الأنباط - فرح موسى
كان النّبيّ صلّى اللهُ عليه وسَلّم يفرح بقدوم شهر رمضان، ويُبشرُ أصحابَه رضي الله عنهم به، فعن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ. كليّة الشّريعة – جامعة اليرموك جعل الله تعالى لشهر رمضان من الميزات، ما لم يكن لغيره، ففيه ابتدأَ نزولَ القرآنِ الكريمِ، قالَ اللهُ تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} وقوله: "{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} وقوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} . ولأهميةِ هذا الشهرِ في حياةِ المسلمينَ فقد جعلَ اللهُ تعالى فيه أجوراً عظيمةً، ففي صيامِهِ قالَ رَسولُ الله صلّى اللهُ عليه وسَلّمَ: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"، وفي الاجتهاد في القيام والتعبّد فيه قال: "مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"، وفي إحياء لية القدر، وقيامها قال: "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".
وأضاف رجب ومن أجل ذلك كان المسلمون دوْماً يشتاقون لشهر الصيام على ما فيه من جوع وعطش، وكَدٍّ وقيامٍ، وابتلاءٍ وامتحانٍ بحبس النّفسِ عن شهواتها. ولكنّه الشوقُ إلى رحمة خالقها، وشوقُ الفطرة إلى الهدى الذي به تستقيمُ القلوبُ، وتطمئنُ الأفئدةُ, هي ذاتها الأشواق التي عاشها أجدادنا الصالحون من قبل، فأكرموا لشهر الصيامِ نُزَلَهُ، وأحسنوا استقبالَ ، حتى صارت أشواقُهم حقائقَ على الأرض من صَومٍ لا معصيةَ فيه، إلى قيامِ ليلٍ يُربي الحياةَ، إلى صدقاتٍ تُطهرُ النفوسَ من الشُّح والبُخْلِ، إلى جهادٍ في سبيل الله يفتحُ البلادَ، ويحررُ العبادَ، وينشرُ كلمةَ اللهِ تعالى .
وأكد رجب في حديث ل " الأنباط " على ان شهرُ رمضانَ هو شهرُ التّربيةِ، والتّهذيبِ للسلوكِ, والغايةَ الرئيسة التي فَرَضَ الصيامَ من أجلها فقال فالتقوى هي أسُّ الأخلاق، وأساسها، هي التي تُهذبُ الجوارحَ، وتربي الحواس، وتزكّي الطّبْعَ والطبائع, وهي التي يحرس المسلم بها صيامه من الزّلات والمعاصي، ويحصن نفسه من أدْرانِ الذّنوبِ، فليس لهم همٌّ إلا طلبَ المعالي من الأمور، والتنزّه عن سَفْسَاف الأفعال وسَفَاسِفِها.
وقد غفل قوم عن حكمة الصّيام فظنّوا أنّ شهرَ رمضانَ فرصةٌ للاستراحة من العمل والإنتاج، فأصابهم العجز والتكاسل, ونسيّ هؤلاء أنّ شهر رمضان هو شهر الإعداد النفسيّ والروحيّ، وشهر الإنجازات؛ ففيه (يوم الفرقان) وهو يوم غزوة بدر الكبرى، وفيه الفتح الأعظم وهو يوم فتح مكة ويوم عيْن جالوت وغيرها من المشاهد في شهر رمضان, وآخرون اتخذوا من رمضان زمناً يتلذذون فيه من كلّ ما طاب من الطعام، حتى كان حالهم أقرب إلى التبذير والإسراف، وقد غفلوا أنّ الإسلام لا يضُيق في طيّب أباحَه من مَأْكلٍ أو مَشْربٍ، ولكنه يمنعُ إضاعَة المال، ويعلم المسلمّ حكمة من حِكَمِ الصّوْمِ وهي الشّعور بجوع الجائعين، والإحساس بحالهم حتى يُبادر الغنيّ لِسدّ خلّتهم، وتأمين نفقاتهم، وفي الحديث عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ
