Authors

تكدُّس التنمية في عمّان، هل نحتاج لإجراءات سريعة؟

{clean_title}
Alanbatnews -

حاتم النعيمات

 

في معظم دول العالم، تكون العاصمة صاحبة الحصة الأكبر في مستوى التنمية، وبالتالي من الطبيعي أن تكون هناك فجوة بين العاصمة والمناطق الأخرى. لكن، اتساع هذه الفجوة سيخلق اختلالاً كبيرًا يؤدي إلى هجرات وأضرار كبيرة في قطاعات متعددة في المناطق وخارجها، بالإضافة إلى الضغط على الخدمات والبنية التحتية في العاصمة.

 

الأردن يُعاني من هذه المشكلة، والمؤشرات على ذلك واضحة من خلال استيعاب عمّان لما يقارب أربعة ملايين وثمانمئة ألف نسمة، بما نسبته 42٪ من السكان (وفقًا لنشرة دائرة الإحصاءات العامة المقدّرة حتى نهاية عام 2023). وهذا رقم كبير بالنسبة لدولة تبلغ مساحتها 89 ألف كيلومتر مربع. ولو قارنا نسبة سكان العواصم في دول العالم، لوجدنا أن النسبة في الأردن مرتفعة.

 

هذه الفجوة تتسارع في التضخم، وكلما اتسعت، ازدادت الهجرات، وتكدست التنمية في العاصمة. لذلك، فإن عامل الوقت في التعامل مع هذا الوضع مهم جدًا وحاسم.

 

إن أهم ما يمكن فعله كإجراء أولي هو تحسين شبكة النقل بين العاصمة والمحافظات، وتقليل كُلف النقل من وإلى العاصمة. هذا الإجراء سيعمل على توزيع التنمية خارج العاصمة في جميع الاتجاهات. فأهالي المحافظات الذين يريدون العمل في عمّان لن يكونوا مجبرين، في حال توفرت شبكة نقل جيدة، على السكن هناك. ونتيجة لذلك، سيقل الضغط على الخدمات في العاصمة. ببساطة، ستستفيد عمّان من القوى البشرية، وستستفيد المحافظات من الدخل الناتج عن الوظائف والأعمال. وأعتقد أن تقليص الفجوة التنموية سيجعل الحركة بين المحافظات والعاصمة أكثر نشاطًا، مما يتيح للشركات المختصة بأنظمة النقل فرصًا جيدة في تنفيذ مشاريعها والحصول على أرباح جيدة.

 

الإجراء الأولي الآخر يتمثل في تعزيز الإدارات المحلية في المحافظات من خلال زيادة صلاحياتها فيما يخص البنية التحتية والإدارة المحلية، وتحويلها إلى مؤسسات إدارية شاملة. هذا الإجراء يساعد في جذب الاستثمارات نحو المحافظات، ويؤدي أيضًا إلى إضافة تنمية جديدة في مناطق خارج العاصمة يقلل الفجوة ويخفف التشوُّه.

 

هذه الإجراءات، من وجهة نظري، ستفضي إلى نمو اقتصادي يخفف من معدلات البطالة والفقر، ويعزز البيئة الاستثمارية على نطاق أوسع داخل المملكة. خصوصًا إذا تزامن هذا العمل مع حلول لمشكلة اللجوء -ضمن الأطر الإنسانية- التي أرهقت البنية التحتية وساهمت بشكل كبير في تكدس التنمية في العاصمة بشكل غير طبيعي.

 

إن اضطرابات المحيط تحتاج إلى حلول سريعة وجذرية لترسيخ المنجز الأردني وتثبيت الاستقرار الذي أرسيناه على مدار 103 أعوام. إن الاقتصاد التنمية والإدارة تشكل العوامل الأهم في تعزيز العلاقة بين الدولة والمواطن هذه العلاقة التي تعتبر صمام الأمان في مواجهة احتمالات المنطقة.