -
علي فضيل العربي

        نص آخر من نصوص أدب المقاومة . نص  سردي مدهش  و موقظ للضمائر الحرّة  ،  مذكّر للقلوب الغافلة  . نص  من الحجم المتوسط ، و من منشورات دار فضاءات بالأردن الشقيق ، تلك هي رواية " حنظلة "  للروائية الأردنية ، ذات الروح المقدسية الفلسطينية ، بديعة النعيمي . 

              في عنوانها استلهام لروح الكاريكاتوريست الفلسطيني صاحب شخصيّة " حنظلة " ، الشهيد " ناجي العلي " ،  الذي اغتالته أيادي الموساد في مدينة لندن ذات يوم أسود  من سنة 1987 م .

        تتوزع الرواية ، ذات 190 صفحة ،  على ثلاثة  أقسام ( فصول )  ، يضم كل  قسم ( فصل ) مجموعة من العناوين ، هي بمثابة عتبات و تغريدات متخمة بإيحاءات و رموز ذات أبعاد نفسيّة  ومخرجات اجتماعية و سياسيّة و تاريخيّة و فلسفية . 

         عنوان الرواية ( حنظلة ) في حدّ ذاته ، يلخّص لنا مأساة جيل فلسطيني ولد في خضم المأساة الكبرى ، يوم تداعت الأمم الظالمة على الشعب الفلسطيني ، و انتزعت الحق من أصحابه ، و منحته  لمن لا يملك منه مقدار ذرة  . جيل ولد    بعد النكبة و النكسة و مؤتمرات الاستسلام في أوسلو و مدريد ، تحت عناوين مزيّفة   ،  خادعة  و صادمة ، مثل :  السلام مقابل الأرض ، حلّ الدولتين وووو  . 

        جيل ولد في مخيّمات النزوح و اللجوء ، و فُرضت عليه فصول من التشرّد بين مطارات العالم و موانيء  بحاره و أنهاره و محيطاته و مدنه  في الشرق و الغرب .  و كان الرسام المبدع و الشهيد  ناجي العلي  أنموذجا لتلك المطاردات التي لاحقت الوطنيين الفلسطينيين في كل بقاع العالم ، من أجل إسكات أصواتهم الحرّة ، و إطفاء شعلة المقاومة ، و إخماد حلم العودة إلى الوطن المغتصب . و لم تكن تلك المطاردات المستمرّة ، من لبنان إلى الكويت إلى لندن ، سوى محاولة آثمة لوأد القضيّة الفلسطينية ، و تمهيدا لما هو آت من مخرجات الخيانات السريّة  التي دبّرتها بليل  أيد فلسطينيّة و شقيقة و صديقة ، و ما صفقة القرن المزعومة أو كما سمّاها البعض  ( صفعة القرن ) ، إلاّ واحدة من الشواهد على الخنوع و الاستسلام و الانبطاح و بيع القضيّة في سوقي أثينا و روما . و الأدهى و الأمرّ ، أنّ الذين وقّعوا على صكوك البيع لا يملكون من فلسطين شبرا واحدا  ، بل بعضهم لا يُحسن نطق اسم فلسطين .

*       *      * 

        ما يلفت انتباه القاريء المتمعّن لرواية ( حنظلة ) للروائية الرائعة و المقاومة ، بديعة النعيمي ،  هو جماليات السرد . فنحن أمام نص سرديّ ممتاز . فبالإضافة إلى فكرتها الوطنيّة ، المنتزعة و المستوحاة من راهن الشعب الفلسطيني و واقعه المرير في مخيّمات النزوح و اللجوء و المنافي و الاغتراب القسري ، فقد وظفت الروائية بديعة النعيمي عنصري التاريخ و الرمز ، و مزجت بين الواقع و المتخيّل ، و اعتمدت على تداخل عناصر الزمن ( الماضي و الحاضر و المستقبل ) . لتكون شاهدا على ديمومة القضيّة ، و رسوخها  و سيرورتها في الذاكرة الفلسطينيّة ّ ، و الضمير الفلسطيني الحرّ ،  فردياّ و جماعيا .