مِنْ جَانِبِهَا عَبَّرَتْ الِاسْتَاذُهُ هِنْدُ السِّبَاعِي ارْشَادٌ اسْرِيٌّ تَشْهَدُ غَالِبِيَّةُ الْأُسَرِ الْإِسْلَامِيَّةِ اسْتِعْدَادَاتٍ مُكَثَّفَةً لِأَسْتِقْبَالِ الشَّهْرِ الْفَضِيلِ وَ الَّتِي تَسْعَى لِتَعْلِيمِ الطِّفْلِ كَيْفِيَّةَ الصِّيَامِ مِنْ خِلَالِ إِعْطَاءِ الطِّفْلِ فُرَصَهُ الِاعْدَادَ لِأَسْتِقْبَالِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَمُشَارَكَتِهِ فِي التَّحْضِيرِ لَهُ مِمَّا يَغْرِسُ فِي قَلْبِ الطِّفْلِ حُبٌّ وَتَعْظِيمُ هَذَا الشَّهْرِ وَ شَرْحُ مَعْنَى الصِّيَامِ وَلِمَاذَا تَصُومُ النَّاسُ بِاسْلُوبٍ بَسِيطٍ وَسَهْلٍ وَالِاجَابَةُ عَنْ اسْئِلَةِ الطِّفْلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالصِّيَامِ اضَافَ الَى اشْتِرَاكِ الطِّفْلِ فِي اعِّدَادِ وَجَبَاتِ الْإِفْطَارِ وَالسَّحُورِ مِمَّا يَمْنَحُهُ شُعُورٌ بِالْفَرَحِ وَالسَّعَادَةِ وَ التَّدَرُّجِ بِتَقْوِيَةِ الطِّفْلِ عَلَى الصَّوْمِ وَتَشْجِيعِهِ عَلَى الصَّوْمِ بِشَكْلٍ ايِّجَابِيٍّ وَالِابْتِعَادِ عَنْ لُغَةِ التَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ .
وَوَضَحَتْ السِّبَاعِي عَلَى انْ نَسْتَغِلُّ شَهْرَ رَمَضَانَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَفْضَلِ مِنْ خِلَالِ تَجْدِيدِ أَهْدَافِنَا وَانْ نُقْبَلُ عَلَى اللَّهِ بَنِيهِ صَالِحَةً وَعَزِيمَةً قَوِيَّةً وَانْ نَعْقِدُ سَلَامًا مَعَ أَنْفُسِنَا وَأُسْرَتِنَا وَأَقْرِبَائِنَا وَانْ نَحْرِصُ عَلَى أَنْ يَتَضَمَّنَ الْبَرْنَامَجُ الْيَوْمِيُّ الصَّلَاةَ وَقِرَاءَةَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَالِاذْكَارَ وَخَلْقِ تَنَافُسٍ مَعَ احْبَابِنَا فِي فِعْلِ الْخَيْرَاتِ .
الْأُسْتَاذُ مُحَمَّدُ عِيدِ الدُّهُونِ مُرْشِدٌ نَفْسِي وَتَرْبَوِيٌّ قَالَ يَتَزَامَنُ الشَّهْرَ الْفَضِيلَ مَعَ وُجُودِ كُورُونَا الَّتِي فُرِضَتْ عَلَيْنَا إِجْرَاءَاتُ مُشَدَّدِهِ انْعَكَسَتْ عَلَيْنَا بِبَعْضِ الطَّاقِهِ السَّلْبِيَّهِ، فَلَا بُدَّ لَنَا انْ نَسْتَغِلُّ فَتْرَهُ الْحَجَرَ الْمَنْزِلِيُّ فِي رَمَضَانَ لِتَعَلُّمِ اجِّرَاءَاتٍ تُفِيدُنَا فِي حَيَاتِنَا وَتُخَفِّفُ مِنْ الطَّاقِهِ السَّلْبِيَّهِ مِثْلَ تَعْلِيمِ الِاطِّفَالِ الصَّبْرَ وَالتَّحَمُّلَ مِنْ خِلَالِ الصَّوْمِ وَتَعْلِيمِهِمْ تَنْظِيمَ الْوَقْتِ مِنْ حَيْثُ النَّوْمُ وَقِرَاءَةُ الْقِرَانِ وَالْقِيَامُ بِالْعِبَادَاتِ.
اسْتِغْلَالُ شَهْرِ رَمَضَانَ لِلتَّقَارُبِ الِاسْرِيِّ وَالْعَمَلِ بِرُوحِ الْفَرِيقِ الْوَاحِدِ مِنْ خِلَالِ الْقِيَامِ بِبَعْضِ الِاعْمَالِ الْمَنْزِلِيهِ وَمُسَاعَدَةِ الْأُمِّ بِهَا مِمَّا يُعَزِّزُ رُوحَ التَّعَاوُنِ وَالِاحْسَاسِ بِالْمَسْؤُولِيَّةِ.