Authors

أحمد الضرابعة يكتب .. الأردن وغزة: بين الدعم الإنساني والتحرك السياسي

{clean_title}
Alanbatnews -

أحمد الضرابعة

 

يبرز حضور الأردن في المشهد الغزي بوضوح، من خلال دوره الإنساني المتميز منذ الأيام الأولى للحرب المستمرة على قطاع غزة، حيث تتراكم جهوده الإغاثية والطبية لخدمة الفلسطينيين بمختلف الوسائل المتاحة، مثل الإنزالات الجوية أو القوافل الإغاثية، والمستشفيات الميدانية، والتي يبحث عن وسائل غيرها أكثر فاعلية، لضمان توسّع قاعدة المستفيدين من خدماته، وهو ما تمت ترجمته قبل يومين، بتجهيز مخبز متنقل بقدرات إنتاجية كبيرة، وإرساله إلى غزة لتعويض نقص المخابز هناك، ومن المتوقع أن يتبعه المزيد من المبادرات النوعية.

 

إن استجابة الأردن للحرب المستمرة على قطاع غزة لم تكن جزئية، وهي تتجاوز بكثير الجوانب الإنسانية الضرورية لتشمل الأبعاد السياسية والدبلوماسية، حيث تتواصل تحركات الأردن المكثفة على المستويين الإقليمي والدولي لوقف الحرب وحماية المدنيين وتطبيق حل الدولتين للقضية الفلسطينية، وربما تكون الدبلوماسية الأردنية هي الأنشط عربيًا، ولكنها تخوض مواجهة غير متكافئة مع نظيرتها الإسرائيلية التي ترعاها الولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي فإن على الأردن أن يعمل على تفعيل الدور القومي للنظام الرسمي العربي، والمساهمة في توليد إرادة سياسية عربية جماعية يمكنها مواجهة حكومة التطرف الإسرائيلية، وملء الفراغ الذي تستغله إسرائيل، وغيرها من القوى الإقليمية لتنفيذ مشاريعها، وهذه مصلحة أردنية مثلما هي مصلحة فلسطينية، فاستمرار الحرب لا يعمّق الأزمة الإنسانية في غزة فحسب، وإنما يهدد بنقلها إلى الضفة الغربية، وهو ما يمكن له أن يهدد أمن الأردن واستقراره بنمو فُرص التهجير، وتضاعف التأثيرات السلبية على الاقتصاد الأردني، وزيادة سخط الرأي العام المحلي الذي يتأثر بتدفق المعلومات الهائل، وهذا تكتيك تستخدمه جهات إعلامية لتنفيذ أجندة سياسية محددة، ولذا، فإن الحكومة الأردنية مدعوّة أيضًا للتخطيط لإدارة الرأي العام وعدم تركه عُرضة للحملات الإعلامية غير المنضبطة.

 

يشكل الدعم الإنساني للغزيين أداة من الأدوات الناعمة التي تستخدمها الأردن لتخفيف معاناتهم، ولكنها قد تصبح غير فعالة مع تسلّم الجمهوريين مقاليد الحكم في واشنطن، حيث ستصبح المواجهة مع السياسات الإسرائيلية - الأميركية أكثر خشونة، وقد يكون الحسم بالقوة، هو العنوان الأبرز للمرحلة المقبلة، وبالتالي، لا بد من الاستعداد لتكييف سياساتنا وفقًا للمتغيرات الإقليمية والدولية المقبلة.