         و لعنوان  الرواية  ( حنظلة ) أبعاده نفسيّة و تاريخيّة و اجتماعيّة . فشخصيّة حنظلة ، التي ابتدعها الرسام الفلسطيني الفذ ، ناجي العلي ، تمثّل و تجسّد حلم التمسّك  بالعودة إلى الوطن المغتصَب    ، دون الاكتراث لعنصر كثافة  الزمن و تمدّده ،  لأن الحقّ لا يضيع  مادم وراءه طالب . و لأنّ الوطن ، في عرف الأحرار و الوطنيين الأوفياء ، ليس رقعة أرض يأوي إليها المرء متى شاء ، و يهجرها متى شاء . بل هو في حقيقته مثل الروح في علاقتها  بالجسد .

 " سار هائما على وجهه لا يعلم وجهته في مدينة لا تنام " ص 9 . " فالأرصفة لا تتشابه كما المدن تماما " ص 9 . " إلاّ أن شعورا بالوحدة انتابه و كأنّ العالم قد  أقفر من حوله إلاّ من غضبه ، حنقه ، من رغبته في الطيران نحو أبيه ليمسكه من كتفيه و يهزّه بقوّة .. لم أجبرتني على السفر ؟ لم جعلت منّي لاجئا في مدينة عاهرة ؟  " ص 9 . " و هل غدا الوطن كومة تراب و صخور ؟ إنّك مخطيء ، و لن تدرك يوما بأن الوطن هو الحبل السرّي الذي يصلنا بالحياة " ص 13 .  

        و بين الأسود و السمين و الإغراء الرخيص و عذاب الضمير و الأسئلة المبتورة الأجوبة  ،  يجد البطل اللاجيء   نفسه ضائعا في عالم لا يشبهه ، و لا يشفي غليله من الشعور بالاغتراب و الحرمان و الوحدة و الضياع و وطأة الذكريات الأليمة  " لأن الأرض ليست أرضه " ص 14  .  " تذكّر بأنّ الأرض هناك أيضا لم تعد أرضه . تذكّر بأنه بلا أرض بلا وطن و أنّه مجرد لاجيء أينما ذهب " ص 15 . " سامحك الله يا أبي  ، لم أجبرتني على رحلة الاغتراب ؟ " ص 15 .
هو الذي كان يبحث عن وطن آخر يحتضنه ، عن مدينة أخرى تعوضه عن فقدان مدينة صباه و طفولته و شبابه ، لعلها تمسح عن عينيه عبرات الاغتراب المر ، لكن هيهات . فالوطن مثل الأم التي لا تتكرّر ، و لا تتعدّد و لا يمكن أن تُعوّض ، إذا غابت  فترة أو  فُقدت  إلى الأبد . 

        لقد شيّدت الروائية بديعة النعيمي معمار روايتها " حنظلة " من خلال استحضار  شخصيتين ، إحداهما حقيقية ، و الأخرى فنيّة  ، سليلة  المخيال ،  و  هما : شخصية  المناضل و الشهيد المغتال و الرسّام الفلسطيني المبدع ، ناجي العلي ، و شخصية رسوماته الكاريكاتورية الطفل   " حنظلة " . و كان هدف الروائيّة – من وراء هذا الاستحضار- إعادة نقد و نقض الواقع  السياسي الفلسطيني ، الذي صدّق حلم بل كابوس الدولتين ، تحت مسمى " الأرض مقابل السلام " . و هو – لعمري -  مسمّى  زائف و مخادع ، غرضه القضاء على المفاهيم الثوريّة و على مخزون  الذاكرة الفلسطينيّة و مخرجاتها ، مثل : حق العودة ، المقاومة ، استرجاع الأرض المسلوبة ، عدم الاعتراف بالكيان الصهيوني ككيان شرعيّ على أرض فلسطين ، مقاومة سياسة التطبيع . كما قصدت الروائية بديعة النعيمي ، أيضا ، من وراء هذا الاستحضار ، إعادة صياغة مفاهيم الصراع  الحقيقي ،  القائم بين المعتدي و المعتدى عليه ، بين الجاني و الضحية ، بين صاحب الأرض و المغتصب الوافد من آفاق التيه . فقد تطوّر هذا الصراع و انتقل من مربّع اغتصاب الأرض  إلى مربّع  القضاء على الهويّة  الفلسطينيّة و إلغاء تراثها المادي و الروحي و عمقها التاريخي .

          و أخيرا ،  يمكن اعتبار رواية " حنظلة " للروائية الأردنية - العاشقة لفلسطين حتى النخاع – لبنة مشرقة ، مضافة إلى جدار المقاومة و الصمود و التحدّي و التصدّي و اليقظة . و هي رواية جديرة بالقراءة و الدراسة النقديّة . 
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير