International

امير الكويت يرعى دورة عبد العزيز البابطين تخليدا لإرثه الشعري الثقافي

{clean_title}
Alanbatnews -

وزير الثقافة والإعلام الكويتي: الثقافة هي الروح التي تحيي الأمم، والجسر الذي يعبر بنا نحو مستقبل زاخر بالتسامح والتعايش والمحبة

سعود البابطين: هذه الدورة تأتي احتفاءً بالشعر، فن العرب الأول على مر العصور، وتكريماً للمبدعين والفائزين مِنَ الشعراءِ والنقاد

نقاد يلقون الضوء على تجربة عبد العزيز البابطين: تميز فى وضوح الهدف

كرمّت «مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية»، امس الفائزين بجوائز الدورة الـ19 للجائزة، مع انطلاق هذه الدورة التي حملت اسم مؤسس وراعي الجائزة الراحل عبد العزيز سعود البابطين، تخليداً لإرثه الشعري والثقافي.

وأُقيم الاحتفال الذي رعاه أمير الكويت، الشيخ مشعل الأحمد الصباح، في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، بحضور (ممثل أمير البلاد) وزير الإعلام والثقافة وزير الدولة لشؤون الشباب عبد الرحمن المطيري، ومشاركة واسعة من الأدباء والمثقفين والسياسيين والدبلوماسيين وأصحاب الفكر من مختلف أنحاء العالم العربي، كما حضر الحفل أعضاء المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب

وقال وزير الثقافة والإعلام الكويتي، عبد الرحمن المطيري، في كلمته، إن هذا الملتقى «الذي يحمل في طياته عبق الشعر وأريج الكلمة، ليس مجرد احتفالية عابرة، بل هو تأكيد على أن الثقافة هي الروح التي تحيي الأمم، والجسر الذي يعبر بنا نحو مستقبل زاخر بالتسامح والتعايش والمحبة».

وأضاف: «إن لقاءنا اليوم ليس فقط تكريماً لمن أبدعوا الكلمة وشيَّدوا صروح الأدب، بل هو أيضاً دعوة لاستلهام الإرث الثقافي الكبير الذي تركه لنا الشاعر الراحل عبد العزيز سعود البابطين (رحمه الله)، والذي كان، وسيبقى، قامة ثقافية جمعت بين جمال الكلمة وسمو الرسالة... رسالة تُعبِّر عن القيم التي تجمع بين الحضارات. ومن هنا جاءت مبادراته الرائدة، التي عرَّف من خلالها الشرقَ بالشعر العربي، وقدَّم للغرب بُعدَه الإنساني، جاعلاً من الشعر جسراً يربط القلوب، ومفتاحاً للحوار بين الثقافات».

في حين قال رئيس مجلس أمناء «مؤسسة البابطين الثقافية»، سعود البابطين، إن هذه الدورة تأتي احتفاءً «بالشعر، فن العرب الأول على مر العصور، وتكريماً للمبدعين والفائزين مِنَ الشعراءِ والنقاد، ووفاءً ومحبة لشاعر هذه الدورة (عبد العزيز البابطين) الذي أخلص في رعاية الشعر العربي وخدمة الثقافة العربية بصدق ودأب وتفانٍ طيلة عمره كله، بلا ملل ولا كلل».

وفي خطوة لافتة، قدَّم رئيس مجلس الأمناء، أمين عام المؤسسة السابق، الكاتب عبد العزيز السريع، الذي رافق مؤسس الجائزة منذ نشأتها، ليتحدث عن ذكرياته مع راعي الجائزة الراحل، والخطوات التي قطعها في تذليل العقبات أمام إنشاء المؤسسة التي ترعى التراث الشعري العربي، وتعمل فيما بعد على بناء جسور التواصل بين الثقافات والحضارات.

وأعلن البابطين، في ختام كلمته عن مضاعفة القيمة المالية للجوائز ابتداءً من هذه الدورة، وفي الدورات المقبلة لـ«جائزة عبد العزيز البابطين».

ونيابة عن الفائزين، تحدَّث الأديب والشاعر الكويتي الدكتور خليفة الوقيان، مشيداً بـ«جهود (مؤسسة البابطين الثقافية) في دعمها اللامحدود للفعل والنشاط الثقافي داخل وخارج الكويت».

