Authors

"الشعوب الحديثة أظهرت مهارة فائقة في تحدى القوى العظمى" كسينجر

{clean_title}
Alanbatnews -
إبراهيم أبو حويله ...


نعم الشعوب أسقطت وتسقط وستسقط ، ومن لا يدرك قوة الشعوب وقسوتها عليه ان يقرأ التاريخ جيدا، فكم هي الأجساد كانت تعلق على حبال المشانق وعلقت على يد الشعب بعد ذلك، هناك مرحلة معينة تستطيع الشعوب تحملها، وتخضع هذه لبعد زمني يطول ويقصر، ولكن إذا إنفجرت الشعوب فهي كالماء تأخذ كل شيء في طريقها ويخسر الجميع، وظهرت القسوة المفرطة والطيش الكبير وفراغ السلطة المخيف، إلا إذا إستطاع الجمع الإحتكام للنظام والعقل.

يقول كنسجر "حاولنا كثيرا حل المشاكل تحت تأثير الحماس معتمدين على الدبلوماسية الشخصية، الحماس الذي لا يرتكز على مصالح متبادلة ينتهى خلال فترة من الزمن". الحياة قائمة على تلك الحدود، هذه الحدود هي التي تصنع علاقات سوية بين البشر، بين ما هو لك وما هو عليك ، وما يمكن أن تكسبه وما يمكن أن تخسره، هي تلك المعادلة التي يجب أن نفهم مدخلاتها ومخرجاتها حتى تستطيع النجاح طبعا هذا إذا كنّا نبحث عن التعادل وليس العدالة .

لأن العدالة تجبرك على أن تعطي أحيانا وأنت في موقف قوة، وأن تصر على ما لك وأنت في موقف ضعف، لأن الإنسان بطبعه يرفض الظلم، وينتفض على الظالم حتى لو كانت الخسائر كبيرة، وهنا يجب توطين المجتمع والنفس على رفض الظلم، للوصول إلى تسويات تدوم وتكون مقنعة للطرفين وإلا كما قال عراب السياسة الإمريكية فإن هذه التسويات ستزول خلال فترة وجيزة. ولكن هل الحياة إلا هذه التوازنات التي قلت يوما إنني أكرهها، وإدرك تماما سبب كرهي لها، فهي قائمة على معرفة من الطرفين وإلتزام من الطرفين وليست معتمدة على جهة واحدة ، عندها ستضطر أسفا إلى التعامل مع طرف قد يدرك وقد لا يدرك حقيقة هذه الحدود وحقيقة هذا التوزان، وعندها سنضطر إلى دفع فاتورة ترتفع او تهبط حسب القوة عند الطرفين.

القوة ومن يملك القوة ومن يستطيع توظيف هذه القوة للحصول على حقوقه ، وأحيانا للحصول على حقوق الأخرين وسرقة مقدراتهم وأموالهم وووو وتطول القائمة جدا، ولذلك كان إعداد القوة وفهم أسبابها هو مسعى من جميع الأطراف، والكل يعمل على زيادة قوته وتعظيم أثرها لتحقيق مفهوم الردع عند الأخر، وهذا المفهوم ينطبق بين الحاكم والشعب، وبين الدول وبين التحالفات، وحتى بين الزوج وزوجته إذا لم يكن الحب موجودا. ولذلك تنخرط الحكومات في مواجهات دائمة مع القضايا العاجلة وفي محاولة دائمة لتفكيك هذه المشاكل والسيطرة عليها، وعندها تظهر الكثير من المشكلات الجانبية التي تحتاج إلى الحكمة والقدرة على إدراة الملف مع هذه الشعوب المتحفزة، طبعا الشعب لا يرى إلا من زاوية محدودة متعلقة بالتكلفة والمنفعة المتحققة، ولكن الحكومات عليها أن تضع الأمر في جملة كبيرة من التوزنات، فمن السهل على المواطن مقاطعة هذا السوبرماركت او تلك البضاعة، ولكن الدول لا تستطيع إعلان المقاطعة على بعضها، خاصة إذا كان هناك ملفات عالقة بينها، والشعب لا يريد أن يفهم طبيعة هذه العلاقات ويحمل الحكومات تبعات هذه القرارات.

يقول كسنجر " العالم مليء بقوى متعارضة والحكمة الإنسانية تتوصل غالبا لمنع المنازعات من التحول إلى قتال مميت. ليس لدى الزعماء وقت كاف للتفكير، هم في عراك دائم من حيث العاجل له دوما أفضلية على المهم، دخلت على ماو تسي تونغ فوجدت الكتب في كل مكان يقرأ هذه وتلك، وكانت صحته لا تساعده في كثير من الأحيان، قال ماو "صحتي لا بأس بها، إن الله افتقدني بدعوة " قلت مهما يكن من أمر، فقد بدا غير لائق، بزعيم أكبر أمة ملحدة في العالم، وأكبر مادي جدلي، إن يستعين بالعناية الآلهية. كان ماو يعلم جيدا أن التزلف والتهليل وقتي، وكون المتملقون موجودين بين طبقات الناس، فهم غير أهل بالثقة، قال لي الشعوب تنسى كما نسيت امبراطورها المشاغب كين، فابقى الشعب في ثورة دائمة. ويقول إن التاريخ لا يعرف وقت للراحة ولا التوازن، ورجل الدولة يتصرف بحدود قيادية بين الصدفة والحقيقة، وخياراته هي التي تصنع الأهداف لأمته".

نعم قرارت الساسة مرتبطة بالكثير من المتعلقات ، وهو قد يذهب يريد إرضاء الشعب فيحصل على سخطهم ، وقد يأخذ قرارا يريد به رفع الضنك عنهم فيحصل العكس ، والساسة محكمون بمدى صوابية المعلومة التي يمتلكونها ، ومدى قوة وقدرة الدولة على التحمل ، وعليه أن يضع مصلحة الشعب بين عينيه وإلا كانت الخسائر كبيرة ، فالشعب الساخط لا يرى المحاسن ولا يدرك الإيجابيات ، ولا يرى إلا المساوىء .

وعندها يقف الحكيم حيران ، فقد كان يقدر على الكلام والإصلاح قبل اليوم ، أما اليوم فلا مجال إلا للمراقبة .