وأضاف: «في هذا المحفل الثقافي البهيج، يمرُّ في الذاكرة شريط لقاءات تمَّت منذ 3 عقود، كان فيها الفقيد العزيز الصديق عبد العزيز البابطين يحمل دائماً هَمّ تراجع الاهتمام بالشعر، ويضع اللَّبِنات الأولى لإقامة مؤسسة تُعنى بكل ما من شأنه خدمة ذلك الفن العظيم، ثم ينتقل عمل المؤسسة إلى الأفق الدولي، من خلال ما يُعنى بقضية حوار الثقافات والحضارات».

وألقى الشاعر رجا القحطاني قصيدة عنوانها «إشعاع الكويت»، من أشعار الراحل عبد العزيز البابطين.

يُذكر أن فعاليات الدورة الـ19 مستمرة على مدى 3 أيام، بدءاً من مساء الأحد 15 ديسمبر (كانون الأول) إلى مساء الثلاثاء 17 ديسمبر الحالي. وتقدِّم الدورة على مسرح مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي 5 جلسات أدبية، تبدأ بجلسة بعنوان «عبد العزيز البابطين... رؤى وشهادات»، تليها 4 جلسات أدبية يعرض المختصون من خلالها 8 أبحاث عن الشاعر عبد العزيز سعود البابطين المحتَفَى به، و3 أمسيات شعرية ينشد فيها 27 شاعراً.

نقاد يلقون الضوء على تجربة عبد العزيز البابطين: تميز فى وضوح الهدف

وقال الناقد الكبير الدكتور أحمد درويش، إن الثقافة سمة حضارية، فلم توهب كل الشعوب على مدى تاريخها هذه السمة، فهناك شعوب مثقفة وأخرى غير مثقفة، وألقى درويش الضوء على ماهية صاحب المشروع الثقافي الذي قد يكون نفسه مبدعًا متفانيًا في الإبداع في جزئيته التي اختارها.

وأوضح درويش خلال الحديث عن " خدمة اللغة العربية وتفعيل الحركة الشعرية وحفظ تراثها في مشروع عبدالعزيز سعود البابطين الثقافي"، أن دور البعد الزماني في إنضاج المشروع الثقافي عند عبدالعزيز سعود البابطين الذي اتسم بميزتين هما: وضوح الهدف ومرونة الأداء، ثم تناول البحث الفائدة الثقافية التي يقدمها المشروع الثقافي عند عبدالعزيز سعود البابطين، ولعل أهمها تجربة تعريب جمهورية جزر القمر.

وأشار بحث درويش إلى التشابه بين منهج الفرانكوفونية الذي طرحه الجنرال ديجول والمنهج الذي طرحه عبدالعزيز البابطين، وتطرق البحث أيضًا إلى فكرة إصدار معاجم البابطين التي تعد من الملامح المهمة في المشروع الثقافي لعبدالعزيز سعود البابطين.

وتحدث الناقد الدكتور عبد الرحمن طنكول، والذي رصد "مشروع عبدالعزيز سعود البابطين الفكري في ضوء الدراسات الثقافية وطروحات ما بعد الحداثة"، عن ملامح التقاطع بين الرؤية الفكرية لعبدالعزيز البابطين، وبين ما تقول به الدراسات الثقافية، مشيرًا إلى إن مجايلة ومعاشرة عبدالعزيز البابطين لأجيال عدة فجَّرت عنده طاقة هائلة لاستيعاب الأفكار الجديدة وبلورتها في قوالب منسجمة مع قناعاته ورؤاه؛ وذكر طنكول أن الشعر هو الشكل الأسمى للفكر، فلا قيمة للفكر بدون خيال، ولا قيمة للشعر بدون عقل، لذلك يحق لنا أن نطلق على عبدالعزيز البابطين بالشاعر المفكر.

ثم تناول طنكول العديد من الآراء الحديثة عن الشعر التي توضح أنه لا يمكن النظر إلى المنجز الشعري كمجرد شعر عادي؛ بل هو خطاب مؤسس لفكر مغاير، ومنهم على سبيل المثال هولدرلين ونوفاليس، كما أوضح طنكول أيضًا تواشج الشعر بالفكر عند عبدالعزيز البابطين من جهة استبطانه لجوهر الأشياء مثل: الأمكنة والذكريات ورياح الشوق ومن جهة أخرى في استحضاره لوقع صداها وأثرها في النفس والوجدان.

وخلص طنكول بحثه إلى أن المنجز الشعري والفكري عند عبدالعزيز البابطين بينهما تفاعل خلَّاق، فميوله للشعر ليس اعتباطيًّا، وإنما يعود - مما لا شك - لنشأة الشاعر وتربيته، وحرصه على بقاء الشعر كضرورة أنطولوجية، مؤكدًا أن الشعر عند الشاعر عبدالعزيز البابطين متصل بفكره ورؤاه وطروحاته حول واقع ومستقبل الإنسانية.

"الحوار مع الآخر والاستثمار الثقافي في تجربة عبدالعزيز البابطين"

أما الجلسة الرابعة والأخيرة في سلسلة الجلسات فتناولت بالبحث موضوع " الحوار مع الآخر في مشروع عبدالعزيز البابطين الثقافي "، واستحضر فيها الدكتور محمد الرميحي من الكويت "شخصية الشاعر عبدالعزيز البابطين المتعددة الزوايا والاهتمامات والذي أعطى وطنه وإقليمه وعروبته وإسلامه الكثير مما لا يستطيع أحد أن يسطّره.

يتحدّث الدكتور الرميحي في ورقته عن شخصية الشاعر عبدالعزيز البابطين المتعددة الزوايا والاهتمامات والذي أعطى وطنه وإقليمه وعروبته وإسلامه الكثير مما لا يستطيع أحد أن يسطّره.

وذكر الرميحي أن الشاعر الراحل عبدالعزيز البابطين على المستوى الشخصي، كان رجلًا حييًّا لا يرغب أن يسمع المديح لنفسه، متواضعًا دون تصنع، محبًّا للخير دون إعلان، متواصلًا مع الناس دون تفرقه، محبًّا لوطنه دون افتخار، عاملًا للخير دون منه، عصاميًّا دون ادِّعاء، محبًّا لعروبته وإسلامه دون تعصب، كانت له علاقات واتصالات عديدة برجال الدولة الكثر على المستوى العربي والاقليمي والدولي.وأشار الرميحي إلى أن جهود البابطين في موضوع الحوار مع الآخر هي جهود تستحق أن تُدَّرس.

بينما تناولت الناقدة الدكتورة منى المالكي، "الاستثمار الثقافي في تجربة عبدالعزيز سعود البابطين "، مستعرضه أبرز ملامح الاستثمار الثقافي في حياة الشاعر الراحل عبدالعزيز سعود البابطين، ومنها إنشاء مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية، وذلك لدعم الثقافة العربية بشكل عام والشعر العربي بشكل خاص، للشعراء والنقاد البارزين من خلال جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري تحفيزًا لهم على الاستمرار في الأعمال الأدبية.

وأوضحت المالكي استثمار عبدالعزيز البابطين في دعم التعليم الثقافي من خلال المنح والبعثات الدراسية، ولعل من أبرز ملامح الاستثمار الثقافي أيضًا مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي، ومركز البابطين للترجمة، ومبادرات الحوار الثقافي والحضاري.وألقت المالكي الضوء على استثمار البابطين الثقافي في المحافظة على التراث العربي القديم من ناحية فنياته وقيمه وأفكاره، مؤكدةً حرص البابطين على إحياء هذه القيم الفنية التراثية من خلال مؤسسته ومبادراته، مضيفة إن للشعر دورًا بارزًا في حياة عبدالعزيز البابطين، فلم يكن الشعر مجرد هواية، بل شَكَّل جانبًا مهمًّا من هويته الثقافية والفكرية، فمن خلال الشعر وجد البابطين وسيلة للتعبير عن قضاياه ليصبح - إن صح التعبير - سفيرًا للثقافة العربية والشعر العربي على مستوى دولي، لذلك يحق القول: إن هدف الاستثمار الثقافي عند عبدالعزيز البابطين يكمن في تحقيق السلام بين شعوب العالم."